آلام وقصص مؤثرة.. الاختفاء القسري مهلكة حقوق العمال في قطر

يعاني العمال في قطر من الإهمال وأوضاع قاسية

آلام وقصص مؤثرة.. الاختفاء القسري مهلكة حقوق العمال في قطر
صورة أرشيفية

كل يوم يبدو وكأنه كابوس” هكذا وصف العامل الكيني مالكولم بيدالي البالغ 28 عامًا الوقت الذي مر عليه  أثناء عمله في الدوحة قبل أن يختفي قسريا في أواخر 4 مايو/ أيار  2020. 

طرقت الأسرة الكينية كل الأبواب الحقوقية لتعرف مكان احتجازه أو سبب اعتقاله إلى أن تفاجأت بذكر اسم مالكولم بيدالي في بيان مكتب الاتصال الحكومي يعلن عن محاكمته  على خلفية جرائم تتعلق بمدفوعات تلقاها من جهة أجنبية لإنتاج وتوزيع معلومات مضللة داخل قطر. 

وطالبت 5 منظمات حقوقية الدوحة بالإفراج عنه بعد نحو 3 أسابيع من توقيف العامل الكيني. 

نهاية الشاب الكيني تتشابه مع نهاية المواطن السوري عبد الرزاق أحمد أرزيق الذي اختفى قسريا في قطر، اختفى المواطن وأنكرت السلطات القطرية معرفتها بمكانه وبرغم البلاغات والوثائق التي قدمتها أسرته وشقيقه تثبت اعتقال الأمن القطري له  وإخفاؤه، إلا أنه مازال مختفيًا حتى الآن بحسب "ماعت للسلام".

والاختفاء القسري ثم الإعلان عن التحقيق إثر خرق القوانين  تعرض له العديد من العمال منذ بدء بناء منشآت كأس العالم  فضلا عن مئات الحالات التي أخفيت قسريا ثم ظهرت بعد ذلك في السجون دون محاكمة أو اختفى أثرها للأبد ولَم يعودوا لأوطانهم وعائلاتهم مرة أخرى . 

الأمور تبدو أكثر تعقدا مع قصة المصرييْنِ الاثنين وليد عبد العزيز وعلي محمد سالم اللذين اختفى قسريا بالدوحة في نوفمبر / تشرين الثاني 2018 .

ظلت زوجة المهندس المصري على سالم تبحث عن زوجها منذ اختفائه إلى أن  هدد جهاز الأمن الوطني القطري الزوجة وأبناءها، ومنعهم من السفر  ومارس ضغوطا نفسية على الزوجة وأولادها الـ 4، وتقييد لتحركاتهم حتى وضعت الأسرة  في ظروف مادية بائسة حيث لا يملكون  أموالا لدفع الإيجار أو شراء مواد غذائية. 


وأفادت المنظمة الإفريقية للتراث وحقوق الإنسان، لمخاوفها من تعرض المواطنين المصريين  المختفين قسريا بالدوحة لأكثر من ٧ أشهر  للتعذيب والعنف، مؤكدة أن  السلطات القطرية قامت باعتقالهم دون تحقيق قانوني معهم أو إعلام أهالي المعتقلين بمكان احتجازهم لمنعهم التواصل معهم.  

وبعد مطالبات برلمانية وحقوقية مصرية أعلنت الدوحة اعتقالهما بزعم تورطهما في قضية "قرصنة" بث شبكة قنوات "BeIN" الفضائية الرياضية .

ووثق حقوقيون مصريون حينذاك منع محامي علي سالم من الالتقاء به والحضور إلى الجلسات والزج بعلي سالم داخل السجون القطرية بدون خضوعه لمحاكمة عادلة أو إجراءات قانونية .  

كذلك وثقت منظمة العفو الدولية، في تقرير لها حول الإخفاء القسري ما تعرض له العامل الكيني بالدوحة فجهاز  الأمن القطري  يخضع العمال  وكل من يتحدث عن ظروف عملهم واضطهادهم للاختفاء القسري لترهيبهم من الحديث عن ظروف العمال.   

اختفى مواطنان بريطانيان هما باحث حقوق الإنسان كريشنا براساد أوباذيايا، 52 عامًا، والمصور غيمير غوندف، 36 عام في قطر أثناء بحثهما ظروف العمال المهاجرين.

وصل المواطنان البريطانيان، إلى قطر في 27 أغسطس/ آب 2014 لعمل يركز على أوضاع العمال النيباليين. بعد ثلاثة أيام، قال كريشنا أوباذيايا لصديق له في النرويج إن الشرطة القطرية كانوا يتبعونه هو وزميله ويضايقانهما.

وفي 31 أغسطس/ آب قامت الشبكة العالمية للحقوق والتنمية، بالاتصال بدبلوماسي أجنبي كان برفقة المواطنين البريطانيين بالدوحة وأكد أن الأمن قد لاحقهما.


مقابل ذلك لا تعترف السلطة القطرية ممثلة في الجهات الأمنية بإخفاء  بيدالي وعدم الإفصاح عن مكان احتجازه، رغم أنها اعترفت سابقا باحتجازه. 
 

إذن أين العمال الأجانب الذين يختفون في قطر؟ 

قطر أجابت عن هذا التساؤل حين اعتقلت الشرطة عشرات العمال النيباليين، في  أبريل/نيسان العام الماضي بزعم أنهم سيخضعون لفحص فيروس كوفيد-19، وبدلاً من ذلك اقتادوا العمال إلى مراكز احتجاز، ليختفوا قسريا لعدة أيام، قبل أن تطردهم إلى نيبال بدون أي توضيح أو إجراءات قانونية بحسب "منظمة العفو الدولية" .  

ويبدو أن الدوحة تحارب كل من يتحدثون عن ظروف العمال فقد اختطف رجال الأمن القطري العامل الكيني الذي عمل كحارس أمن حيث تحدث بصوت عالٍ عن محنة العمال المهاجرين مثله، وكتب لعدد من المنصات على الإنترنت، بحسب "فرانس برس".

وأضاف محللون في منظمة العفو الدولية ومعمل "سيتيزن لاب" للأمن الإلكتروني، أن قطر استخدمت القرصنة لتهديد هوية ومكان  حارس الأمن الكيني حيث كان يدون عن قصص العمال ومأساتهم بمنشآت كاس العالم تحت اسم وهمي بمواقع التواصل الاجتماعي وأشار الخبراء إلى أن الأمر يتطلب القدرة على الوصول إلى المعلومات السرية التي تخزنها شركات الاتصالات، وعادة ما يتم الإفراج عنها فقط لمسؤولي الحكومة أو قوات الأمن وهو ما قامت به السلطات بالدوحة بحسب "أسوشيتد برس".