تبون يعرب عن غضبه من تصريحات ماكرون.. وخبير: الأزمة تتفاقم والعلاقات متوترة

تسببت تصريحات كاميرون في أزمة بين الجزائر وفرنسا

تبون يعرب عن غضبه من تصريحات ماكرون.. وخبير: الأزمة تتفاقم والعلاقات متوترة
تبون وماكرون

شهدت العلاقات بين فرنسا والجزائر سلسلة من الخلافات بشأن مسألة التأشيرات وذاكرة الوطنية، بالإضافة إلى العقود الاقتصادية والسياسية الفرنسية بشأن قضية الصحراء، لكن هذه الأزمة بين البلدين هي الأخطر، وذلك بعد مرور نحو 60 عاما على انتهاء حرب الاستقلال بين البلدين.

غضب جزائري 

وخرج الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون،  في تصريحات له غاضبًا ، ووصف أن ما صرح به الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خطير جداً، حيث شكك في تاريخ وجود الأمة الجزائرية قبل الاستعمار الفرنسي.

وقال تبون، خلال مقابلة أجراها مع أسبوعية دير شبيغل الألمانية: "لا نقبل المساس بتاريخ شعب ولن نسمح بأن يهان الجزائريون، مشيراً إلى أن ماكرون تسبب بضرر كبير في العلاقات بين البلدين، كما أنه تعمد الإساءة للجزائر في لقاء جمعه بأحفاد وأبناء الحركي والأقدام السوداء، خلال اجتماعه مع مجموعة من الشباب بالتواطؤ مع صحيفة "لوموند".

وذكر تبون أن المرحلة التي وصلت إليها العلاقة بين الجزائر وفرنسا تعتبر الأخطر منذ 15 عامًا، حيث تشهد برودة في التعامل، مؤكدا أنه لن يكون أول من يتخذ الخطوة للصلح وإلا فسأخسر كل الجزائريين. إنها مشكلة وطنية وليست مشكلة رئيس الجمهورية".

استدعاء السفير الجزائري

ومؤخرا عقب تلك التصريحات قررت الجزائر استدعاء سفيرها بفرنسا للتشاور وحظرت تحليق الطائرات الفرنسية في الأجواء الجزائرية في إطار عملية "برخان" في الساحل.

تفاصيل الخلافات 

الدكتور حسن أبو طالب، الخبير المتخصص في الشؤون العربية، علق بأن أقل وصف يمكن أن توصف به الآن العلاقات الجزائرية الفرنسية أنها معقدة وبها الكثير من عوامل الفتور والتوتر والأزمة.

وأضاف في أحد مقالاته أن تجليات الأزمة عديدة؛ تصريحات للرئيس ماكرون حول حقيقة وجود أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي، يتبعها استدعاء السفير الجزائري للتشاور وقرار بحظر الطيران العسكري الفرنسي في الأجواء الجزائرية.

وتابع أن من الأزمات أيضاً لقاء للرئيس الفرنسي مع مجموعة من الجزائريين المقيمين في فرنسا أحفاد «الحراكيين» الذين تعاونوا مع الاحتلال الفرنسي وممثلين للجزائريين الحاملين للجنسية الفرنسية قيل إنه بغرض فكّ ألغاز «مصالحة الذاكرة» بين فرنسا والجزائر، يشهد تفسيراً للرئيس ماكرون حول قيود تحيط بالرئيس تبون تعوق السير في ملف تلك المصالحة، والتي يعول عليها الرئيس ماكرون كجزء من قناعاته بشأن تفكيك الألغام التي يراها تعوق تطوير العلاقات مع الجزائر، وإذا برد فعل جزائري رسمي وشعبي غاضب جداً، يرفض تلك التصريحات وما فيها من دلالات ومعانٍ.

ولفت إلى أن أزمات أخرى تتعلق بخلافات حول رفض استقبال الجزائر، لجزائريين يصل عددهم إلى ثمانية آلاف شخص، تعتبرهم فرنسا قيد الترحيل باعتبارهم مقيمين غير قانونيين ولكنهم بلا وثائق سفر، وترفض القنصلية الجزائرية في باريس منحهم تلك الوثائق، وتطلب فحص كل حالة أولاً قبل السماح لهم بدخول الجزائر، وهو ما ترد عليه باريس بخفض التأشيرات الممنوحة للجزائريين، لا سيما من ذوي الصلة بالحكومة، حسب تصريحات الرئيس ماكرون.

غضب جزائري 

وأوضح في هذا السياق ثمة حالة غضب جزائرية كبرى تظهر في الإعلام وفى البيانات الرسمية للمؤسسات وفي تغريدات جزائريين عاديين وناشطين، تترسخ فيها حالة اقتناع عام بأن البلاد مستهدفة بقوة، وما يجري مع فرنسا لا ينفصل عن حالة قطع العلاقات مع الجارة المغرب، وأنه ضغط على البلاد لتغيير مواقفها القومية المتعلقة بالقضية الفلسطينية ومقاومة التمدد الإسرائيلي في المنطقة. وهو ما أشار إليه صراحة بيان لرئيس الأركان الجزائري سعيد شنقريحة، معتبراً أن كل هذه الضغوط سوف تنكسر على صخرة الجزائر القوية ذات السيادة.

إعادة السياسات الخارجية 

ولفت أنه في الوقت ذاته، تنادي قوى سياسية وأحزاب بأن تعيد الجزائر صياغة سياستها الخارجية على نحو قد يصل إلى حد قطع العلاقات مع فرنسا، أو وضعها في أضيق إطار ممكن، والمنادون بهذا الرأي يستندون إلى الضربات التي وُجهت إلى فرنسا مؤخراً من الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا، وأظهرت مدى ضعفها دولياً، إضافة إلى انسحابها التدريجي من مواجهة الإرهاب في منطقة الساحل والصحراء، فضلاً عن تراجع الاستثمارات الفرنسية في العديد من القطاعات الاقتصادية الحيوية كالطاقة المتجددة والمياه، مقابل زيادة كبيرة للاستثمارات التركية، التي تجاوزت خمسة مليارات دولار في السنوات القليلة الماضية، دون أي شروط سياسية، على حد وصف الرئيس تبون، في حوار له مع جريدة "لوبوان" الفرنسية مايو الماضي.