أرقام وحقائق صادمة.. معاناة قاسية تعيشها المرأة التركية في بلادها

يواصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظامه قمع المرأة

أرقام وحقائق صادمة.. معاناة قاسية تعيشها المرأة التركية في بلادها
صورة أرشيفية

داخل تركيا، التي تزعم قيادتها السياسية اتخاذ طابع أوربي وعلماني، تعاني المرأة التركية من انتهاكات جسيمة وأزمات صعبة، تجعلها تأتي في ذيل قوائم الحريات بالعالم، بداية من العنف المنزلي والتحرش والاغتصاب، وحتى حملات الاعتقالات الواسعة ضد الناشطات والمنظمات النسوية.

قتل النساء

العام الماضي، صدمت جريمة مقتل طالبة الرأي العام في تركيا، وعلى إثرها خرج آلاف النساء بمظاهرات تطالب بوقف العنف ضد المرأة وتوفير الحماية لها، خاصة أن هذه الجريمة ليست الأولى.
 
تشهد تركيا العديد من عمليات القتل ضد النساء في ظل تهاون النظام الحاكم في ردع تلك الجرائم، حيث كشفت منصة "سنوقف قتل الإناث"، في أحدث إحصائية لها خلال أغسطس الماضي، أن 31 امرأة قتلن خلال شهر أغسطس الماضي، بالإضافة إلى 21 امرأة تحوم شبهة جنائية حول وفاتهن.

وقال التقرير الحقوقي: إنه بين الـ31 سيدة المقتولات، 6 قتلن من قبل أزواجهن، و5 من قبل أقاربهن، و4 من أزواجهن السابقين، و4 من قبل آبائهن، و3 من قبل معارفهن، و3 من قبل أبنائهن الذكور، وقتلت واحدة من قبل شاب رفضت الزواج به، وأخرى من قبل رجل لا تعرفه، وأخرى من صديقها، وأخرى من شقيقها، وواحدة لا علاقة لها بالجاني، والأخيرة بسبب رفضها الحديث مع شاب معجب بها.

وأضاف التقرير، أن 80% من النساء اللاتي قُتلن هذا الشهر قُتلن في منازلهن، مشيرا إلى أن 20 امرأة، قتلن خلال يوليو الماضي، ليرتفع عدد قتلى النساء إلى 201 سيدة خلال العام الجاري بعد إضافة من قُتلن في شهر أغسطس نفسه، و 12 سيدة تحوم شبهة جنائية حول وفاتهن.

بينما في العام الماضي 2020 بلغ عدد النساء اللاتي قُتلن في جرائم مماثلة 300 امرأة، فضلا عن 171 توفين بشكل تحوم حوله شبهات جنائية.

الخروج من اتفاقية إسطنبول

ومن بين الخطوات المثيرة للجدل التي تفاقم الأزمة لدى المرأة التركية أنه في بداية يوليو الماضي، انسحبت تركيا بشكل رسمي من "اتفاقية إسطنبول" المناهضة للعنف ضد المرأة والعنف الأسري، وفقا لمرسوم رئاسي من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي برر ذلك بأن "جهود حكومته لن تتوقف لمكافحة العنف ضد المرأة"، في تصريح هش.

كما أدعى مكتب أردوغان في بيان للمحكمة الإدارية أن: "انسحاب بلادنا من الاتفاقية لن يؤدي إلى أي تقصير قانوني أو عملي في منع العنف ضد المرأة".

ودعم الكثير من المحافظين وحزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان الانسحاب من الاتفاقية بزعم أنها تقوض الهياكل الأسرية التي تحمي المجتمع، بينما أكد آخرون من مؤيدي الاتفاقية والتشريعات المرتبطة بها أن ثمة حاجة إلى تنفيذ أكثر صرامة، وأنها تدعم مبدأ عدم التمييز على أساس التوجه الجنسي.

تفاقم الأزمات في عهد أردوغان

وفي نهاية العام الماضي، أكدت الكاتبة التركية بورسو كاراكس، في تقرير نشره "معهد سياسات الشرق الأوسط" الأميركي، أن القوانين في بلادها لا توفر حماية كافية للمرأة التركية ضد العنف والتمييز؛ ما زاد من معاناتها بعد تولي الرئيس رجب طيب أردوغان السلطة.

