غضب شعبي بعد اغتصاب طفل سوري بشكل وحشي في لبنان

غضب شعبي بعد اغتصاب طفل سوري بشكل وحشي في لبنان
صورة أرشيفية

يعيش لبنان حالة من التخبط الشديد على المستوى الاقتصادي والأمني، تدهور الأوضاع الداخلية يحدث بشكل سريع وغير مسبوق ولم يره اللبنانيون من قبل، اقتصاديًا عاد اللبنانيون آلاف السنين إلى الوراء بسبب الأزمة الحالية ووجدوا الحل في المقايضة التي أصبحت هي ما يعتمد عليه الشعب اللبناني في توفير احتياجاته، أما الأمر الذي لم يجد له الشعب حتى الآن حلًّا مؤقتًا أو دائمًا هو غياب الأمن، فالظروف الاقتصادية والفقر الشديد ضاعف من عمليات السرقة والنهب ومختلف الجرائم وسط غياب غير مبرر لقوات الأمن وسيطرة للعصابات والميليشيات على الساحة الأمنية في لبنان.

عناصر حزب الله تستغل غياب الأمن وتفرض سلطاتها على شوارع لبنان

وسط حالة من الفوضى وغياب تام للقوى الأمنية والجيش اللبنانيين، تفاجأ سكان بيروت بشبان يرتدون ملابس العسكرية التي تميز عناصر تنظيم "حزب الله" وهم يتجولون في بعض المناطق ذات الغالبية الشيعية في بيروت، وكذلك على أطراف أحياء الضاحية الجنوبية.

النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي تداولوا مجموعة صور ومقاطع فيديو لهذه المجموعات التي انتشرت بزعم أنها تريد ضبط تجول الشبان على الدراجات النارية، ومنع وقوع أعمال شغب كالتي حصلت في بيروت الفترة الماضية، حيث تم تحطيم واجهات المصارف والمحال التجارية وسط المدينة.

وشوهد عناصر حزب الله في أحياء سليم سلام وبرج أبي حيدر في بيروت، وعناصر حركة أمل في الخندق العميق على مقربة من وسط بيروت، والطيونة على مشارف منطقة عين الرمانة.

المشاهد أثارت انتقادات شديدة على مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان، حيث تساءل المواطنون أين الدولة وهيبتها من هذه التحركات الأمنية، وطلب السياسي فارس سعيد عبر "تويتر": "من وزراء الدفاع والداخلية تفسيرًا واضحًا، هل نحن أمام تجربة أنصار جيش جديدة؟ ما هو موقف الجيش؟".

كما اتهم ناشطون آخرون حزب الله وحركة أمل بأنهم وراء أعمال العنف والتدمير التي شهدتها مدينتا بيروت وطرابلس خلال الأيام الماضية.

غضب شعبي بسبب حادثة اغتصاب الطفل السوري.. وانتقادات واسعة للأمن

وسادت حالة من الغضب الشديد بعد انتشار مقطع الفيديو يظهر تعرض طفل سوري يبلغ من العمر 13 عامًا لاغتصاب من قِبَل ثلاثة شبان لبنانيين في البقاع اللبناني، كالنار في الهشيم مسببًا ضجة وغضبًا واسعين على مواقع التواصل الاجتماعي، للمطالبة بمعاقبة المغتصبين، وسط انتقادات شعبية واسعة لقوات الأمن واتهامها بالتراخي.

الفيديو تناول ظهور الطفل هاربًا من المعتدين عليه، وهو يردد كلمات واضحة تؤكد صحة الاعتداءات، وعلى حسابه الرسمي بموقع "تويتر" أعلن الإعلامي اللبناني جو معلوف، سفير جمعية "اتحاد الأحداث" أن مدعي عام البقاع القاضي، منيف بركات، تحرك فورًا بعدما تواردت تفاصيل القضية، مكلفًا القاضية ناديا عقل بفتح تحقيق.

