عبدالحميد دبيبة.. رجل الصفقات السياسية وممثل تركيا الجديد في ليبيا

عبدالحميد دبيبة.. رجل الصفقات السياسية وممثل تركيا الجديد في ليبيا
عبدالحميد دبيبة

منذ الإعلان عن فوز قائمته، الجمعة الماضية، في جوان ملتقى الحوار الليبي بجنيف السويسرية، ليحصد منصب رئاسة الحكومة الليبية القادمة، احتد الجدل حول عبدالحميد دبيبة، خاصة بعد الكشف عن علاقاته القوية تجاه الإخوان والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ما أثار المخاوف بشأن مستقبل ليبيا.

نشأة دبيبة


ولد عبدالحميد دبيبة عام 1959، في مدينة مصراتة شرق طرابلس، وهي مدينة ساحلية تجارية، وعائلته من ضمن العائلات البارزة بها، حيث استفادت كثيرا من المشاريع الصناعية والاقتصادية التي جرت في أعقاب الفورة النفطية وارتفاع أسعار النفط خلال حكم نظام القذافي.

درس دبيبة تقنيات التخطيط والبناء في جامعة تورنتو الكندية، التي تخرج منها، ثم درس فيها درجة الماجستير في هذا التخصص.

التجارة والأعمال


وسرعان ما انخرط دبيبة في تلك الأعمال التجارية كباقي أفراد عائلته، وتحديدا قطاع البناء والمقاولات، حيث شارك في تدشين العديد من المشروعات بليبيا مع نجل عمه علي الدبيبة، إلا أنه توجد عدة ترجيحات بشبهات فساد واختلاس متعلقة بهم وثرواتهم.

وفي هذه الفترة برز دبيبة كرجل أعمال في مصراتة، حيث وصفه البعض وقتها بأنه مقرب من القذافي، حيث مكنه الرئيس الليبي السابق من عدة مناصب رسمية، منها إدارة الشركة الليبية للتنمية والاستثمار الحكومية، والإشراف على عدد من مشاريع البناء فيها؛ أبرزها بناء مشروع ألف مسكن في مدينة سرت، مسقط رأس القذافي.

كما ترأس جهاز تنمية وتطوير المراكز الإدارية، وهي هيئة استثمارية حكومية مكلفة بتحديث البنى التحتية للمؤسسات الليبية.

من التجارة للسياسة


عقب ثورة فبراير 2011، والإطاحة بنظام القذافي، حاول رجل الأعمال الليبي نفض تبعيته للعقيد الراحل وسارع بالانخراط في السياسة وكسب جلد جديد له لضمان بقائه في المشهد الليبي.

ورغم عدم خبرته السياسية، إلا أنه أسس حركة "ليبيا المستقبل" ذات الحضور المتواضع في الشارع السياسي، بينما استكمل نشاطه التجاري برئاسة مجلس إدارة الشركة الليبية للتنمية والاستثمار القابضة.

داعم تركيا والإخوان الجديد بليبيا


اشتهر عبدالحميد دبيبة عقب ثورة فبراير، بكونه مقربًا من الإخوان، وحليف أردوغان، حيث إنه في يناير 2020، كشفت تقارير عن توسيع أردوغان مخططاته للفساد في ليبيا من خلال اللعب على الانقسامات في البلاد، عبر التعاون مع أشخاص مثل رجل الأعمال المصراتي، ولأجل ذلك، حصل رجل الأعمال على حوالي 19 مليار دولار من عقود البناء الليبية لشركات تركية، من هيئات الدولة الليبية، التي تسيطر عليها عائلته.

وسبق أن أدرجه مجلس النواب الليبي في لائحة تضم العناصر والكيانات المتهمة بالإرهاب، باعتباره ممولا للكتائب المسلحة الموالية والتابعة لجماعة الإخوان المسلمين، في يونيو 2017.

كما وجهت له اتهامات في الجولة الأولى من ملتقى الحوار السياسي الذي عقد بتونس، بدفع رشاوى لشراء أصوات من خلال ابن عمه عضو الحوار علي الدبيبة، للحصول على منصب رئيس الحكومة.

رجل صفقات


فيما قالت صحيفة "لوموند" الفرنسية إن الدعم النشط من تركيا لدبيبة يثير شكوكا جادة وقلقا بين مراقبين دوليين، حيث نقلت عن دبلوماسي أوروبي قوله إن "دبيبة هو رجل القوات الأجنبية في ليبيا"، بينما قال دبلوماسي آخر إن "دبيبة لا يمكن تصنيفه أيديولوجيا، فأنا أصنفه فقط على أنه ملياردير، وأنه رجل معاملات وصفقات وترتيبات بين الأصدقاء".

وأضافت أن شخصية عبدالحميد دبيبة تثير الكثير من الحيرة والقلق، خاصة كونه من عشيرة عائلية لا تخفي طموحاتها السياسية، لذلك فاختياره كان مفاجئا.

 وتابعت أن المصالح التجارية لرئيس الوزراء الجديد تجعله قريبا للغاية من تركيا، ما يجعل وصفه بأنه الممثل لمؤسسات الدولة التركية الرئيسية المهتمة بالسوق في ليبيا، لذلك كانت أول مقابلة له مع الصحافة الأجنبية هي وكالة الأناضول التركية الرسمية.

أول تصريحات لتركيا


أثارت تلك المقابلة مع الأناضول جدلا ضخما، سواء للهيئة أو التصريحات، حيث تملق رئيس الحكومة الليبية الجديد لأنقرة بطريقة فجة، ووصفها بالدولة الصديقة رغم نشرها للفساد والإرهاب بالبلاد وتمزيقها، وهو ما أثار غضبا ليبيا ضخما تجاهه.

وقال دبيبة: إن مجلس وزرائه يلتزم بتضامن كبير مع تركيا التي وصفها بـ"الصديقة والحليفة والشقيقة"، مضيفًا: "لدينا تضامن كبير مع الدولة والشعب التركيين، تركيا حليفة وصديقة وشقيقة وعندها من الإمكانيات الكثيرة لمساعدة الليبيين في الوصول إلى أهدافهم الحقيقية. وتركيا تعتبر من الشركاء الحقيقيين لنا".

وادّعى دبيبة أن "تركيا فرضت وضعها ووجودها في العالم وليس في ليبيا فقط، وهي الدولة الوحيدة التي استطاع الليبيون الذهاب إليها بحرية خلال فترة الحرب، فهي فتحت مطاراتها ولم تغلق سفارتها في طرابلس، وأعتقد أن حرية التنقل سوف تنعكس على التعاون بين الشعبين في مجال الاقتصاد. ونأمل أن ننمي هذا التعاون ونرفع حجم التبادل التجاري إلى أعلى المستويات".

أردوغان يضمن حضوره


ولضمان تأثيره وحضوره بليبيا عقب الحكومة الجديدة، حرص أردوغان على تهنئة حليفه الأهم حاليا، بفوزه بمنصب رئيس الوزراء، مؤكدا أن تركيا ستواصل تقديم دعمها إلى ليبيا حتى الاستقرار من خلال الحفاظ على الوحدة السياسية وسيادة الأراضي.

وزعم أردوغان لدبيبة أن بلاده ستسهم في تحقيق السلام والأمن والازدهار لليبيين، حيث اشترط خروج قواته العسكرية من البلاد في حال خروج كل الأطراف الأجنبية أيضا منها.