تهديد بالإعفاء أو انتخابات رئاسية.. تفاقم الأزمة بين عون والحريري

اشتعلت نار الأزمة بين سعد الحريري وميشال عون بسبب الإنتخابات اللبنانية

تهديد بالإعفاء أو انتخابات رئاسية.. تفاقم الأزمة بين عون والحريري
سعد الحريري والرئيس اللبناني

في الوقت الذي تشهد فيه الميادين اللبنانية غضبا شعبيا بالغا جراء تدهور الأوضاع الاقتصادية وانهيار الليرة بشكل قياسي وتفشي الفقر والبطالة وغياب الساسة، اشتعل خلاف بالغ بين الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس الوزراء المكلف سعد الحريري بسبب عدم التوافق على تشكيل حكومة في البلاد.

التشكيل أو التنحي


خلال الساعات الماضية تجدد الخلاف بين عون والحريري المتأجج منذ أشهر، طالب الرئيس اللبناني في خطابه رئيس الوزراء إما بتأليف الحكومة أو التنحي، مؤكدا أن التشكيلة التي قدمها الحريري قبل شهرين "لا تلبي الحد الأدنى من التوازن الوطني والميثاقية"، على حد قوله.

وأضاف عون، في حديث تلفزيوني، "أدعوه الحريري إلى قصر بعبدا من أجل التأليف الفوري للحكومة بالاتفاق معي، وفق الآلية والمعايير الدستورية المعتمدة في تأليف الحكومات من دون تحجج أو تأخير".

وتابع: "دعوتي للرئيس المكلف تأتي من منطلق مسؤوليته الدستورية وضميره الإنساني والوطني، ذلك أن مثل هذه المعاناة الشعبية لن ترحم المسؤول عن التعطيل والإقصاء وتأبيد تصريف الأعمال، وعليه أن يبادر فورا إلى أحد الخيارين المتاحين".

وأوكل عون للحريري، في أكتوبر الماضي، مهمة تشكيل حكومة في البلاد، ليتولى رئيس الوزراء إجراء مشاورات لتشكيل "حكومة من الاختصاصيين"، لكنه لم يتمكن من تنفيذها حتى الآن بسبب عدة عقبات، منها تمسك "التيار الوطني الحر" بالحصول على ثلث الحقائب الوزارية.

مفاجأة الحريري


وتسبب ذلك الخطاب المتلفز في تفاقم السجال بين الطرفين، حيث أكد رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري في تغريدة على تويتر أنه فوجئ بالدعوة عبر الكلمة التلفزيونية لتشكيل الحكومة فورا.

وقال الحريري: إنه "إذا عجز الرئيس عون عن توقيع مراسيم تشكيل حكومة اختصاصيين غير حزبيين فإن عليه أن يصارح اللبنانيين بالسبب الحقيقي الذي يدفعه لمحاولة تعطيل إرادة المجلس النيابي الذي اختار الرئيس المكلف، والذي يمنعه منذ شهور طويلة عن إفساح المجال لتشكيل الحكومة".

كما أوضح الحريري، في بيانه: "سأتشرف بزيارته عون للمرة السابعة عشرة فورا، إذا سمح جدول مواعيده بذلك، لمناقشته في التشكيلة الموجودة بين يديه منذ أسابيع عديدة، والوصول الفوري إلى إعلان تشكيل الحكومة".

وأردف: "في حال وجد فخامة الرئيس نفسه في عجز عن توقيع مراسيم تشكيل حكومة اختصاصيين غير حزبيين قادرة على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة، ووقف الانهيار الذي تعاني منه البلاد والعباد، فسيكون على فخامته أن يصارح اللبنانيين بالسبب الحقيقي الذي يدفعه لمحاولة تعطيل إرادة المجلس النيابي الذي اختار الرئيس المكلف للحكومة".

وطالب الحريري عون بـ"اختصار آلام اللبنانيين ومعاناتهم عبر إتاحة المجال أمام انتخابات رئاسية مبكرة"، معتبرا ذلك: "لأنها الوسيلة الدستورية الوحيدة القادرة على إلغاء مفاعيل اختياره من قبل النواب لرئاسة الجمهورية قبل 5 أعوام، تماما كما اختاروني رئيسا مكلفا لتشكيل الحكومة قبل 5 أشهر".

