كواليس الصفقة المفاجئة.. كيف قادت وساطة ترامب إيران وإسرائيل إلى وقف الحرب؟

كواليس الصفقة المفاجئة.. كيف قادت وساطة ترامب إيران وإسرائيل إلى وقف الحرب؟

كواليس الصفقة المفاجئة.. كيف قادت وساطة ترامب إيران وإسرائيل إلى وقف الحرب؟
الحرب الإيرانية الإسرائيلية

في ساعة مبكرة من فجر الثلاثاء، دخل اتفاق وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل حيز التنفيذ، واضعًا حدًا لحرب خاطفة استمرت اثني عشر يومًا وكادت أن تفتح أبواب الجحيم على المنطقة. 

الإعلان المفاجئ عن التهدئة لم يكن وليد لحظة، بل جاء تتويجًا لجهود وساطة سرية قادها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، مستخدمًا أدوات غير تقليدية ومسارات غير مألوفة في الدبلوماسية الدولية.

حرب الأيام الـ12.. اشتباك مفتوح على حافة الانفجار

بدأت المواجهة بين تل أبيب وطهران بضربات جوية مركزة على مواقع إيرانية في سوريا والعراق، وردود صاروخية على قواعد إسرائيلية في الجولان وجنوب النقب، ومع تصاعد وتيرة التصعيد، بدأت المنطقة تدخل نفقًا من التوتر المتزايد، في ظل تحذيرات دولية من اتساع رقعة المواجهة لتشمل أطرافًا إقليمية ودولية.

في هذه الأثناء، كانت واشنطن تراقب المشهد عن كثب، لتدخل لاحقًا على خط النار بضربة أمريكية نوعية استهدفت ثلاث منشآت نووية إيرانية، وهو ما شكل نقطة التحول في مسار النزاع.

وساطة خاطفة من خارج البروتوكول

في أعقاب الضربات الأمريكية، تحرك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشكل شخصي ومباشر، عبر قنوات خلفية، لإطلاق مبادرة لوقف إطلاق النار، وبحسب مصادر مطلعة على تفاصيل التحركات، أوفد ترامب مبعوثه للشرق الأوسط لإبلاغ طهران برغبته في التفاوض على تهدئة فورية. 

إلا أن الرد الإيراني جاء مشروطًا بردّ انتقامي محدود يسبق أي حوار، وهو ما اعتُبر في حينه محاولة لحفظ ماء الوجه.

قبيل تنفيذ الهجوم الإيراني على قاعدة "العديد" الجوية في قطر، مررت طهران رسائل غير معلنة إلى واشنطن تتضمن توقيت الضربة وحدودها الجغرافية، ما اعتُبر مؤشرًا واضحًا على رغبتها في تفادي المواجهة المباشرة مع القوات الأمريكية.

صفقة اللحظة الأخيرة.. من الرسائل السرية إلى وقف النار

ما بعد الضربة الإيرانية حمل تطورات حاسمة. طهران أوصلت رسالة مباشرة للبيت الأبيض تفيد بأنها لن تنفذ أي ضربات إضافية على أهداف أمريكية، البيت الأبيض بدوره رد برسالة تطمين، مؤكدًا الامتناع عن الرد والاستعداد للدخول في مفاوضات فورية.

عقب ذلك، أجرى ترامب اتصالًا حاسمًا برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المحادثة القصيرة كانت كفيلة بتغيير مجريات الحرب، إذ أبلغه ترامب أن الوقت قد حان لإيقاف التصعيد، وأن الولايات المتحدة لن تدعم استمرار القتال، نتنياهو وافق مشروطًا بوقف إطلاق الصواريخ من جانب إيران، وهو ما تحقق لاحقًا خلال ساعات.

إعلان على "تروث سوشيال"

الصفقة التي تمت بعيدًا عن الأضواء، اختار ترامب أن يعلنها عبر منصته الخاصة "تروث سوشيال"، مؤكدًا انتهاء المواجهة ونجاح وساطته في تجنيب الشرق الأوسط نزاعًا إقليميًا شاملًا.

الإعلان لم يتضمن بنودًا تفصيلية، لكنه مثّل تتويجًا لتحركات صامتة سابقة، قادها ترامب بمعزل عن القنوات الرسمية المعتادة، ولعل اللافت أن الصفقة تمت من دون حضور مباشر لأي طرف دبلوماسي تقليدي، في سابقة تعكس تحولًا في أنماط إدارة الأزمات بالمنطقة.

هدوء مشوب بالحذر.. ماذا بعد؟

رغم توقف الضربات المتبادلة، إلا أن أسباب الصراع الأساسية ما تزال قائمة، البرنامج النووي الإيراني، النفوذ الإقليمي، والصراع المفتوح بالوكالة، ومع ذلك، فقد كشفت وساطة ترامب عن نافذة جديدة لاحتواء الأزمات، وإن تمت بأساليب غير تقليدية.

وما بين ضربة "العديد" واتصال منتصف الليل بين ترامب ونتنياهو، ولدت صفقة "خارج النص" أوقفت نزيف النار، لكنها أبقت على احتمالات الانفجار قائمة في أي لحظة.

ويؤكد المحلل السياسي الدكتور طارق شعلان، إن الصفقة المفاجئة بين إيران وإسرائيل "لا تعكس فقط لحظة تهدئة مؤقتة، بل تمثل أيضًا تتويجًا لتوازنات دقيقة فرضتها الضربات الأمريكية الأخيرة.

وأضاف شعلان -في تصريحات خاصة للعرب مباشر-، بأن دخول الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على خط الأزمة بهذه السرعة يكشف عن رغبة شخصية في إعادة فرض نفسه كصانع سلام في لحظة فارقة، وهو توظيف سياسي لحرب كادت أن تخرج عن السيطرة.