محلل سياسي فلسطيني: عيد الأضحى في غزة هذا العام عنوانه الجوع والدمار تحت الاحتلال
محلل سياسي فلسطيني: عيد الأضحى في غزة هذا العام عنوانه الجوع والدمار تحت الاحتلال

بينما يستعد العالم الإسلامي لاستقبال عيد الأضحى، تعيش غزة واحدة من أكثر لحظاتها مأساوية، مع استمرار العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ أكثر من ثمانية أشهر، والذي خلف آلاف الضحايا ومشاهد دمار ومجاعة تفوق الوصف.
في غزة، لا أضاحي هذا العام، ولا ملابس عيد، ولا مظاهر فرح. فالشوارع المدمرة، والمخيمات المؤقتة، وصراخ الأطفال الجائعين، رسمت صورة مختلفة للعيد، عيد يُستقبل تحت القصف والجوع والحصار. ووفقًا لتقارير منظمات إنسانية، فإن أكثر من 80% من سكان القطاع باتوا يواجهون خطر المجاعة، مع انعدام الغذاء والماء والدواء.
وفي مدينة رفح، التي تتعرض لحملة عسكرية إسرائيلية عنيفة منذ أسابيع، أفادت مصادر طبية بوقوع عشرات الشهداء والجرحى خلال اليومين الماضيين، بينهم أطفال ونساء، في وقت تواصل فيه قوات الاحتلال تدمير الأحياء السكنية واستهداف مراكز الإيواء، ما أدى إلى موجة نزوح جديدة وسط ظروف إنسانية كارثية.
أما في مدينة غزة والمناطق الوسطى، فتعجز العائلات عن توفير أدنى متطلبات الحياة، فيما تُسجّل حالات إغماء بين الأطفال وكبار السن بسبب الجوع والحرارة المرتفعة ونقص المياه النظيفة. وتضطر بعض العائلات لاستخدام الأعشاب أو الماء المغلي فقط لسدّ رمقها.
وبحسب تقارير صادرة عن وكالة "أونروا" ومنظمات حقوقية دولية، فإن عدد الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية حاد تجاوز 15 ألف طفل، وسط تحذيرات من "كارثة صحية شاملة" إذا لم يُسمح بإدخال المساعدات بشكل عاجل ودون شروط.
ومع حلول العيد، ناشدت وزارة الصحة في غزة المجتمع الدولي والمنظمات الإسلامية والعربية إلى التحرك الفوري لوقف "الإبادة البطيئة" التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، وفتح ممرات إنسانية آمنة لتوفير الغذاء والدواء.
ورغم هذا الواقع المأساوي، يتمسك الفلسطينيون في غزة بقدر من الصبر والصمود، حيث أقيمت صلاة العيد في بعض الساحات المدمرة وتحت الخيام، وسط دموع الأمهات وحناجر المكلومين، في رسالة تحدٍّ واضحة: أن غزة رغم الجراح، باقية.
أكد المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور طلال عوكل أن عيد الأضحى في غزة هذا العام يأتي في ظل كارثة إنسانية غير مسبوقة، عنوانها الجوع والتشريد والمجازر الإسرائيلية التي لم تتوقف منذ بدء الحرب في أكتوبر الماضي، محذرًا من أن الوضع في القطاع تجاوز كل الخطوط الحمراء.
وفي تصريحات لـ"العرب مباشر"، قال عوكل: "نتحدث عن عيد بلا طقوس، بلا أضاحي، بلا بهجة، بل عن عيد من تحت الأنقاض، حيث لا يزال مئات الآلاف من الفلسطينيين يفترشون الأرض ويعيشون في خيام أو ملاجئ، بينما تستمر آلة الحرب الإسرائيلية في حصد الأرواح".
وأوضح أن الاحتلال يستخدم سياسة "التجويع الجماعي" كسلاح استراتيجي لتركيع الشعب الفلسطيني في غزة، في خرق واضح للقانون الدولي الإنساني، مشيراً إلى أن "إسرائيل تمنع دخول المساعدات بشكل كافٍ، وتستهدف البنية التحتية، وتُبقي على حصار خانق يمنع حتى دخول الماء النظيف".
وأشار عوكل إلى أن العالم يشاهد ما يجري بصمت مخزٍ، رغم توثيق المجازر اليومية، وتسجيل حالات وفاة بسبب الجوع وسوء التغذية، خاصة في شمال القطاع، مضيفاً: "غزة اليوم تمثل اختبارًا حقيقيًا للضمير الإنساني العالمي، وفشله بات واضحًا أمام معاناة مليونَي إنسان".
وانتقد عوكل استمرار حالة العجز العربي والدولي عن فرض وقف فوري لإطلاق النار، داعياً إلى تحرك سياسي حقيقي يُنهي الحرب، ويضع حدًا لسياسات العقاب الجماعي، ويفتح الطريق أمام إعادة الإعمار، وضمان الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
وختم بالقول: "عيد الأضحى في غزة هذا العام هو عيد للشهداء والصامدين، هو مناسبة نُجدّد فيها تمسّكنا بالحياة رغم الدمار، ونُرسل من تحت الركام رسالة واضحة: لن تنكسر إرادتنا، ولن يُكسر حلمنا بالحرية".