صحفيون ونشطاء عراقيون يَرْوُون معاناتهم في ظلّ اغتيالات البصرة

صحفيون ونشطاء عراقيون يَرْوُون معاناتهم في ظلّ اغتيالات البصرة
صورة أرشيفية

اغتيالات الميليشيات الإيرانية خنجر مسموم في خاصرة العراق، تستهدف كل مَن يعلو صوته مطالبًا بسيادة العراق، واستقلالها عن التدخلات الإيرانية في البلاد، حتى أصبحت البصرة ملونة باللون الأحمر بسبب سكب دماء النشطاء على أرضها، ظاهرة ممتدة منذ 17 عامًا ومتواصلة حتى الآن.

 

بداية الاغتيالات

بدأت الاغتيالات منذ عام 2003، مع اغتيال الكفاءات العلمية العراقية، إذ قُتل المئات من العلماء وأساتذة الجامعات والخبراء والمستشارين والصحفيين والنشطاء السياسيين المناهضين ضد التدخل الخارجي في بلادهم في كافة القطاعات المختلفة، وكشف جنرال فرنسي عن وجود 150 عنصرًا تابعًا للحرس الثوري الإيراني، داخل العراق لاغتيال 500 من العلماء العراقيين ممن لهم صلة بمطالب بنزع السلاح وإخراج الميليشيات الإيرانية.

 ومنذ اندلاع مظاهرات العراق ويتردد على سمعنا أنباء عن  عمليات اغتيال وخطف، وتهديدات مستمرة داخل البلاد، حتى أسفرت عن مقتل أربعة صحفيين وبعض من النشطاء، وإفراغ جنوب العراق بشكل شبه تامّ من الصحفيين المناهضين ضد النظام الإيراني.

 

هروب الصحفيين من البصرة

قال "مصطفى الشمري"، صحفي عراقي إنه ترك محافظة البصرة بعد اغتيال ميليشيات الحشد اثنين من زملائه، وهما كل من أحمد عبدالصمد وصفاء الغالي في 10 يناير، وانتقل إلى محافظة عراقية أخرى للعيش داخلها لحين استقرار الأوضاع في محافظته وانتهاء النفوذ الإيراني في العراق.

وأضاف "الشمري" في تصريحات لـ"العرب مباشر": "عقب فض اعتصامات البصرة من قِبل الميليشيات والقوات الأمنية العراقية الخاضعة لها لأول مرة في نوفمبر الماضي، أبلغني مصدر داخل القوات الأمنية أن أسماءنا موجودة ضِمن قائمة المطلوبين من قِبل الميليشيات والقوات الأمنية، بعد أن رفعت قوات الصدمة دعوى قضائية علينا بتهمة التحريض ضد الحكومة، لذلك اضطررت إلى مغادرة البصرة في حينها لمدة ٢٠ يومًا والعودة إليها بعد أن تدخلت نقابة الصحفيين وأوقفت أوامر إلقاء القبض علينا". 

ونوه أنه عقب عودته تلقى اتصالاً من أحد أقاربه أبلغه أن هناك قائمة بأسماء الناشطين والصحفيين لدى الميليشيات المتواجدة داخل البصرة لاغتيالهم أو اختطافهم.

 

تلقيت تهديدات بالقتل من الميليشيات

وفي سياق آخر قال الناشط المدني "عصام السامرائي" لـ"العرب مباشر"، إنه تلقى تهديدات من قِبل الميليشيات الإرهابية، منذ انطلاق المظاهرات ومشاركته فيها ولم تتوقف تلك التهديدات منذ أكتوبر الماضي وحتى الوقت الحالي،عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي أو الاتصال أو عن طريق منشورات تحضيرية ضد الناشطين والصحفيين. 

 

نشعر بالخوف على أولادنا 

من جانبه قال "محمد السعدون"، مدرس بمحافظة البصرة (56 عامًا) نشعر بالرعب ينتابنا على حياة أولادنا وعلى حياتنا شخصيًا، لافتاً أن سيناريوهات اغتيال شيوخ القبائل عقب عام 2003 عادت لتسيطر على المشهد العراقي.

أضاف "السعدون" في تصريحات لـ"العرب مباشر":" النشطاء يتعرضون إلى حملة اغتيالات وتصفية جسدية وتهديدات منذ بداية الاحتجاجات، وحتى هذه اللحظة في محافظة البصرة"، مشيراً أن تلك التصفيات ربما تصل إلى الشباب الصغير الذي يشارك في التظاهرات والذي وصل للبعض منهم تهديدات بالقتل والتصفية. 

الصحفيون يبقون في المنزل خوفًا على حياتهم

من جانبه أكد "محمد علي"، صحفي عراقي، أن تهديدات الميليشيات دفعت بعض الصحفيين والنشطاء للجلوس في المنازل وعدم الخروج للمظاهرات، لافتًا إلى أن هذه الاغتيالات والتهديدات تؤثر على حركة الاحتجاج، لاسيما أنهم يسلطون الضوء على الاحتجاجات، والناشطون يحشدون الرأي العام، وهما المحرك الرئيسي للمظاهرات. 

تابع "علي" لـ"العرب مباشر": "عمليات الاغتيال والاختطاف لم تطل الصحفيين فحسب، بل شملت المشاركين في المظاهرات أيضًا، فاضطر العشرات منهم إلى تغيير أماكن سكنهم لتجنب ملاحقة الميليشيات لهم".

 

اغتيالات هزت استقرار العراق

اغتال مسلحون مجهولون، منتصف أغسطس، الناشطة العراقية، "ريهام يعقوب"، في مدينة البصرة جنوبي العراق.

وذكرت وسائل إعلام عراقية أن مسلحين أطلقوا النار نحو سيارة كانت تستقلها "ريهام" مع صديقتها في حي الرضا، مما أدى إلى مقتل الأولى وإصابة الثانية.

وكانت "ريهام يعقوب" تعمل في مجال التغذية، كما أنها انخرطت في الاحتجاجات التي فجرها الشباب العراقيون، في أكتوبر من العام الماضي بسبب الفساد.

وهذه ثاني عملية اغتيال تشهدها، البصرة، عاصمة الجنوب العراقي خلال أيام، بعد اغتيال الناشط تحسين علي.

وأكدت وسائل إعلامية حينها أن المجهولين اقتحموا مقر عمل الناشط، وأطلقوا النيران عليه، مما أدى إلى مقتله.

وأدت الاحتجاجات إلى سقوط حكومة رئيس الوزراء السابق، عادل عبد المهدي، بعد شهرين من اندلاعها.

وفي أواخر يوليو الماضي، كشف رئيس الوزراء، "مصطفى الكاظمي"، أن 560 شخصًا قُتلوا خلال قمع الاحتجاجات التي استمرت أشهرًا طويلة.

إجراءات حكومية لمواجهة الاغتيالات

وكان قد أعلن رئيس وزراء العراق، "مصطفى الكاظمي"، إقالة عدد من المسؤولين بسبب عمليات الاغتيال الأخيرة.

وأضاف الكاظمي عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: "أقلنا قائد شرطة البصرة وعددًا من مديري الأمن بسبب عمليات الاغتيال الأخيرة".

وأكد: "سنقوم بكل ما يلزم لتضطلع القوى الأمنية بواجباتها. التواطؤ مع القتلة أو الخضوع لتهديداتهم مرفوض وسنقوم بكل ما يلزم لتقوم أجهزة وزارة الداخلية والأمن بمهمة حماية أمن المجتمع من تهديدات الخارجين على القانون".