أسعار الأضاحي في العالم العربي.. هل أصبحت شعيرة العيد رفاهية؟
أسعار الأضاحي في العالم العربي.. هل أصبحت شعيرة العيد رفاهية؟

مع اقتراب عيدالأضحى، تتجدد الأسئلة في الشارع العربي، لكنها لم تعد تدور حول نوع الأضحية أو توقيت الذبح، بل أصبحت أكثر تعقيدًا، ففي ظل أزمات اقتصادية متراكمة، وتضخم ينهك الجيوب، باتت شعيرة الذبح حلمًا ثقيل الكلفة.
وأسواق المواشي من الخليج إلى المحيط تنطق بهذا التحول، من شعيرة دينية إلى قرار مالي يتطلب مفاضلة مؤلمة بين الشعائر والاحتياجات الأساسية.
أسعار أضاحي كبيرة في الخليج
في واحدة من أغنى الدول نفطيًا، سجلت أسعار الأضاحي المحلية في الكويت ما بين 170 إلى 200 دينار كويتي ما يوازي 650 دولارًا، وهو ما أثار سخرية لاذعة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث قارن البعض بين سعر الخروف وسعر برميل النفط، الذي يباع بأقل من هذا الرقم.
اللافت أن الأسعار لم تشهد تغيرًا يذكر عن العام الماضي، ما يعكس ثباتًا لا يخلو من استفهام حول غياب تدخل حكومي لخفض التكاليف.
في السعودية، أكبر سوق للأضاحي في المنطقة، بلغ متوسط سعر الخروف 1750 ريالًا (466 دولارًا)، بينما تجاوزت أسعار بعض الأبقار 11 ألف ريال (2930 دولارًا). وفي قطر، تتراوح الأسعار بين 1000 و1600 ريال، فيما بلغ سعر الخروف في الإمارات نحو 1700 درهم (463 دولارًا). وعلى الرغم من الاستقرار النسبي مقارنة بالعام الماضي، فإن الأسعار ما زالت مرتفعة بمقاييس الدخل المتوسط.
مصر والأردن.. استقرار محفوف بالقلق
في مصر، سجلت أسعار الأضاحي استقرارًا نسبيًا، بمتوسط 15 ألف جنيه نحو 300 دولار، مدعومًا بمبادرات رسمية لتوفير لحوم بأسعار منخفضة، لكن هذا "الاستقرار" لم يترجم إلى إقبال كبير، إذ ما يزال المبلغ يتجاوز قدرة شرائية لشرائح واسعة من المواطنين، في ظل معدل تضخم بلغ أكثر من 30% في بعض الشهور الماضية، وفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.
في الأردن، ارتفعت أسعار الأضاحي بنسبة تراوحت بين 15% و25% عن العام الماضي، حيث بلغ متوسط سعر الخروف البلدي 280 دينارًا "394 دولارًا"، بينما بلغ سعر المستورد الروماني 220 دينارًا "310 دولارات"، وقدر عدد رؤوس الأغنام في المملكة بـ1.78 مليون رأس، لكن الزيادة في الأسعار تعود لتراجع التصدير من دول مثل رومانيا، وارتفاع تكاليف الشحن، بحسب تقديرات رسمية.
فلسطين والجزائر.. شعيرة أم رفاهية؟
في الضفة الغربية، ارتفعت أسعار الأضاحي بنحو 20% لتصل إلى متوسط 850 دولارًا، ما جعل من أداء الشعيرة عبئًا ثقيلًا على الأسر، خصوصًا مع البطالة المرتفعة.
أما الجزائر، فقد اتجهت إلى استيراد مليون رأس غنم بهدف كبح جماح الأسعار، غير أن ذلك لم ينعكس بوضوح في الأسواق، حيث تراوحت الأسعار بين 303 و700 دولار، بحسب النوع والحجم.
بلدان الأزمات.. الأضحية خارج الحسابات
في دول مثل: سوريا واليمن والسودان، تعد الأضحية رفاهية بعيدة المنال. في سوريا، رغم انخفاض الأسعار مقارنة بالعام الماضي، فإن متوسط سعر الخروف ما يزال يعادل راتب موظف لعدة أشهر.
بينما في اليمن، فالتقلبات في سعر الريال اليمني جعلت تكلفة الأضحية باهظة، وسط شح في المعروض.
وفي السودان، الذي يمر بأزمة اقتصادية طاحنة ونزوح جماعي بسبب النزاع، أضحت الأضحية حلمًا لا مكان له في الواقع.
الطبقية تقتحم طقوس العيد
بين من يشتري أضحيته من الأسواق الفاخرة ومن ينتظر "صك الأضحية" عبر الجمعيات الخيرية، يبرز مشهد طبقي جديد يخترق حتى طقوس العبادة. شعيرة كانت رمزًا للمساواة والتكافل، أصبحت اليوم محكًا للفروقات الاجتماعية، وأداة لقياس الفجوة الاقتصادية بين الفئات.
أضحية 2025.. ما بين الروحانية والحسابات الدقيقة
مع كل هذا التفاوت في الأسعار، وغياب آليات تسعير موحدة أو دعم مباشر للأسر محدودة الدخل، تبدو الأضحية في 2025 أقرب إلى رفاهية منها إلى واجب ديني في عيون كثيرين.
وبينما تتجه بعض الدول إلى حلول بديلة كالصكوك أو الذبح الجماعي، يبقى التحدي الأكبر هو كيف تعود هذه الشعيرة إلى معناها الحقيقي، عبادة لا اختبارًا للقدرة المالية؟