دراسة أوروبية تكشف تهديد إيران لدول المنطقة بالصواريخ الباليستية

تهدد الصواريخ البالستية الإيرانية دول المنطقة

دراسة أوروبية تكشف تهديد إيران لدول المنطقة بالصواريخ الباليستية
صورة أرشيفية

تعد إيران أيضاً مركزاً رئيسياً لانتشار الأسلحة، حيث تزود الجماعات الوكيلة مثل حزب الله والنظام السوري بإمدادات ثابتة من الصواريخ، ومنذ العام 2015 عملت إيران على تزويد المتمردين الحوثيين في اليمن بصواريخ باليستية وصواريخ كروز متطورة بشكل متزايد، بالإضافة إلى طائرات بعيدة المدى بدون طيار، ضمن خططها التوسعية والإرهابية.

وفي الآونة الأخيرة، كانت إيران تزود الجماعات المسلحة الشيعية في العراق بالصواريخ وغيرها من المقذوفات الصغيرة لاستخدامها ضد المنشآت العسكرية والدبلوماسية العراقية والأميركية.

تقول دراسة للمركز الأوروبي لمكافحة الإرهاب: إنه لا تستطيع إيران الحصول على التقنيات العسكرية المتطورة، كما أنها لا تحظى بأي منظومة أمنية عالية المستوى، إضافة إلى ضعف إنفاقها العسكري، وقد أدت الأسباب السابقة إلى ضعف منظومة التسليح الإيراني على المستوى التقني والتشغيلي، وباتت معادلة الأمن لديها تعتمد بشكل رئيسي على امتلاك الردع بدلاً من القيام بحرب مباشرة.

في حين كان برنامج إيران النووي رادعا سلبيا، بمعنى أنه مصمم بالأساس كورقة للمساومة مع الغرب والقوى الدولية في مواجهة العقوبات المتتالية، تبقى الصواريخ هي خطة الردع الإيجابية الرئيسة للنظام الإيراني التي تمكنه من الانخراط بفاعلية في المسارح المختلفة، ومباشرة مصالحه دون خوف مباشر من الانتقام داخل إيران نفسها، وهو درس آخر تعلمته إيران من حربها مع العراق حول حدود قدرتها العسكرية التقليدية؛ ما دفعها للاستثمار لعقود ترسانة الصواريخ الباليستية وفي الميليشيات والوكلاء المحليين، كونه يمثل تهديدا مباشرا لأعدائها.

ترسانة باليستية قوية

خضع برنامج الصواريخ الإيراني على مدار العقدين الماضيين، إلى بعض التحسينات شملت توسيع مدى صواريخ إيران ودقتها، وتطوير صواريخ كروز وبناء منصات إطلاق متحركة وصوامع تحت الأرض حتى باتت تمتلك إيران أكبر قوة صاروخية وأكثرها تنوعاً في الشرق الأوسط، بأكثر من (10) أنواع من الصواريخ الباليستية في الخدمة أو قيد التطوير حسبما جاء في تقرير مفصل، أصدرته وزارة الخارجية الأميركية، في سبتمبر 2020.

فيما أوضح تقرير للمعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية (IISS) البريطاني صدر في أبريل 2021 أن هناك ما يقرب من (20) صاروخاً باليستياً مختلفاً لإيران -يعتمد العدد الدقيق على كيفية حساب المتغيرات- بالإضافة إلى صواريخ كروز والطائرات بدون طيار.

وبحسب تقرير المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية (IISS) البريطاني، يفيد هذا الانتشار إيران بعدة طرق: كمضاعف للقوة، وامتداد لقدرات الردع الإيرانية، وكوسيلة لاختبار الأنظمة والتكتيكات الميدانية، وكوسيلة لتنفيذ الهجمات بدرجة من الإنكار، وقد أدت جهود انتشار الصواريخ الإيرانية إلى عواقب مزعزعة للاستقرار في المنطقة. على سبيل المثال، غالبا ما يستهدف المتمردون الحوثيون المطارات والمنشآت النفطية في السعودية، أحد أكبر مصدري النفط في العالم.  وأشار التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن في 26 ديسمبر 2021، إلى أن جماعة الحوثي أطلقت (430) صاروخاً باليستياً و(851) طائرة مسيرة مسلحة على أراضي المملكة منذ بدء الحرب في عام 2015.

