ترامب يجمد العقوبات على إيران ويوقف حملة الضغط القصوى
ترامب يجمد العقوبات على إيران ويوقف حملة الضغط القصوى

في تطور مفاجئ قد يغيّر اتجاه السياسة الأمريكية تجاه إيران، صدرت الأسبوع الماضي توجيهات من المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، تقضي بوقف جميع أنشطة العقوبات الجديدة ضد إيران. ويبدو أن حملة "الضغط الأقصى" التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب باتت الآن في حالة جمود، وفقًا لمصدر مطلع على ما يجري داخل البيت الأبيض.
التوجيه شمل كافة الدوائر المعنية
وأكدت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، أنه جرى تعميم التوجيه الجديد على كبار المسؤولين في مجلس الأمن
القومي ووزارة الخزانة، ثم امتد لاحقًا إلى وزارة الخارجية.
ولم يتوقف نطاق القرار عند هذا الحد، إذ شمل مسؤولين معنيين بالسياسات المرتبطة بالشرق الأوسط، كما تطلّب الأمر توسيع نطاق التعميم ليشمل دوائر أخرى، نظرًا لتداخل العقوبات على إيران مع السياسة الأمريكية تجاه قوى دولية كالصين – التي تستورد أكثر من 90% من صادرات النفط الإيراني – إضافة إلى اليابان وأوروبا والهند وجنوب شرق آسيا.
فوضى مؤسسية داخل مجلس الأمن القومي
ويُطرح تساؤل كبير في أروقة السياسة الأمريكية: لماذا جاء هذا القرار من مكتب المتحدثة باسم البيت الأبيض بدلاً من صدوره، كما هو متعارف عليه، عن مجلس الأمن القومي أو وزارة الخزانة؟ تشير المعطيات إلى أن مجلس الأمن القومي يعاني من فوضى داخلية، لا سيما بعد أن أقدمت إدارة ترامب على إيقاف أكثر من 100 موظف عن العمل مؤخرًا.
كما أن تقسيم المهام الجديدة بين وزارة الخارجية ومكتب نائب الرئيس ما يزال غامضًا وغير واضح، فيما أفادت شبكة "سي بي إس" الأمريكية، بأن فريق الاتصالات داخل مجلس الأمن القومي بصدد التفكك. ومن هنا، بدا أن مكتب المتحدثة باسم البيت الأبيض تدخل لسد هذا الفراغ المؤسسي.
البيت الأبيض لا ينفي ويصدر توضيحًا مقتضبًا
وأشارت الصحيفة، أنه عندما طُلب من البيت الأبيض التعليق على قرار وقف العقوبات، لم يصدر أي نفي رسمي، بل اكتفى بيان من نائبة المتحدثة باسم البيت الأبيض، آنا كيلي، بالقول إن أي قرارات جديدة بخصوص العقوبات سيتم الإعلان عنها من قبل البيت الأبيض أو الوكالات المعنية داخل الإدارة.
إيقاف بدون أجل محدد
وأشارت الصحيفة، أن هذا التوجيه جاء بعد منع صدور قرار روتيني من وزارة الخزانة بفرض عقوبات جديدة. ومنذ ذلك الحين، تأجلت على الأقل حالتان أخريان كان من المقرر إقرارهما ضمن جدول العقوبات. ولم يُعلن عن أي إجراءات عقابية أمريكية جديدة ضد إيران منذ 21 مايو.
ويرى بعض المسؤولين السابقين في إدارة ترامب، أن هذه السياسة ربما تهدف فقط إلى التباطؤ وإعادة تقييم أي قرارات عقابية جديدة، نظرًا لحساسية المحادثات النووية الجارية، لكنهم يعتقدون أن هذه التوجيهات ربما فُسّرت بشكل مبالغ فيه على طول سلسلة اتخاذ القرار.
وفي المقابل، يشعر آخرون بالقلق من أن التوجيهات الجديدة وُضعت دون علم بعض الجهات الفاعلة في صياغة السياسة، ما سبب صدمة لدى عدد من المسؤولين.
غموض حول نطاق الإيقاف
وأشارت الصحيفة، أن الغموض ما يزال يسيطر على نطاق القرار؛ إذ لم يتضح ما إذا كان يشمل فقط العقوبات الجديدة، أم يمتد كذلك إلى تطبيق العقوبات القائمة.
وعلى الرغم من أن القيود الكبرى المفروضة على صادرات النفط الإيراني والأموال المجمدة في قطر ستظل قائمة كما هو مرجّح، إلا أن إصدار توجيهات إضافية أو التراجع عن قرار التجميد من شأنه أن يوضح الصورة.
ضغوط متبادلة ومفاوضات محفوفة بالريبة
تدرك إدارة ترامب أن التصعيد المفرط قد يثير إيران بشكل قد يعرقل المفاوضات النووية الجارية، لكنها أيضًا تعي أن الضغط هو ما أجبر طهران على الجلوس إلى طاولة الحوار في المقام الأول.
وكانت العقوبات الأخيرة قد بدأت بالفعل تؤتي ثمارها في إرباك صادرات النفط الإيراني إلى الصين.
لذا فإن توقيت التراجع عن سياسة الضغط يثير تساؤلات حول منطق الخطوة في وقت يتطلب فيه الموقف الأميركي المزيد من الحزم لانتزاع اتفاق مجدٍ.