التفجير الإرهابي في أبين.. تداعيات الحادث ومن وراءه؟

شهدت مدينة أبين انفجارا كبيرا

التفجير الإرهابي في أبين.. تداعيات الحادث ومن وراءه؟
صورة أرشيفية

حرّكت الميليشيات الإخوانية أذرعها المتطرفة لتنفيذ عمل إرهابي هزّ أرجاء محافظة أبين، بما يعكس حجم تفشي الإرهاب هناك، حيث جدّد الهجوم الإرهابي مطالب عديدة بإعادة الدور الإماراتي الذي شكّل حماية للجنوب من الإرهاب على مدار الفترات الماضية من المخاطر التي شكّلتها الميليشيات الإخوانية والأذرع الإرهابية التابعة لها.

تفاصيل الحادث

الهجوم الإرهابي وقع في مدينة زنجبار بمحافظة أبين، حيث استهدف موكب قائد قوات الحزام الأمني بدلتا أبين العميد عبداللطيف السيد في خط عمودية الرابط بين مدينتي زنجبار وجعار.

وأدى الانفجار نفذه انتحاري بسيارة مفخخة إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى، ووقع الانفجار الذي أعقبه إطلاق نار كثيف في بلدة "الخضر" على الخط الحيوي الرابط بين مدينتي جعار وزنجبار؛ أهم حواضر أبين على بحر العرب.

وأعقب التفجير الإرهابي، عملية إطلاق نار كثيفة وسط تصاعد ألسنة الدخان الأسود بشدة من جرّاء الهجوم الذي يُرجح أن ما تُسمى بالشرعية الإخوانية تستهدف ضرب أمن الجنوب بشكل كامل.

توقيت الانفجار

وذكرت تقارير إعلامية يمنية توقيت الهجوم الإرهابي يبدو أنه يحمل رسالة سياسية واضحة من قِبل المعسكر الإخواني، ولاسيّما أنّ المباحثات المهمة التي أجراها وفد المجلس الانتقالي مع المبعوث الأممي لليمن ضمن الجهود الرامية إلى تحقيق حلحلة سياسية في الفترة المقبلة، وهي تحركات جعلت الجنوب جزءًا رئيسيًّا من مسار العملية السياسية وهو ما يعني وضع قضية الجنوب على الطاولة، على الأرجح، يريد نظام ما يُسمى بالشرعية إيصال رسالة واضحة مفادها أنّ الجنوب لن ينعم بالاستقرار إذا ما وجد المعسكر الإخواني أن هناك تهديدات تلاحق وجوده في الجنوب في الفترة المقبلة.

ما يعزّز من المخاوف من هذا الإرهاب الخطير هو أنّه لا يوجد أي اختلاف بين الميليشيات الإخوانية وحليفتها الحوثية في حجم الإرهاب الغادر الذي يستهدف الجنوب، ولاسيّما أنه تم الدفع بأعداد مهولة من العناصر والفصائل الإرهابية التي تستخدمها ما تسمى بالشرعية في جرائمها العدائية ضد الجنوب.

سيناريو العمليات الإرهابية

يقول يحيى العابد، المحلل اليمني، إن سيناريو العمليات الإرهابية في الجنوب قد يأخذ منحى استهداف القيادات العسكرية، وهي جرائم استفزازية ستدفع ميليشيا الإخوان ثمنها بشكل مباشر حال انخراط الجنوب في مواجهة حاسمة للإرهاب.

ولفت أنه تحاول ما تسمى بالشرعية إيصال رسالة جديدة حول خروقتها المتواصلة لمسار اتفاق الرياض، وهو ما يمثّل إصرارًا من هذا المعسكر لمعاداة الجنوب والتحالف العربي على حد سواء، وهو ما يفرض تساؤلات عن طبيعة المشهد العسكري والسياسي في المرحلة المقبلة، في ظل إصرار نظام هادي على إفشال مسار اتفاق الرياض.

وأوضح أن الإخوان تضع كل العراقيل الممكنة أمام مسار اتفاق الرياض بغية عرقلة إنجاحه، نظرًا لأهمية هذا المسار في ضبط بوصلة الحرب على الميليشيات الحوثية الإرهابية، وكذا أن الاتفاق يتضمن وضع حد لحرب الخدمات التي يشنها نظام هادي ضد الجنوب، وبالتالي فإن نجاح الاتفاق يعني بشكل مباشر تفكيك قدر كبير من المؤامرة الإخوانية على الجنوب.

ولفت أن هذه الدوافع المتعلقة بمحاولة عدم تهيئة المجال في الجنوب نحو وضع أمني مستقر يجعله جزءًا من العملية السياسية، وكذا السعي لجر الجنوب نحو صراع شامل لإفشال مسار اتفاق الرياض تمثّل المحرك الرئيسي للجرائم الغادرة التي ترتكبها ما تسمى بالشرعية ضد الجنوب.