وأضافت أن تركيا وقعت على عدة اتفاقات ومعاهدات دولية وسنت قوانين كثيرة لحماية المرأة، إلا أن تلك القوانين لم تنفذ ملقية باللوم على سياسة النظام التركي، مشيرة إلى أنه: "تتعرض النساء في تركيا للعنف بشكل ممنهج بصرف النظر عن حالتهن الاجتماعية والاقتصادية. وبعكس الكثير من الدول الأخرى هناك العديد من القوانين والتشريعات في تركيا تهدف لحماية المرأة ضد العنف لكن لا يتم تطبيقها عمليا؛ ما يترك المرأة ضحية أعمال عنف ودون حماية حقيقية ضد الرجل".

وترى أن هناك بعض الأسباب لهذا الخلل أهمها النهج الأبوي السلطوي الذي تتبعه الحكومة في تنفيذ القوانين المتعلقة بالمرأة، ومع إصدار الكثير من القوانين والتشريعات وتوقيع عدد من الاتفاقات الدولية إلا أن الأنظمة والتشريعات في تركيا لا تزال فاشلة فيما يتعلق بحماية المرأة نتيجة غياب الإرادة السياسية.

وأشارت إلى تصريحات لأردوغان قال فيها: إن النساء اللواتي لا ينجبن ولا يصبحن أمهات هن "غير كاملات" والتي لها تأثير عكسي كبير على تطبيق التشريعات الخاصة بحماية المرأة في تركيا، مؤكدة أنه نتيجة لهذه الممارسات، فإن نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل بتركيا لا تزال منخفضة جدا مقارنة مع الدول الصناعية، إذ تبلغ حوالي 34.2% في حين لا تزال تعاني النساء من التمييز في أولوية الوظائف ومستوى الأجور.

وأوضحت الكاتبة التركية أنه تتزايد أعمال العنف والتمييز ضد المرأة في المناطق المتوترة ومناطق الصراع، واستمرت في التزايد بعد محاولة الانقلاب الفاشلة ضد أردوغان، مضيفة: "والحقيقة أنه بعد أن أصبح الخطاب القومي والإسلامي أكثر تسلطا وهيمنة وبدأ ينظر إلى عنف الذكور على أنه مشروع أصبحت النساء في تركيا هدفا سهلا للإساءة والعنف".

أردوغان كاره للمرأة

وفي ظل تلك الجرائم العديدة، لم يدافع أردوغان عن حقوق المرأة، على الإطلاق، منذ أن كان رئيسا للوزراء التركي حتى أطلق عليه البعض لقب "كاره النساء"، خاصة بسبب تصريحاته المهينة للنساء في تركيا.

وفي عام 2017، أدانت تقارير حقوق الإنسان نظام أردوغان بعد حملة الاعتقال الواسعة التي نفذتها وزارة الشؤون الداخلية التركية ضد النساء والفتيات وسجنهن، بما في ذلك الأمهات المرضعات المتهمات بالانضمام إلى حركة فتح الله غولن، أبرز معارض لأردوغان.

وفي العام نفسه، اعتقلت السلطات التركية نازان أصلان، بعد زيارة زوجها، بعدما اعتقلت السلطات التركية مريم يازرلي، التي عملت كمدرسة أثناء زيارة زوجها للسجن في مدينة أرييلي بوسط تركيا، ثم تم اعتقال ناجيهان كوكزيك خلال زيارة زوجها السجن مع أطفالها الخمسة.

واستخدمت الشرطة التركية العنف ضد المرأة، حيث إنه في نوفمبر 2018 فضت الشرطة التركية مظاهرة نسائية تطالب بوقف العنف ضد النساء بالقوة مستخدمة الغاز.

أرقام صادمة

شهد معدل ضحايا العنف ضد المرأة في تركيا ارتفاعًا غير مسبوق خلال 2020، بنسبة 33 % عن العام السابق عليه، وفقا لموقع "تركيا الآن" الذي كشف أن نحو 560 امرأة تقدمت بشكاوى إلى الحكومة، وتعرضت 21% منهن للانتهاك من قبل الموظفين العموميين الذين تقدمن إليهم بشكاوى العنف.

وفي أرقام صادمة للعام الماضي، تضمن التقرير أن 482 امرأة قتلت على يد رجال، و97 امرأة تعرضت للتحرش، و53 امرأة تعرضت للاغتصاب، و607 نساء، على الأقل، أجبرن على العمل بالبغاء، وما لا يقل عن 493 امرأة تعرضت للعنف من قبل رجال خلال العام.

كما تضمن أن 715 امرأة تعرضت للعنف والقهر، وسط تراخي حكومة العدالة والتنمية عن اتخاذ إجراءات حاسمة لوقف العنف ضد المرأة، و26% من الضحايا كن ممن تقدمن بطلبات الحماية تعرضن للعنف من قبل أزواجهن، و86% من النساء المتوفيات قتلن بالرصاص في منزلهن.