تجنيس سياسي أم أمني؟ .. خرائط النفوذ داخل سوريا

تجنيس سياسي أم أمني؟ .. خرائط النفوذ داخل سوريا

تجنيس سياسي أم أمني؟ .. خرائط النفوذ داخل سوريا
سوريا

مع دخول سوريا مرحلة حساسة من إعادة بناء الدولة بعد سنوات الحرب، عاد ملف "تجنيس المقاتلين الأجانب" إلى الواجهة، كأحد أكثر القضايا إثارة للقلق داخل الأوساط السياسية والأمنية. 

قرار التجنيس الذي اتخذ في سنوات الصراع بدوافع احتوائية، بات اليوم عبئًا ثقيلا مع اشتراطات أمريكية واضحة تطالب دمشق بمواجهة التهديدات المسلحة كشرط لتخفيف العقوبات.

دمج المجنسين في المجتمع ومؤسسات الدول 

الحكومة السورية، التي كانت قد سعت إلى احتواء بعض الجماعات عبر منحهم الجنسية، تجد نفسها اليوم أمام مأزق مُكب، كيف يمكن دمج هؤلاء المجنسين في المجتمع ومؤسسات الدولة دون تفجير الأوضاع الأمنية أو إعادة إنتاج التطرف بوجه جديد.

المخاوف لم تعد محصورة في الأجهزة الأمنية فقط، بل باتت هاجسًا مجتمعيًا متزايدًا، خاصة في المناطق التي عانت من التواجد المسلح أو تم تهجير سكانها لصالح جماعات وافدة، حسبما أفادت وكالة "رويترز" في تقرير صادر لها. 

اختبارات مؤسساتية في خريطة نفوذ متداخلة

التحدي الأكبر اليوم هو كيفية التعامل مع خرائط النفوذ الجديدة، التي تشكلت خلال الحرب، وتوزعت بين جماعات محلية وأخرى وافدة، بعضها تم تجنيس أفراده لأسباب سياسية أو ميدانية. 

مؤسسات الدولة، وعلى رأسها الجيش والأمن، تواجه صعوبة متزايدة في الحفاظ على التماسك الداخلي، خصوصًا إذا ما تم دمج المجنسين في صفوفها دون ضوابط دقيقة.

 

ما بعد التجنيس.. الدولة أمام مسؤولية مضاعفة

في خضم هذه التحديات، تبدو الحاجة ملحة لوجود استراتيجية وطنية تعيد صياغة العلاقة بين الدولة والمجتمع من جهة، وبين الدولة والملف الأمني من جهة أخرى، تجنيس المقاتلين الأجانب، إذا لم يخضع لرقابة دقيقة وشروط واضحة، قد يتحول إلى حصان طروادة ينخر الجسم السوري من الداخل.

ويقول الباحث السياسي السوري، سلمان شيب: إن ملف التجنيس في السياق السوري لا يمكن فصله عن الحسابات السياسية والأمنية المعقدة التي رافقت سنوات الحرب، وإن تم تقديمه حينها كخطوة احتوائية بات اليوم قنبلة موقوتة تهدد الاستقرار الهش للدولة.

وأضاف شيب - في تصريحات خاصة لـ العرب مباشر-، أن الإدارة في دمشق مطالبة اليوم بإعادة تقييم عميقة للملف، ليس فقط من حيث البعد الأمني، بل أيضا من زاوية الانسجام المجتمعي، وأدماج عناصر أيديولوجية غير مندمجة في النسيج الوطني قد يخلق فجوات داخلية جديدة، خاصة في مناطق النفوذ الحساسة، والقلق الحقيقي ليس فقط في وجود المجنسين، بل في غياب الشفافية حول أعدادهم، هوياتهم، وأدوارهم بعد نهاية المعارك، بدون معالجة شاملة، سنكون أمام جيل جديد من الفوضى المقنعة بثوب الشرعية.