ليبيا في مرمى صراعات القوى العظمى.. فما هي السيناريوهات المحتملة؟

ليبيا في مرمى صراعات القوى العظمى

ليبيا في مرمى صراعات القوى العظمى.. فما هي السيناريوهات المحتملة؟
صورة أرشيفية

في الوقت الذي تتشابك فيه خيوط السياسة الدولية على أرض ليبيا، تبرز الأحداث الجارية كمؤشرات على تحولات جيوسياسية قد تعيد رسم خريطة النفوذ في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث تتجلى الصراعات الجيوسياسية بين القوى العظمى في تأثيرها المباشر على استقرار البلاد ومستقبلها السياسي.

*الميليشيات والتحركات الدولية*

تعيش ليبيا حالة من الحراك الدولي المكثف، حيث تسعى القوى الكبرى في العالم إلى تعزيز وجودها ونفوذها في هذا البلد الذي يقع على مفترق طرق جيوسياسية هامة. تتجلى هذه التحركات في سعي هذه الدول لإقامة علاقات وثيقة مع الفصائل الرئيسية المؤثرة في الشرق والغرب الليبي، وذلك في خضم أزمة سياسية مستمرة وفي ظل توترات إقليمية ودولية متزايدة.

التحركات الدولية والمحلية تتخذ القوى العالمية خطوات استراتيجية لتأمين مصالحها في ليبيا، حيث تجري محادثات ولقاءات مع قادة الميليشيات والجماعات المسلحة، خاصة في المنطقة الغربية، بهدف تهدئة التوترات ومنع اندلاع الصراعات التي قد تؤدي إلى عدم استقرار العاصمة طرابلس ومناطق أخرى.

 هذه الجهود تأتي بالتزامن مع مساعٍ من جانب بعض الدول الغربية لتشكيل قوة مشتركة تضم مجموعات مسلحة مختارة، في محاولة لإنشاء كيان أمني يمكنه التعامل مع التحديات الأمنية الراهنة والمستقبلية.

الأهداف والتحديات

 تواجه هذه القوى العالمية تحديات جمة في سعيها لتحقيق أهدافها، إذ تتطلب عملية بناء العلاقات مع الفصائل المحلية دقة وحذرًا شديدين لتجنب تأجيج الصراعات الداخلية. كما أن السعي لتشكيل قوة مشتركة يحمل في طياته مخاطر تفاقم الانقسامات وتعقيد الوضع الأمني الهش أصلاً.

المستقبل السياسي لليبيا

 تلعب هذه التحركات دورًا حاسمًا في تشكيل المشهد السياسي الليبي المستقبلي، حيث تحاول القوى العالمية الكبرى تأمين مواقعها وتعزيز نفوذها في مواجهة المنافسين الإقليميين والدوليين. وفي هذا السياق، تبرز أهمية الدبلوماسية والتفاوض في تحقيق التوازن بين المصالح المتضاربة والحفاظ على الاستقرار في ليبيا والمنطقة بأسرها.

*التحركات الأميركية والروسية*

تبرز الأجندات الدولية بشكل واضح في السياسات والمبادرات التي تتخذها الولايات المتحدة الأميركية وروسيا على الأرض الليبية، من جانبها، أعلنت السفارة الأميركية عن تنفيذ شركة "أمنتوم" لبرنامج "المساعدة في مكافحة الإرهاب"، وهو برنامج يهدف إلى تقديم الدعم اللوجستي والتقني للوكالات الأمنية في ليبيا. 

يشمل هذا الدعم توفير "معدات متطورة وبرامج تدريبية متخصصة" تساعد في تعزيز قدرات وكالات إنفاذ القانون الليبية لمواجهة التحديات الأمنية الراهنة.

في الطرف الآخر، تُظهر روسيا حضورًا ملحوظًا في المنطقة الشرقية من ليبيا، حيث قام وفد عسكري روسي رفيع المستوى بزيارة هذه المنطقة، وكان من بين أعضائه وزير الدفاع الروسي.

 خلال هذه الزيارة، التقى الوفد بقائد الجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر، وتمت مناقشة سبل التعاون والتنسيق الثنائي. تركزت المحادثات على مجالات التدريب العسكري، وتأهيل القوات، وصيانة الأسلحة والمعدات، وخاصة تلك الروسية الصنع، بهدف تعزيز القدرات القتالية للجيش الوطني الليبي

تعكس هذه التحركات الدولية الأهمية الاستراتيجية لليبيا وتأثيرها على الأمن والاستقرار الإقليميين، وتشير إلى الدور الذي تلعبه القوى الكبرى في تشكيل مستقبل البلاد.

*مشهد ليبي مهدد بالانفجار*

من جانبهم، حذر المحللون من أن ليبيا معرضة لخطر أن تكون ساحة لتصفية الحسابات بين القوى العظمى، وتواجه الدول الغربية تحديات في التعامل مع الميليشيات التي تتصرف مثل "الدويلات" ضمن نطاق نفوذها، مما يهدد بتفجير الوضع الأمني والسياسي في البلاد.

تسعى روسيا لتعزيز نفوذها في ليبيا كمفتاح للدخول إلى دول الساحل والصحراء، بينما تتحرك الصين خلف الكواليس لتثبيت مصالحها في القارة الأفريقية. وفي ظل هذه الأجندات، يحذر الخبراء من احتمالية غرق ليبيا في حرب الوكالة والفوضى، مع تشكيل قوة مشتركة من الميليشيات التي قد تتورط في مواجهات لصد "المد الروسي".

*خط النار*

يقول الدكتور المحلل السياسي الليبي عادل الخطاب: تقف ليبيا اليوم على خط النار بين القوى العظمى، حيث تلعب الجغرافيا السياسية والموارد الطبيعية دورًا محوريًا في جذب اهتمام هذه القوى.

وأضاف - في حديثه لـ"العرب مباشر"-، أن الولايات المتحدة وروسيا، كل منهما يحاول تعزيز موقعه عبر سلسلة من الإجراءات الدبلوماسية والعسكرية، ومع ذلك، يجب أن ندرك أن الاستقرار في ليبيا لن يتحقق إلا من خلال حل سياسي شامل يضم جميع الأطراف الليبية، وليس فقط عبر التحالفات العسكرية أو الأمنية.

يتابع "الخطاب"، التحدي الأكبر الذي يواجه ليبيا هو كيفية التوفيق بين الأجندات الدولية المتضاربة والحاجة إلى بناء دولة مستقرة وموحدة، مشيرًا إلى أن الفراغ السياسي والأمني الحالي يوفر بيئة خصبة للتدخلات الأجنبية، ولكن الحل الدائم يكمن في تمكين الليبيين أنفسهم من تقرير مستقبل بلادهم.