صواريخ إيران

وفي يناير 2022 استهدفت جماعة الحوثي بصواريخ وطائرات مسيرة مدينتي أبوظبي ودبي في الإمارات العربية لثلاث مرات على التوالي. وفي 25 مارس 2022 أعلن الحوثيون إطلاق دفعات من الصواريخ الباليستية والمجنحة وطائرات مسيرة على منشآت وأهداف حيوية في السعودية، كما سبق أن استهدفت مصفاة أرامكو ومواقع أخرى في العمق السعودي بطائرات مسيرة في 11 مارس 2022.

مواجهة التهديد

وضع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ستة قرارات رداً على الأنشطة النووية الحساسة لإيران، من بينها ثلاثة قرارات تفرض قيودا على أنشطة الصواريخ الباليستية الإيرانية المتعلقة بتسليم سلاح نووي والقيود المفروضة على عمليات نقل الأسلحة التقليدية الثقيلة إلى إيران.

كما لا يزال عدد من الأدوات أحادية الجانب الأميركية سارية لعرقلة انتشار الصواريخ الباليستية، بما في ذلك الأوامر التنفيذية، والمحظورات والعقوبات التشريعية؛ حيث  فرضت الولايات المتحدة عقوبات ضد أفراد ومؤسسات إيرانية، من بينها منظمة الابتكار والبحث الدفاعي الإيرانية التي لعبت دورا مركزيا في جهود الأسلحة النووية السابقة للنظام الإيراني، ووكالة الفضاء الإيرانية التي تطور تكنولوجيا مركبات إطلاق فضائية، ومركز أبحاث الفضاء الإيراني الذي طور صاروخ كافوشجار، وهو مركبة إطلاق فضائية تستند إلى صاروخ شهاب-3 الباليستي.

وعاقبت الولايات المتحدة أيضا شركة ماهان إير الإيرانية، وخطوط الشحن لجمهورية إيران الإسلامية (إريسل غروب)، وشركة تابعة لإريسل غروب، ومقرها الصين، وجميعها نقلت صواريخ محظورة من قِبل الأمم المتحدة إلى إيران. وفقاً لـ"الحرة" في 24 ديسمبر 2020.

آخر هذه العقوبات كان تصنيف الولايات المتحدة في 30 مارس 2022 خمسة أفراد وكيانات إيرانية على قائمة العقوبات بموجب الأمر التنفيذي (13382)، الذي يستهدف الأطراف التي تنشر أسلحة الدمار الشامل ووسائل إيصالها، بسبب تورّطهم في أنشطة إيران المتعلقة بالصواريخ الباليستية. وذلك في أعقاب الهجوم الصاروخي الأخير الذي شنته إيران على أربيل بالعراق، ناهيك عن تلك التي شنّها وكلاء إيران على المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

مخططات إيران 

وتؤكد الدراسة الصادرة عن المركز الأوروبي أن إيران تعمل على تطوير مجموعة من أنظمة الضربات الدقيقة المسلحة والتي تتراوح من الطائرات بدون طيار وصواريخ كروز، إلى أنظمة الصواريخ الباليستية طويلة المدى التي ستكون أكثر قدرة على الحركة ويسهل إيواؤها أو تفريقها، علاوة على ذلك، من الواضح أن بإمكان إيران أيضًا ممارسة نفوذ كبير على الحوثيين وحزب الله والحشد الشعبي العراقي لشن هجمات بالصواريخ التي تزودها بهذه القوات.

وتُعد الصواريخ الباليستية والميليشيات بالنسبة لإيران وجهين لعملة واحدة هي "الردع منخفض التكلفة" نسبيا، فتكاليف تطوير الترسانة الباليستية، وتمويل الميليشيات مهما بلغت لا تتناسب مع تكاليف تطوير القدرات العسكرية التقليدية التي تتطلب استثمارات لا يتحملها اقتصاد إيران المتهالك، بفرض أن العالم سوف يسمح لها بذلك.

وتابعت الدراسة: إنه قد تفتقر أنظمة الصواريخ الباليستية الحالية بإيران إلى مزيج من الدقة والفتك لضرب أهداف دقيقة، ولكن لا يزال لديها قيمة رادعة وتأثير سياسي، وتعزز التهديد المحتمل الذي يشكله الخطر المحتمل أن يكونوا مسلحين في نهاية المطاف بأسلحة الدمار الشامل.