الغارديان: الشتاء والأمراض والجوع يفتكون بالنازحين في غزة

الشتاء والأمراض والجوع يفتكون بالنازحين في غزة

الغارديان: الشتاء والأمراض والجوع يفتكون بالنازحين في غزة
صورة أرشيفية

قالت صحيفة "الغارديان" البريطانية في تقرير عن المخاطر الإنسانية التي يحملها الشتاء للنازحين الفلسطينيين في غزة: إن الشتاء قادم بسرعة إلى غزة. واجتاحت العواصف الممطرة والرياح القوية بالفعل الشريط الساحلي، مما أدى إلى نثر الخيام وإغراق أولئك الذين ليس لديهم مأوى كبير في أزمة نزح فيها حوالي 1.8 مليون فلسطيني بسبب الهجوم الإسرائيلي.

الشتاء قادم 

وأضافت أنه مع حلول فصل الشتاء، فإن الوضع الكارثي بالفعل الذي انهارت فيه جميع الرعاية الصحية في غزة تقريبا يزداد سُوءاً بسرعة.

وأشارت الصحيفة إلى أن النساء تلد في خيام في ظروف غير معقمة، ويؤدي الدخان الناتج عن حرائق الأخشاب إلى تفاقم أمراض الجهاز التنفسي، وقد أجبر المحتاجون إلى الأدوية على الذهاب أحيانا إلى ما يصل إلى 10 صيدليات في بحث غير مثمر في كثير من الأحيان.

"الجو بارد جدا، والخيمة صغيرة جدا. كل ما لدي هو الملابس التي أرتديها، ما زلت لا أعرف ما الخطوة التالية؟"، قال محمود أبو ريان، النازح من بلدة بيت لاهيا الشمالية إلى رفح للصحيفة.

وأضاف: "لم نر أي شيء جيد هنا على الإطلاق. نحن نعيش هنا في البرد القارس. لا توجد حمامات. نحن ننام على الرمال"، أضافت سعاد قرموت، وهي امرأة فلسطينية أجبرت أيضا على مغادرة بيت لاهيا.

"أنا مريض بالسرطان"، قال قرموت بينما كان الأطفال يدورون حول نار الحطب من أجل الدفء. "ليس هناك فراش بالنسبة لي للنوم على. أنا نائم على الرمال. إنه متجمد". 

نقص الغذاء

ويروي الفلسطينيون النازحون الذين تحدثوا في رفح في الأيام الأخيرة قصة مماثلة: عاصفة كاملة من الطقس البارد، وظروف مكتظة للغاية وغير صحية، ونقص في الغذاء والمأوى المناسب.

الأمراض المعدية تتفاقم

وتتزايد الأمراض المعدية بشكل مثير للقلق، وفقا لبيانات الترصد التي تشاركها منظمة الصحة العالمية. هناك إسهال دموي، والتهابات الجهاز التنفسي، واليرقان، والتهاب الكبد "أ" والتهاب السحايا.

نقص المضادات الحيوية 

ويُؤدِي نقص المضادات الحيوية إلى الوفيات الناجمة عن التهابات ما بعد الجراحة بين الجرحى. وغالبا ما يموت المصابون بأمراض مزمنة وغير قادرين على الحصول على الرعاية والأدوية دون تسجيل أنفسهم كضحايا للحرب.

وقالت مارجريت هاريس من منظمة الصحة العالمية لشبكة الإذاعة الوطنية العامة الأسبوع الماضي: "إننا نشهد بالفعل تَفَشِّيَات مقلقة للغاية، مثل تفشي اليرقان، الذي نفترض أنه التهاب الكبد أ لأن ظروف التهاب الكبد أ موجودة في كل مكان.
المياه قذرة

وأضافت "هذه مياه قذرة، ونقص في خدمات الصرف الصحي، واكتظاظ. لكن لا يمكننا في الواقع إجراء اختبار لمعرفة ما إذا كان التهاب الكبد أ لأن المختبر الذي سنستخدمه عادة موجود في مستشفى الشفاء ولا يعمل حاليا. أنت تتعرض باستمرار للبكتيريا والفيروسات لدى أي شخص آخر. ونحن نشهد أعدادا هائلة من الإسهال على ما نراه عادة في سكان غزة في هذا الوقت.”

وفي تقرير  آخر لصحيفة "الغارديان" عن الوضع الإنساني المأساوي في مدينة خان يونس، ثاني أكبر مدينة محاصرة في قطاع غزة، قالت فيه إن عدداً من الغزيين يفقدون أمل النجاة من الحصار ونيران قوات الاحتلال الإسرائيلي، وباتوا يتساءلون عن الكيفية التي سيموتون بها، ويلتحقون بها بعشرات الشهداء الذين حَصدت أرواحَهم آلةُ القتل الإسرائيلية، كما بات العديد منهم يشعرون بأن "حرب الجوع" قد بدأت، بعدما عجزوا عن إيجاد ما يسد رمقهم منذ أيام.

