مناورة بلا جمهور.. هل انتهت ورقة الإخوان في تونس؟
مناورة بلا جمهور.. هل انتهت ورقة الإخوان في تونس؟

تعيش جماعة الإخوان الإرهابية في تونس، متمثلة بحركة النهضة، واحدة من أعقد لحظاتها منذ سقوطها المدوي من المشهد السياسي في أعقاب الإجراءات الاستثنائية التي اتخذتها الرئاسة التونسية منتصف عام 2021.
الجماعة التي ظلت لسنوات تتحكم في خيوط اللعبة داخل المؤسسات والمجتمع، باتت اليوم هامشًا لا يُلتفت إليه، تحاول بعثرته على أطراف المشهد عبر أدوات فقدت فعاليتها وجمهورها.
من البرلمان التونسي إلى الفراغ الرقمي
منابر النهضة التي كانت تعج بالشعارات، تحولت إلى منصات افتراضية تمارس ضجيجًا لا يسمعه أحد، الجماعة التي كانت تقود حكومة وتناور برلمانًا، أضحت اليوم تائهة في مساحات التواصل الرقمي، تعيد بث أكاذيبها في محاولة لخلق صدع في جدار المشهد الوطني، لكنها تصطدم بوعي شعبي جديد لا يعبأ بالشعارات القديمة ولا يخضع لمحاولات التأثير العاطفي أو الخطابات المكررة.
تحول في الأدوات وتآكل في التأثير
تحولت أدوات الجماعة من العمل السياسي إلى المناورة الإعلامية، ومن الحوار الداخلي إلى التحريض الخارجي، وتدار الحملات اليوم من غرف رقمية في الخارج، وتضخ فيها موارد مالية غير معلنة تستهدف صورة الدولة ومؤسساتها، وتسعى إلى التشويش على مسار يعيد بناء دولة القانون، بعد أن كانت تلك المؤسسات رهينة لمصالح الجماعة ورجالاتها.
غياب الصدى.. وانكشاف الخطاب
الحملات الإخوانية لم تعد تحدث صدى، لا على مستوى الداخل ولا حتى في المحافل الخارجية، فالأرضية التي كانت توفر الغطاء الرمزي لخطاب الجماعة أضحت خاوية، فحتى من كانوا يرون في النهضة تيارًا سياسيًا، باتوا اليوم يصنفونها عبئًا على الديمقراطية، ومصدرًا لعدم الاستقرار، وجزءًا من شبكة إقليمية تتقاطع مصالحها مع الفوضى والانقسام.
ومن الناحية العملية، انحسرت قدرة الجماعة على التحرك داخل البلاد، بعد سلسلة من الإجراءات القانونية التي أعادت ضبط العلاقة بين المؤسسات والفضاء الرقمي.
ورغم محاولات الالتفاف عبر واجهات إعلامية وشخصيات مقربة، فإن الحاضنة المجتمعية التي كانت تستند إليها تفككت، بفعل تجربة الحكم التي لم تترك للتونسيين سوى أزمات متتالية وانعدام الثقة في السلطة.
رهان الجماعة الخاسر
في ظل هذه المتغيرات، لم تعد ورقة الإخوان صالحة للتوظيف السياسي، لا من الداخل ولا من الخارج، مناوراتهم فقدت التأثير، وتحركاتهم تحولت إلى مجرد ردة فعل على مسار لم يكونوا طرفًا في صناعته.
الجماعة الإرهابية أصبحت خارج السياق
وقال الباحث السياسي التونسي حازم القصوري: إن جماعة الإخوان الإرهابية، ممثلة بحركة النهضة، تعيش حالة "فقدان وظيفي" بعد أن أصبحت خارج السياق السياسي والشعبي في تونس، موضحًا أن الجماعة "استنفدت كل أدواتها في المناورة ولم تعد قادرة على استعادة أي حضور حقيقي في الداخل".
وأضاف القصوري - في تصريحات خاصة لـ العرب مباشر-، أن ما تقوم به الحركة اليوم من حملات إلكترونية وتحركات إعلامية من الخارج هو أقرب إلى محاولات إنعاش لجسد سياسي ميت، مشيرًا إلى أن الرأي العام التونسي أصبح أكثر وعيًا بخطاب الجماعة وارتباطها بالمصالح الخارجية.
كما شدد على أن مسار 25 يوليو لم يوجه ضربة سياسية فقط للجماعة، بل فكك أيضًا شبكاتها المالية ونفوذها داخل المؤسسات، موضحًا أن انهيار الغطاء الشعبي والسياسي جعلها مكشوفة، وعاجزة عن التأثير أو حتى الاستقطاب.