رمضان بالعراق.. مواطنون يَعزِفون عن الأسواق نتيجة الفقر والوباء والحرب

رمضان بالعراق.. مواطنون يَعزِفون عن الأسواق نتيجة الفقر والوباء والحرب
صورة أرشيفية

طقوس عديدة لم يعد العراقيون قادرين على ممارستها في شهر رمضان الكريم، بسبب الفقر والحرب ومؤخرا تفشي وباء "كورونا" المستجد في البلاد، حيث تراجع تدريجياً الكثير من العادات والتقاليد التي تميز بها المجتمع العراقي عن غيره في العقود الماضية، خاصة مع اقتراب شهر رمضان.


ومن أشهر الطقوس العراقية التي لم يعد العراقيون قادرين على ممارستها "مسواك رمضان"، إذ تبدأ الأسرة بالتسوق للشهر قبل أيام عديدة بشراء كل شيء، من اللحم إلى البقوليات مروراً بالعصائر والمقبلات والحلويات انتهاءً بالملابس التي يرتدونها في هذا الشهر، فالرجل له الدشداشة والطاقية وكذلك الصبيان الذكور، والنساء لهن "النفنوف"، وهو الثوب الفضفاض وللصبايا مثله، ويطلق عليه في بعض المناطق العراقية أيضا الهاشمي ويكون خاصا بشهر رمضان دون غيره.


مرت العراق بعام صعب للغاية، بدأ بانطلاق التظاهرات على الأوضاع الاقتصادية المتردية في أكتوبر الماضي، مرورا بإتاحة أرضها ساحة للاقتتال والحرب بين القوات الأميركية والميليشيات الإيرانية، وأخيرا أزمة تفشي وباء "كورونا"، مما يجعل الأوضاع تتغير كثيراً عن أشهر رمضان السابقة.


حزن يخيم على البلاد


العراقيون أبدوا حزنهم من دخول رمضان على البلاد في الوضع الحالي، والذي يشهد ارتفاعا كبيرا في الأسعار وزيادة معدلات الفقر وقلة فرص العمل، وكذلك تراجع "مظاهر الفرح وفقدان الرغبة في الاحتفال بسبب المآسي التي مرت على البلاد وعدم وجود أمل بالتغيير وفقدان أحبة لهم كانوا بينهم ويزيدون الحياة راحة".


يقول محمد الشمري، مدرس، 42 عاما، إنه لم يذهب للتبضع  لرمضان هذا العام، نظرا لارتفاع الأسعار وكذلك لتأخير استلام راتبي الشهري، وهو حال أتقاسمه مع الكثير من العراقيين، بالإضافة إلى كون الراتب لا يكفي حتى لدفع إيجار البيت الذي يأويني وعائلتي.


وتابع لـ"العرب مباشر":" مع تفشي الوباء لم تعد الحكومة قادرة على توفير حصصنا التموينية التي لم تكن تكفينا من البداية، ولم تزودنا وزارة التجارة بما يتناسب وحجم العائدات النفطية لسد رمق المواطن، فارتفاع الأسعار وتجاهل وزارة التجارة لتزويدنا بما يكفي لمتطلبات هذا الشهر الفضيل يجعلنا غير قادرين".


أما فاطمة الكاظمي (35 عاما)، فعبرت عن أسفها أن رمضان يأتي وعشرات الأسر فقدت أبناءها وأشقاءها خلال التظاهرات الماضية، فضلاً عن أن كورونا يحرمهم من مساندة وتجمع بعضهم خلال هذه الأيام.


وتضيف لـ"العرب مباشر": "الميليشيات الإيرانية سرقت خير العراق وأرسلته إلى إيران، حتى أصبحنا نحن العراقيين لا نجد ما يكفي قوتنا ويومنا"، مشددة على أنها لم تستطع الذهاب للتسوق أو ممارسة "مسواك رمضان" لأن العراق لم يعد "العراق الذي يعرفونه".


ضعف القدرة الشرائية


يؤكد محمد القاسم، أنّ ضعف وجود سيولة نقدية في السوق لهذا العام أضعف من القدرة الشرائية للمواطن، مما أدى إلى غياب زينة رمضان عن شوارع بغداد بعد أن كانت العوائل البغدادية تتسابق في تزيين الشوارع العامة والأزقة، لكنها إلى يومنا هذا هي بلا زينة رمضان وكأني لست في بغداد.

بدوره، يوضح طارق ياور، وهو تاجر في سوق الشورجة، أن "الإقبال على التبضع ضعيف جداً، ويمكننا ملاحظة أنه بدأ بالانخفاض منذ 15 عاما، ولأسباب كثيرة، فالمواطن معرض لضغوط نفسية كثيرة: الإرهاب والرعب ونقص في الخدمات ومشاكل جمة، حتى صار من الصعب عليه أن يحافظ على عاداته وتقاليده التي تربى عليها".


"كورونا" يفاقم الأزمة 


وتسبب الحظر في ضرر كبير للقطاع الخاص، سيما أصحاب الأجر اليومي والدخل المحدود مثل سائقي التاكسي وعاملي البناء وموظفي الخدمات العامة والعاملين بالمطاعم والمجمعات التجارية والمهن الحرة المختلفة التي توقفت كليا في البلاد.


وكان المتحدث باسم وزارة التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي، قد أعلن في وقت سابق أن الشرائح الفقيرة في العراق تواجه ظروفا قاسية هذه الأيام جراء حظر التجوال المفروض بسبب فيروس "كورونا".

وأوضح أن نسبة الفقر في العراق 20% وتعادل 7 ملايين مواطن في عموم مدن البلاد. وأن حالات الفقر الشديد دفعت ببعض الفئات إلى التمرد على قرار حظر التجوال وعدم الاكتراث بمخاطر انتقال عدوى الفيروس.

ولفت إلى أن "السلطات ناقشت مجموعة من الإجراءات للتخفيف عن كاهل الفئات الفقيرة التي تمثل 20 في المائة من عدد السكان، لكنها غير قادرة حتى الآن على اتخاذ الخطوات العملية في هذا الاتجاه، نظراً للمشكلات الاقتصادية التي تعاني منها البلاد".