وذكر مراقبون أنه مثّل الهجوم الإرهابي الذي ارتكبته الميليشيات الإرهابية تحولًا نوعيًّا ليس فقط في وحشية الهجوم لكن في دلالة توقيته؛ إذ حمل رسالة سياسية من قِبل الميليشيات الإخوانية بأنها لن تتخلى عن مخطط "الجنوب غير الآمن".

ولفت أن عودة نشاط الإرهاب ليس فقط في أبين، لكن في مناطق جنوبية أخرى مثل حضرموت على وجه التحديد والتهديدات التي تلاحق العاصمة عدن، أعاد للأذهان الجهود التي بذلتها دولة الإمارات على مدار الفترات الماضية في مكافحة الإرهاب بالجنوب، بل وأثيرت العديد من المطالب بضرورة عودة القوات المسلحة الإماراتية لأن تتولى مكافحة الإرهاب في الجنوب.

معركة تطهير

اللافت أن العمليات العسكرية التي نفذتها قوات التدخل السريع التابعة للحزام الأمني في محافظة أبين قادها العميد عبداللطيف السيد الذي استهدفت العناصر الإرهابية اليوم الثلاثاء، علمًا بأن تلك الجهود كانت بدعم وإسناد من القوات المسلحة الإماراتية ما ساهم في السيطرة على وادي حمارة في مديرية المحفد، وتلك المنطقة كانت آخر وأهم معسكرات تنظيم القاعدة.

دولة الإمارات قدمت للجنوب دعمًا عسكريًّا ضمن معركة نبيلة أفضت إلى تحرير مناطق مثل العاصمة عدن ومحافظة أبين (التي شهدت تفجير اليوم) من براثن الإرهاب الغادر الذي صنعته الميليشيات الإخوانية الإرهابية.

في الوقت نفسه، فإنّ حالة الرعب التي انتابت المعسكر الإخواني على مدار الفترات الماضية من دولة الإمارات وجهودها في مكافحة الإرهاب، تبرهن ما يمكن تسميتها بـ"شماتة" من قِبل عناصر حزب الإصلاح لكون العملية الإرهابية التي وقعت في أبين استهدفت قائد قوات الحزام الأمني التي درّبتها دولة الإمارات على مكافحة الإرهاب.

القوات المسلحة الإماراتية عملت على قتال الميليشيات الحوثية، كما ساهمت في تأهيل وتدريب وتسليح القوات الجنوبية لتتولى إدارة المعارك، بعدما تسبّبت ما تسمى بالشرعية الإخوانية في انهيار المؤسسة العسكرية التي كان من المفترض أن تدفع بعناصرها إلى جبهات القتال، لكنّها عمدت إلى إطالة أمد الحرب عبر التخادم مع الميليشيات المدعومة من إيران عبر تسليمها الجبهات والانسحاب من المواقع المهمة التي أفسحت المجال أمام تمدد الحوثيين.

دور الإمارات

دولة الإمارات لعبت دورًا حاسمًا في مكافحة الإرهاب وتحرير ساحل حضرموت وتأمين ما يزيد على 330 كيلومترًا من الشريط الساحلي على بحر العرب، إلى جانب تدريب وحدات النخبة في حضرموت وشبوة، فضلًا عن قوات التدخل السريع في أبين والحزام الأمني في عدن ولحج إلى جانب قوات مكافحة الإرهاب، علمًا بأن جميع هذه القوات استطاعت أن تحقق نجاحات عسكرية كبيرة في مواجهة الميليشيات المدعومة من إيران.

وفي 2015، تولت الإمارات مهمة تدريب وتأهيل وحدات النخبة الحضرمية عام 2015، وتم تدريبها في معسكرات للتحالف العربي، وينتمي جميع أفرادها إلى أبناء محافظة حضرموت.

ومع بداية تنفيذ خطة تحرير المكلا قادت القوات المسلحة الإماراتية ضمن قوات التحالف العربي في نهاية أبريل 2016، هذه العملية بمشاركة قوات النخبة، وتمكنت من تحرير المدينة من سيطرة التنظيم الإرهابي الذي استمر في حكمها أكثر من عام.

في عدن ولحج كذلك، ساهمت دولة الإمارات في تأهيل القوات الجنوبية التي تمكّنت فيما بعد من تحرير تلك المناطق من عناصر تنظيمي داعش والقاعدة، بعدما كان قد نشط الفصيلان بشكل كبير ضمن مؤامرة اشتركت فيها الميليشيات الإخوانية وتحديدًا المدعو علي محسن الأحمر الذي لعب دورًا رئيسيًّا في صناعة هذه الفصائل الإرهابية قبل أن تدحرها الجهود الإماراتية إن كان بالعمليات أو بالتأهيل.