كما أشار إلى أنه ينتظر منذ عدة أسابيع تلقي اتصال هاتفي من عون لمناقشة التشكيلة الحكومية المقترحة وإصدار المراسيم الخاصة بها.

لبنان أمام ٣ خيارات


وبعد تصريحات عون والحريري والخلاف الضخم بينهم، باتت لبنان أمام خيارين، إما تمرير التشكيلة الحكومية المقترحة قبل أسابيع وتضم 18 وزيرا من الاختصاصيين، أو الدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة، أو إعفاء الحريري ونقل مهمة الحكومة لشخصية جديدة.

ومنذ استقالة الحكومة بعد الانفجار الضخم الذي هز مرفأ بيروت، لم يتم الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة لتحقيق الإصلاحات لتتفاقم الكارثة الاقتصادية.

ووسط تلك الأزمة، تدخلت عدة أطراف خارجية، أبرزهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ولكنه لم يتمكن من إحداث تغيير بالبلاد والخروج من الخلاف السياسي.

كما يضغط مسؤولون أوروبيون وأميركيون لتشكيل حكومة جديدة، لتجنب فرض عقوبات على بيروت.

وهوى سعر الليرة إلى 15 ألفا للدولار، لتفقد ثلث قيمتها في آخر أسبوعين. وهي الآن متراجعة 90% منذ أواخر 2019.

وأكدت صحف لبنانية أن تجدد السجال والاشتباك الكلامي بين الرئيس ميشال عون ورئيس الوزراء المكلف سعد الحريري، من شأنه أن يؤدي إلى استفحال الأزمات التي يمر بها لبنان وتفاقم المعاناة الاقتصادية والمعيشية لمواطنيه.

واعتبرت أن عون أراد أن يكون الاشتباك مع الحريري ظاهرا أمام الرأي العام بغية تحميله مسؤولية التعطيل وإظهاره بمظهر العاجز عن التشكيل أو المتعمد العرقلة، لافتة إلى أن كلمة الرئيس اللبناني بدت وكأنها أقرب إلى مذكرة جلب (ضبط وإحضار) بحق رئيس الوزراء المكلف، لحمله على تشكيل حكومة كما يشترطها رئيس الجمهورية أو الاعتذار عن عدم الاستمرار في مهمة التأليف، ومشددة على أنه لم يسبق أن خاطب رئيس جمهورية في لبنان رئيس حكومة مكلفا "بهذا الشكل المهين علنا".

اتهامات متبادلة


وأشارت الصحف اللبنانية إلى أن العلاقة بين عون والحريري وصلت إلى "الحائط المسدود" وأن الأمور بينهما أصبحت مفتوحة على شتى الاحتمالات، في وقت يندفع لبنان مسرعا نحو السقوط في هاوية كارثية لن يبقى معها بلد أو رئاسات أو أي شيء إن استمر الدفع إليها كما هو جار على خط الاشتباك بين شريكي التأليف ورفضهما لبعضهما البعض.

وفي شهر يناير الماضي، تبادل الطرفان الاتهامات، وجه عون، اتهاما للحريري، في مقاله بصحيفة "الأخبار" اللبنانية، بـ"التعدي" على صلاحياته و"التفرد بتشكيل الحكومة بشكل مخالف للدستور"، قائلا: "الحريري يريد أن يكون شريكا في تسمية الوزراء المسيحيين، وهو ما لن نقبله لأنه سيخل بالتوازن الحكومي".

وبعد شهر، أعلن الحريري فشل الاجتماعات مع عون بشأن الاتفاق المشترك لإنهاء الجمود في أزمة تشكيل الحكومة، بسبب تمسك كل طرف بموقفه، حيث رفض الرئيس اللبناني مقترح تشكيل حكومة اختصاص لا يحظى أي تيار سياسي بالسيطرة على الثلث المعطل فيها.