توصيات بلا ضمانات.. هل تصمد خطة الأمم المتحدة أمام الانقسام الليبي؟

توصيات بلا ضمانات.. هل تصمد خطة الأمم المتحدة أمام الانقسام الليبي؟

توصيات بلا ضمانات.. هل تصمد خطة الأمم المتحدة أمام الانقسام الليبي؟
ليبيا

بعد أكثر من عقد من الصراع والانقسام السياسي، ووسط حالة من الجمود المؤسساتي، اختتمت جولة جديدة من المشاورات الأممية في ليبيا، ركزت على وضع القوانين الانتخابية. 

المشاورات التي جمعت لجنة استشارية ليبية مختارة بموجب قرار صادر عن مجلس الأمن، تأتي في سياق محاولة لإعادة بعث مسار سياسي متوقف، إلا أن المخرجات حتى الآن ما زالت تدور في فلك التوصيات غير الملزمة.

اللجنة التي ضمت عشرين شخصية من ذوي الخبرة القانونية والدستورية، عقدت اجتماعات متفرقة في طرابلس وبنغازي، وجرت خلالها لقاءات مع ممثلين عن لجنة 6+6 والمفوضية العليا للانتخابات، إلى جانب فعاليات مدنية. 

وبحسب البعثة الأممية، توصلت اللجنة إلى حزمة من التوصيات لمعالجة النقاط الخلافية، لكن دون الإعلان عن توافق رسمي أو خطة تنفيذية واضحة.

غياب خارطة الطريق

في الوقت الذي كانت فيه الآمال معلقة على هذه المشاورات لتحقيق اختراق سياسي، بدا واضحًا أن النتائج لا ترتقي إلى مستوى "اتفاق ملزم" أو خارطة طريق جديدة، ما يجعل العملية أشبه بمحاولة استكشافية لقياس ردود الأفعال الداخلية.

 فالمشاورات بالرغم من أهميتها من حيث الشكل لم تنقل الملف الانتخابي إلى مرحلة القرار السياسي، وهو ما يزيد من الغموض حول إمكانية تطبيق أي من التوصيات المطروحة.

التوصيات التي لم يكشف عن مضمونها الكامل حتى الآن، وصفت بأنها تسعى لمعالجة القضايا القانونية والفنية التي تعرقل تنظيم الانتخابات، لكنها تفتقر إلى الضمانات اللازمة لضمان احترامها من جميع الأطراف، خاصة في ظل التنازع الحاد على الشرعية بين الشرق والغرب، وغياب سلطة تنفيذية موحدة قادرة على فرض تنفيذ الاتفاقات.

وبعثة الأمم المتحدة رأت في هذه التوصيات "مساهمة مهمة" نحو إجراء الانتخابات وتوحيد المؤسسات، معتبرة أنها خطوة ضرورية لإنهاء مرحلة الانتقالات السياسية المستمرة منذ 2011. 

لكن الوقائع الميدانية تشير أن النوايا الطيبة وحدها لا تكفي، في ظل غياب توافق داخلي شامل واصطفاف إقليمي ودولي خلف مسار سياسي موحد.

فالمشهد الليبي ما يزال مقسومًا بين حكومتين متنازعتين، في طرابلس وبنغازي، وكل منهما تمتلك حلفاء سياسيين وعسكريين إقليميين ودوليين. 

كما أن فشل محاولات سابقة مثل: "ملتقى الحوار السياسي" واتفاقات جنيف في إنتاج سلطة موحدة، يُلقي بظلال من الشك حول قدرة أي مشاورات غير ملزمة على خلق مسار انتقالي حقيقي.



طموحات وتحديات الموقف الليبي 

المشكلة لا تكمن فقط في صياغة قوانين انتخابية متوازنة، بل في تطبيقها على الأرض، وهو ما يتطلب توافقًا بين قوى متصارعة، لا تزال تستخدم النفوذ العسكري والإعلامي لإفشال بعضها البعض. 

كما أن مسألة مشاركة العسكريين، والترشح للرئاسة، وشكل النظام السياسي، ما زالت مواضيع خلافية لا يبدو أنها ستحسم بتوصيات لجان استشارية.

بينما يزداد تعقيد المشهد الليبي بفعل تدخلات خارجية تضعف من فرص الحل، فالدعم الإقليمي والدولي للأطراف المتصارعة ما يزال حاسمًا في توجيه المسارات، ولا يمكن لأي خطة أن تصمد دون توافق إقليمي يرفع اليد عن الأطراف المحلية ويدفعها نحو حلول وسط.

قال المحلل السياسي الليبي، حسين مفتاح: إن المشاورات الأخيرة التي أجرتها بعثة الأمم المتحدة مع اللجنة الاستشارية ليست سوى محاولة لإعادة تحريك المياه الراكدة، لكنها تفتقر إلى أدوات التنفيذ وضمانات الالتزام من الأطراف المتصارعة.

ويضيف مفتاح - في تصريحات خاصة للعرب مباشر-، إن الحديث عن توافقات فنية لا يمكن فصله عن التباينات السياسية العميقة، مشيرًا أن القوانين الانتخابية في ليبيا ما تزال رهينة الحسابات الشخصية والجهوية، وأن أي اتفاق لا يحظى برضا القوى المسلحة لن يرى النور.