فيما أفادت معلومات أخرى بأن السلطات قد توصّلت فعلًا إلى هوية الفاعلين الثلاثة، الضحية نجل سيدة لبنانية تملك محلًا لبيع الخضار لتعول عائلتها بعد طلاقها من زوجها السوري، أمّا الطفل الضحيّة فيعمل في معصرة.

وأكدت الأم أن ابنها تعرّض للتحرش والاغتصاب مرات عديدة، بالإضافة إلى تعذيبٍ نفسي وجسدي، وتفاعل عدد كبير من المشاهير وأصحاب الرأي في لبنان مع الحادث عبر مواقع التواصل، وسط مطالبات بمعاقبة الفاعلين، حيث طالبت الفنانة اللبنانية ديانا حداد حكومة بلادها بإعدام الفاعلين، حيث كتبت عبر "تويتر": "نطالب الحكومة اللبنانية بإعدام المجرمين الذين قاموا بتعذيب الطفل السوري والاعتداء عليه وتعذيبه بطريقة وحشية وتصويره، وين جمعيات حقوق الطفل وحقوق الإنسان؟".

القوى السياسية اللبنانية: غياب الأمن علامة استفهام.. ونجده حاضرًا في قمع التظاهرات

من جانبها، أدانت قوى سياسية لبنانية غياب قوى الأمن بشكل غير مسبوق عن الشارع اللبناني رغم ازدياد حالات القمع والاعتداء على المتظاهرين بالعاصمة بيروت، وأكدوا أن ما يحدث من تخريب واعتداءات يشوّه الانتفاضة الشعبية لتحقيق أهداف سياسية مشبوهة.

وخلال الاحتجاجات الشعبية، تقدم شباب من مناصري حزب الله وحركة أمل، إلى وسط بيروت، وعملوا على تحطيم وإحراق المحال التجارية، وبعدها وعد وزير الداخلية والبلديات اللبناني العميد محمد فهمي بملاحقة المعتدين، وكتب على "تويتر": "كما أكدنا مرارًا على حماية المتظاهرين السلميين وقمع المشاغبين والمندسين، فإن قوى الأمن ستعمل على ملاحقة من حطم الأملاك العامة والخاصة في قلب بيروت وإحالتهم للقضاء".

من جانبه، استنكر مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبداللطيف دريان، ما حدث في العاصمة، وقال في بيان: "ما قام به المخربون في بيروت، ينبغي أن يُلاحقوا ويُلقى القبض عليهم، ويُحالوا إلى القضاء المختص ليحاسبوا ويعاقبوا ويكونوا عبرة لغيرهم".

وحمّل دريان "الدولة اللبنانية مسؤولية ما حدث في وسط بيروت من أعمال شغب وتحطيم وحرق للمحلات التجارية من أملاك عامة وخاصة، التي ينبغي أن تكون حامية لأملاك الناس"، وأضاف: "دار الفتوى تدعو جميع المسؤولين في الدولة إلى القيام بواجبهم، وإلا دخلنا في المحظور".

مراقبون أكدوا أن الغياب الكامل للسلطة عما يجري في لبنان، والأداء غير المقنع للقوى المكلفة حماية أمن اللبنانيين وأرواحهم وممتلكاتهم، يثيران الكثير من علامات الاستفهام ليس فقط حول كفاءة من يتولون المسؤولية السياسية، بل حول منسوب الوطنية لديهم".

وأوضحوا أن هذا الأداء يؤكد للأسف أن هؤلاء جميعًا أضعف من إيجاد حلول للأزمة اللبنانية الاقتصادية والمالية، مضيفين أن عصابات مسلحة تسرق وتنهب بدافع ظاهر وهو الفقر والحاجة إلا أن تلك الميليشيات تتلقى تعليمات مباشرة من قيادتها، وبجدول أعمال تدميري محدّد وله أهداف لا علاقة لها بالثورة لا من قريب ولا من بعيد".