وأضافت الصحيفة أنه في الأيام التي تلت انهيار اتفاق وقف إطلاق النار مقابل الأسرى الإسرائيليين في 1 ديسمبر، ودخول الجيش الإسرائيلي المرحلة الثالثة من هجومه على غزة، اجتاحت الحرب خان يونس والبلدات المحيطة بها، وبدأت الاثنين، 4 ديسمبر، عندما شنّت فرقة إسرائيلية بأكملها هجومها من الشرق والشمال، وحاصرت المدينة ثم دخلتها.

ونقلت الصحيفة تصريح مسؤول إسرائيلي كبير لموقع أكسيوس الأميركي، فإنه رغم أنَّ القوات الإسرائيلية “حققت تقدماً كبيراً” في شمال غزة وَفْق تعبيره، فإنَّ العمليات الإسرائيلية حول خان يونس بدأت لتوّها، هذا يعني بالنسبة لأولئك الذين ما زالوا محاصرين في المدينة أنهم أمام أسابيع إضافية من الصراع.


انتظار الموت 

يقول طه عبد الرحمن، أحد سكان خان يونس، صباح السبت 9 ديسمبر: “مثل كل يوم، يستمر إطلاق النار والقصف طوال الليل”.

أما  الشابة ألماظة عودة، من مدينة خان يونس، فصارت تنصبّ أفكارها على الطريقة التي قد تموت بها، جراء الحصار والقصف الوحشي في العديد من المناطق المحيطة بها.

في ليلة الخميس 7 ديسمبر، بعد أربعة أيام من هجوم قوات الدفاع الإسرائيلية على المدينة الجنوبية، وصفت عودة- التي تعيش داخل خيمة على أرض مدرسة تابعة للأمم المتحدة تحولت إلى ملجأ- مشاعرها عبر تدوينة على مواقع التواصل قالت فيها: “أظل أسأل نفسي كيف سأموت؟ هل من الممكن أن تصيبني شظية في رأسي وأموت؟!".

في ليلة الخميس 7 ديسمبر، بعد أربعة أيام من هجوم قوات الدفاع الإسرائيلية على المدينة الجنوبية، وصفت عودة- التي تعيش داخل خيمة على أرض مدرسة تابعة للأمم المتحدة تحولت إلى ملجأ- مشاعرها عبر تدوينة على مواقع التواصل قالت فيها: “أظل أسأل نفسي كيف سأموت؟ هل من الممكن أن تصيبني شظية في رأسي وأموت على الفور؟ أو ربما تخترق الخيمة وأنا نائمة وتدخل إلى جسدي وأموت من النزيف، ما الذي قد يحدث؟ هناك آلاف السيناريوهات في رأسي الآن”. 
 
ثم تضيف عودة: “القصف مكثف وعنيف جداً وفي مكان قريب، والاشتباكات لا تتوقف أبداً، نشعر بالبرد والجوع والخوف والتوتر والتعب، يقصفون حولنا بقذائف الدبابات، وسقطت جميع الشظايا علينا”. 
 
حرب الجوع 
 
في حين نزح عشرات الآلاف جنوباً باتجاه رفح، بعضهم للمرة الثانية والثالثة خلال الحرب، وصف أولئك المحاصرون داخل خان يونس الظروف اليائسة في المدينة، التي كانت في السابق موطناً لـ400 ألف شخص. 
 
مع تحول عدد من أحياء البلدة إلى أنقاض بسبب القصف العسكري الإسرائيلي، حتى قبل أن يشن الجيش الإسرائيلي المرحلة الأخيرة من هجومه البري، ومع قلة الوقود المتاح، لجأ بعض السكان إلى استخدام عربات تجرها الحمير لشق طريقهم عبر الأنقاض. 
 
وتقول نوراز أبو لبدة، إحدى سكان الملاجئ التي نزحت ست مرات، إنَّ الناس في الملاجئ التي تديرها الأمم المتحدة في خان يونس صاروا يتقاتلون على الغذاء، لا سيما مع انقطاع المساعدات الخارجية، وأضافت: "حرب الجوع بدأت، وهذه هي أسوأ الحروب على الإطلاق". 
 
وتشير الصحيفة إلى أن عنف الهجوم كان مألوفاً بالنسبة لأولئك الذين فروا من الشمال، حيث أطلق الجيش الإسرائيلي العنان للأحزمة النارية وهو مصطلح يشير إلى وابل مكثف من المتفجرات شديدة الانفجار المستخدمة ضد المناطق الحضرية قبل أن يقتحم بالدبابات والمشاة والقوات الخاصة. 
 
اشتباكات لا تتوقف 

 
أظهر مقطع فيديو نشره الجيش قوات الكوماندوز والقوات الأخرى تتحرك عبر المدينة، وسط أصوات إطلاق النار، وتتخذ مواقعها خلف ساتر ترابي، بينما أطلق آخرون داخل منزل النار عبر النافذة. 
 
وتقول الصحيفة: "تأكّدت طبيعة القتال في البيئات الحضرية الكثيفة مثل خان يونس، وكذلك في المناطق الشمالية من الشجاعية وجباليا، من خلال التقارير المستمرة عن ضحايا بين صفوف جيش الاحتلال الإسرائيلي في الأسبوع الماضي، حيث اضطرت قوات الاحتلال الإسرائيلية إلى التحول لتكتيك الانتقال من منزل لآخر- وهو تكتيك عسكري للحرب في المناطق الحضرية- في قتالها ضد كتائب المقاومة".