عبر تمدد الميليشيات... مساعي إيران للسيطرة على مقدرات العراق

تسعي إيران إلي السيطرة على العراق

عبر تمدد الميليشيات... مساعي إيران  للسيطرة على مقدرات العراق
صورة أرشيفية

جاء الاستعراض العسكري للميليشيات الموالية لإيران فى محافظة ديالي العراقية، اليوم السبت، متزامنًا مع هجمات مجهولة المصدر استهدفت مدينة أربيل عاصمة كردستان في شمال البلاد، الأمر الذي يجدد التساؤلات حول موقف هذه الميليشيات ومخططاتها في العراق. 


تشكيلات معارضة لحساب إيران


وبرز وجود الميليشيات على الساحة العراقية بالتزامن مع الاحتلال الأميركي للبلاد عام 2003م، إذ كانت هذه الميليشيات عبارة عن تشكيلات مرفوضة من العراقيين وتعمل لصالح إيران ضد العراق، تحت ستار المعارضة.


ومع انهيار الدولة العراقية بسبب الغزو الأميركي، التحفت هذه التشكيلات وقادتها بالعمل السياسي للهيمنة على زمام الأمور في العراق. وفي ذلك الوقت لم يكن دور الميليشيات واضحًا، بل كان الدور كله يتركز في قائد الميليشيا الذي يمارس دورًا سياسيًا، بهدف توطين هذه الميليشيات وتوسيع دائرتها المالية والعسكرية والسياسية شيئًا فشيئا.


عنف طائفي يمهد لظهور سلاح الميليشيا 


وفي الوقت الذي اتضحت فيه هذه السياسة الميليشياوية، وتزامنها مع العنف الطائفي الذي دعمته ميليشيا جيش المهدي عام 2006 – 2007، بدأت القصة تتغير منذ ذلك الوقت، وظهرت الميليشيات في شكلها المسلح في الشوارع العراقية تحت ذريعة حماية المقدسات، لتوسيع دور الميليشيات أمنيًا.


وهنا برز دور الميليشيات في الجانب الأمني، وامتدت هيمنة هذه الميليشيات على مؤسسات الدولة بدعم سياسي من قادة الميليشيا الذين عملوا طوال الوقت على خلق الظروف لتوطين الميليشيات وتوسعة نفوذها داخل العراق.


اختراق المؤسسات الأمنية والعسكرية في العراق


وبمعاونة السياسيين الموالين لإيران، سعت الميليشيات لاختراق المؤسسات السيادية العراقية، واستهدفت الميليشيات المؤسسات الأمنية والعسكرية في العراق بالمقام الأول، واستمر توسعها وامتدادها حتى عام 2014م، عندما تأسست ميليشيا الحشد الشعبي، بذريعة محاربة تنظيم الدولة "داعش".


تمدد تحت ستار داعش


وبالفعل، بدأت الميليشيات المدعومة من إيران تستغل هجمات داعش لاقتحام المدن وفرض السيطرة عليها، وامتد النفوذ الميليشياوي إلى مستويات عديدة، ما بين الهيمنة السياسية والفوضى الأمنية التي شهدتها مدن العراق في السنوات الثلاث من 2014 حتى 2017. 


وسنحت الفرصة للميليشيات لأداء دورها المرسوم بسبب الفساد وحاجة القوات المشتركة الهزيلة إلى دعم عسكري، لتنتهي بعد ذلك الحرب عام 2017، بهيمنة شبه كاملة على تلك المحافظات المنكوبة من جانب الميليشيات، بجانب الهيمنة على المقدرات الاقتصادية والنشاطات السياسية والاجتماعية وغيرها.

العراق رهين الميليشيات


وأصبح العراق سجين دولة تكبلها الميليشيات التي زرعت إيران جذورها عبر السنين، لمصالحها السياسية ولخدمة أجنداتها الاستعمارية.


وتتصدر ميليشيا حزب الله والعصائب وبدر والحشد المشهد كأبرز الميليشيات التي لعبت دورًا في التغلغل والهيمنة على مؤسسات العراق، وهي ميليشيات معروفة بأنها تتلقى دعمًا مباشرًا وغير مباشر من إيران.


منظمة بدر.. سجل جرائم بحق العراقيين


بينما تبقى منظمة بدر هي الأقدم من بين تلك الميليشيات الحالية، إذ تأسست عام 1982، كذراع عسكري لـ "المجلس الأعلى الإسلامي" بقيادة محمد باقر الحكيم، قبل انفصالها عن الحزب بعد احتلال العراق عام 2003م، ويضم سجل هذه المنظمة جرائم عديدة ارتكبتها ميليشياتها المسلحة بحق العراقيين، بدءًا من القتل والتهجير والتعذيب والإخفاء القسري.

كتائب حزب الله وقيادتها السرية


فيما تحتفظ ميليشيا أو كتائب حزب الله ـ وهي على غرار تلك الموجودة في لبنان ـ بقيادة سرية، وشاركت بالقتال في سوريا تحت ما يعرف بـ "لواء أبو الفضل العباس"، ولها الحضور الفعال في العراق والتغلغل في مؤسساتها.


العصائب.. سيطرة على المنافذ الاقتصادية


أما ميليشيا "العصائب"، التي يقودها "قيس الخزعلي"، فهي فصيل منشق من التيار الصدري، ولها حضورها البارز في الدولة العراقية ومؤسساتها، ففي أعقاب العام 2017 برزت هيمنة كبيرة لهذه الميليشيات على مناطق منكوبة واسعة، فضلا عن منافذ حدودية ومقدرات اقتصادية عديدة، ما يعني السيطرة على مقدرات العراقيين لحساب وجيوب الميليشيا، ومنها إلى إيران. 


وقد استعرضت هذه المليشيات عام 2020م بأسلحة خفيفة ومتوسطة منتشرة في شوارع بغداد، وحول المنطقة الخضراء في تحدٍ واضح للدولة، وقد جاء رداً على اقتحام الأمن لأحد مقرات الأحزاب.


سيطرة على الاقتصاد وابتزاز المواطنين


ويؤكد متابعون للمشهد العراقي من الداخل، أن الميليشيات استطاعت الاستيلاء على جزء هام وحيوي من الاقتصاد العراقي، المتمثل بـ السيطرة على الجمارك والمطارات ومشاريع البناء وحقول النفط والصرف الصحي، إضافة إلى فرض الإتاوات على المطاعم والمقاهي وشاحنات البضائع والصيادين والعائلات النازحة، وابتزازهم بعمليات الخطف والفدية. 


ورغم الحكومات المتعاقبة، إلا أنها فشلت جميعها في مواجهة هذا التغلغل الذي وصلت إليه الميليشيات الموالية لإيران، فأصبحت تلك الميليشيات ورقة ضغط على الدولة ووضعها السياسي والأمني والاقتصادي!