تحذيرات إسرائيلية تمنع عودة النازحين.. جنوب لبنان على شفا الانهيار
تحذيرات إسرائيلية تمنع عودة النازحين.. جنوب لبنان على شفا الانهيار

في مشهد يعكس استمرار التوترات في المنطقة الحدودية بين لبنان وإسرائيل، تتصاعد المخاوف بشأن مصير آلاف اللبنانيين الذين ينتظرون العودة إلى قراهم في الجنوب اللبناني.
رغم انتهاء المهلة المتفق عليها لانسحاب القوات الإسرائيلية، والتي حددتها اتفاقية وقف إطلاق النار بـ60 يومًا، ما زالت إسرائيل تمنع السكان من العودة إلى منازلهم، وسط تحذيرات عسكرية متكررة وهجمات ميدانية عنيفة.
هذا التصعيد يطرح تساؤلات حول مدى التزام الأطراف الدولية بالاتفاقات الموقعة، ومصير المدنيين العالقين في دائرة الصراع. فهل ستتحول هذه الأزمة إلى مواجهة أوسع، أم أن الدبلوماسية ستنجح في إيجاد مخرج آمن؟
تصعيد ميداني وانتهاكات متكررة
شهدت الساعات الأخيرة تصعيدًا خطيرًا في جنوب لبنان، حيث نفذت القوات الإسرائيلية هجمات مكثفة استهدفت قرى حدودية عدة.
وفقًا لتقارير محلية، أسفرت هذه الاعتداءات عن مقتل 22 شخصًا، بينهم نساء وعناصر من الجيش اللبناني، وإصابة أكثر من 100 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة.
هذه الهجمات لم تقتصر على المناطق العسكرية، بل طالت تجمعات مدنية كانت تنتظر العودة إلى قراها المحاصرة؛ مما يزيد من حدة الأزمة الإنسانية في المنطقة.
وقد أغلقت القوات الإسرائيلية مداخل العديد من القرى الجنوبية بالسواتر الترابية، في محاولة لمنع السكان من الوصول إلى منازلهم.
وأصدر الجيش الإسرائيلي تحذيرًا واضحًا للسكان، جاء فيه: "حتى إشعار آخر، يحظر عليكم الانتقال جنوبًا إلى خط القرى ومحيطها. كل من ينتقل جنوب هذا الخط يعرض نفسه للخطر".
الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر
في ظل هذا التصعيد، أصدرت الأمم المتحدة بيانًا مشتركًا عبر المنسقة الخاصة في لبنان ورئيس بعثة "اليونيفيل"، حذرت فيه من أن الظروف ليست مهيأة بعد لعودة آمنة للسكان إلى قراهم الواقعة على طول الخط الأزرق.
وأكد البيان على ضرورة توفير بيئة آمنة ومستقرة قبل السماح للمدنيين بالعودة، مشيرًا أن استمرار الوجود العسكري الإسرائيلي في المنطقة يزيد من تعقيد الأوضاع.
الجيش اللبناني يعزز انتشاره
من جهتها، عززت القوات المسلحة اللبنانية من انتشارها في المناطق الجنوبية، في محاولة لاحتواء الأوضاع المتوترة وحماية المدنيين.
وأصدر الجيش اللبناني تحذيرات للسكان بعدم الاقتراب من المناطق التي ينسحب منها الجيش الإسرائيلي، مؤكدًا على ضرورة الالتزام بتعليمات الوحدات العسكرية المنتشرة للحفاظ على سلامتهم.
رغم توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل في 27 نوفمبر، والذي نص على انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان خلال مهلة 60 يومًا، يبدو أن الواقع على الأرض يختلف عن النصوص المكتوبة. فمع انتهاء المهلة المتفق عليها، ما زالت القوات الإسرائيلية تفرض سيطرتها على المنطقة؛ مما يثير تساؤلات حول جدية الأطراف الدولية في تطبيق الاتفاقيات.
مستقبل غامض
في ظل هذه الأوضاع المتوترة، يبقى مستقبل جنوب لبنان غامضًا، فمن غير الواضح ما إذا كانت الدبلوماسية الدولية ستتمكن من إيجاد حل دائم للأزمة، أم أن المنطقة ستشهد تصعيدًا جديدًا يزيد من معاناة المدنيين.
في هذا السياق يقول، الكاتب الصحفي اللبناني فادي عاكوم: إن عدم انسحاب القوات الإسرائيلية بشكل كامل من جنوب لبنان، أو عدم الالتزام الكامل ببنود الانسحاب، كان أمرًا متوقعًا.
وأضاف: أن اتفاق وقف إطلاق النار، الذي تم التوصل إليه بين جيش الاحتلال الإسرائيلي من جهة، وكل من نبيه بري وحزب الله والدولة اللبنانية من جهة أخرى، يبدو أنه تضمن بنودًا سرية لم يتم الكشف عنها علنًا.
وفي تصريحات لـ"العرب مباشر"، أوضح عاكوم، أن إسرائيل طلبت تمديد وجودها في بعض المناطق الجنوبية لمدة 30 يومًا إضافيًا، وذلك لاستكمال عملياتها التي تشمل تنظيف منطقة جنوب نهر الليطاني بشكل كامل.
وتتضمن هذه العمليات إزالة أي بنى تحتية مشبوهة، بما في ذلك الأنفاق المحتملة أو مخازن الأسلحة والصواريخ.
كما أشار عاكوم، أن إسرائيل تسعى أيضًا إلى مراقبة تحركات حزب الله، خشية أن يعيد الأخير انتشاره في المنطقة عبر التسلل بين صفوف المدنيين العائدين.
وأضاف: أن الوضع الميداني يظهر صعوبات كبيرة تعترض عودة المدنيين إلى منطقة جنوب الليطاني، خاصة بعد الدمار الشامل الذي طال المنطقة؛ مما جعلها غير صالحة للسكن أو الزراعة أو أي نشاط إنساني آخر.