الأمن متهاون عمدًا.. ونتحرك في جماعات لحماية أنفسنا من أعمال السرقة والنهب

يقول عماد الشامي، 41 عامًا، أنتظر على أحر من الجمر عودة حركة الطيران بشكل طبيعي لأفر من هنا، الأمن غائب في الشوارع والاقتصاد منهار، أصبحت أحصل على طعامي وشرابي مقابل مقايضة الأجهزة المنزلية والملابس وغيرها، ورغم ذلك نحتمل الوضع الذي تمر به بلادنا، إلا أن زيادة نسبة الجرائم بشكل غير مسبوق هو أمر لا يحتمل خاصة مع ملاحظة الجميع لتراخي وتهاون واضح من أجهزة الأمن يصل إلى مرحلة التواطؤ، وتساءل ولكن كيف للمواطنين أن يحتملوا غياب الأمن.

وتابع الشامي: حوادث السرقة والاغتصاب أصبحت أمرًا يوميًّا نشاهده من نوافذ منازلنا ولا نستطيع التدخل وإذا حاولنا طلب قوات الأمن لا يحضر أحد وكأن المسؤولين قرروا أن يتركونا نحتكم لقانون الغاب، وكل من يملك سلاحًا هو من يستطيع حماية نفسه فقط.

وأضاف: عدد الجرائم يزيد يوميًّا بسبب الصعوبات الاقتصادية والأمن يقف عاجزًا بسبب الجرائم العديدة التي يرتكبها أشخاص لا يملكون صحيفة جنائية سابقة ودفعهم الفقر لممارسة أعمال السلب والنهب، مضيفًا أصبحنا مضطرين أن ننزل إلى الشوارع لشراء احتياجاتنا الأساسية في جماعات لحماية أنفسنا وقمنا بفرض حظر صارم على الأطفال والنساء يفوق ما فعلناه للحماية من فيروس كورونا، فكل شخص يسير وحده في شوارع لبنان أصبح معرضًا للخطر.

الخبراء يتحدثون عن منطقية انتشار الجرائم ولا أحد يخبرنا ما الحل

في السياق ذاته، يقول عمار شحرور، 44 عامًا، إن استمرار الأوضاع بهذه الصورة أمر مستحيل، من شرفة منزلي -الذي لا أغادره معظم الوقت- لم أشاهد شرطي أو عربة أمن منذ بداية الإجراءات الاحترازية ضد تفشي فيروس كورونا، ورغم ذلك شاهدت أكثر من مرة مجموعات من الشباب يرتدون أزياء قتالية خاصة بعناصر تنظيم حزب الله، فهل سقطت الدولة ولم يبقَ إلا هذا التنظيم الإرهابي هو من يسيطر على مقاليد الأمور.

وتابع شحرور: الخبراء يتحدثون أن انتشار الجرائم أمر طبيعي مع زيادة نسبة الفقر بشكل غير مسبوق، ولكن أين الدولة من ذلك، فهل ستتركنا الدولة لكي يأكل القوي فينا الضعيف، نمنع أطفالنا من النزول إلى الشوارع وحتى نحن أصبحنا لا ننزل إلى الشارع إلا في أضيق الحدود وللأسباب القهرية فقط.

وأضاف: التقارير الأمنية التي تصدر دائمًا ما تؤكد لمخاوف من تفاقم الوضع الأمني بسبب تفاقم الجوع والفقر، ولكن دون حلول فقط يخبرونا بالمشكلات التي نعاني منها دون أن يتحرك أحد لحل، وما نراه بأنفسنا من استغلال للمواطنين والفقراء يزداد يومًا بعد يوم؛ ما يؤكد أن مستوى العنف سيتفاقم أيضًا في ظل غياب أي أفق سياسي أو اقتصادي من شأنه توضيح فترة زمنية محددة لتطبيق الحلول.