بعد انتقامها من الجالية العراقية... عراقيون يروون انتهاكات أنقرة بحقهم

بعد انتقامها من الجالية العراقية... عراقيون يروون انتهاكات أنقرة بحقهم
صورة أرشيفية

تعيش الجالية العراقية في تركيا أيامًا شديدة الصعوبة بسبب إصرار السلطات التركية على التعنت ومضايقة العراقيين اعتراضًا على رفض النظام العراقي لانتهاكات وتجاوزات الجيش التركي وإصراره على انتهاك السيادة العراقية، السلطات التركية رفضت إعطاء تأشيرات العودة لأعضاء الجالية العراقية من بينهم تجار وطلاب ومرضى ينتظرون بفارغ الصبر العودة إلى بلادهم بعد أن توترت العلاقات تدريجيًّا بين البلدين ووصلت إلى قطع كامل للعلاقات العراقية التركية، في حين يؤكد عراقيون أن المتضرر الأكبر هو تركيا التي ستواجه مقاطعة عراقية شاملة قريبًا ستسفر عن خسائر تتجاوز عدة مليارات من الدولارات، مؤكدين أن الجالية العراقية في تركيا تعاني لارتباك الأوضاع في ظل عدم انحصار أزمة كورونا بعد، ولكن العراقيين في تركيا يعيشون بأموالهم وليس مجانًا وسيجدون بديلًا لتركيا بأسرع وقت.
 
السلطات التركية تخشى رد الفعل لانتهاكاتها السيادة العراقية

تتصاعد الأزمة بين العراق وتركيا نتيجة للإصرار التركي على انتهاك السيادة العراقية وزيادة الأنشطة العسكرية على الحدود التركية مع العراق، وبعد تخفيف إجراءات الإغلاق المرتبطة بتفشي وباء كورونا علقت تركيا العمل بمذكرة تفاهم تنص على منح العراقيين سمات دخول عند منافذها الحدودية، على أن يحصل المواطنون الأتراك على المعاملة بالمثل في المنافذ العراقية.

وتكتمت السلطات العراقية على الأسباب التي دفعت تركيا إلى تعليق العمل بهذه المذكرة السارية منذ 2009، لكن مصادر دبلوماسية ألمحت إلى قضايا تتعلق بغسيل الأموال، في حين أصرت الحكومة العراقية على إعلان تعاملها بالمثل مع النظام التركي وعلقت التعامل بمذكرة التفاهم التي تنص على دخول الأتراك إلى الأراضي العراقية دون تأشيرات، وهو ما يسبب أزمة ضخمة لأعداد هائلة من العراقيين في تركيا تتجاوز النصف مليون عراقي.

مصادر رسمية تركية أكدت أن قرارها جاء استجابة لمخاوف غربية حذر من التعامل مع بعض العراقيين لتورطهم في قضايا غسيل أموال دفعت الاتحاد الأوروبي لوضع العراق ضمن لائحة الدول المتهمة في هذا المجال.

في حين أكد مراقبون أن السلطات التركية تعمدت وقف دخول العراقيين إلى الأراضي التركية خوفًا من أي أعمال انتقامية عراقية ضد القوات التركية بسبب إصرارها على قصف الأراضي العراقية وانتهاك سيادة العراق.

وردًّا على الرد العراقي، اتخذت تركيا قرار تعليق الرحلات الجوية مع العراق ذهابًا وإيابًا، ما يعني عزلة تامة بين البلدين.
 
تركيا تبتز العراق وتستغل حاجة المرضى والطلاب العراقيين

يحاول النظام التركي الضغط على السلطات العراقية لتحجيم رد الفعل العراقي على التجاوزات التركية مستخدمًا الجالية العراقية في تركيا كورقة ضغط، حيث تعتبر الجالية العراقية في تركيا هي الأضخم بعد الجالية السورية ومعظمها من الطلاب العراقيين والمرضى وكذلك التجار.

ولا تتوفر أرقام دقيقة عن تعداد الجالية العراقية في تركيا، وتقدم مصادر غير رسمية تقديرات عن عدد العراقيين في تركيا، مشيرة إلى وجود نحو نصف مليون عراقي مقيم أو شبه مقيم في هذا البلد.

وتضيف السياحة العلاجية والتجارية قرابة 200 ألف شخص إلى هذا العدد سنويًّا، لتتشكل جالية كبيرة جدًّا، ويرتبط الكثير من أبناء هذه الجالية بمشاريع تجارية تتطلب التنقل المستمر بين العراق وتركيا، في حين تتطلب السياحة العلاجية زيارات متعددة من قِبل المريض الواحد إلى تركيا.

ويدرس في تركيا عشرات الآلاف من الطلبة العراقيين في مختلف المراحل التعليمية، لكن مشكلة سمة الدخول ستؤثر بشكل أكبر في طلبة الدراسات الجامعية الأولية والعليا، الذين يسكن معظمهم في العراق، لذلك يسافرون بين البلدين باستمرار.

وتقول مصادر دبلوماسية: إن هناك الآلاف من العراقيين الذين ينتظرون دورهم لاستكمال إجراءات الحصول على سمة الدخول إلى تركيا في ظل شروط جديدة تفاقم التعقيدات، بانتظار التراجع عن قرار تعليق الرحلات الجوية بين البلدين.

وينتظر طلبة وتجار ومرضى عراقيون بفارغ الصبر حصولهم على تأشيرة دخول إلى تركيا، في ظل غياب أي مؤشرات جادة على إمكانية تفاهم عاجل بين بغداد وأنقرة في هذا الشأن.

الشعب قرر مقاطعة المنتجات التركية.. والأتراك سيخسرون سوقًا ضخمة لمنتجاتهم

من جانبه يقول، محمد السعيد، 40 عامًا، تاجر عراقي، على المستوى الشعبي ندرك جيدًا سبب القرارات التركية الساعية للضغط على الحكومة العراقية، نظام أردوغان يحاول مساومة الحكومة العراقية الرافضة لانتهاكات أردوغان لسيادة العراق، بالطبع الاقتصاد سيتأثر كثيرًا ولكن ليس من طرف واحد، فالعراق سوق ضخم للغاية للمنتجات التركية.

وأضاف السعيد: يجب على الحكومة العراقية سرعة الإعلان عن حزمة من القرارات التي تقضي بقطع العلاقات الاقتصادية مع تركيا، فالعراق لا يأخذ منتجات مجانية من الجانب التركي، والمنتجات الأقل سعرًا والأكثر جودة متواجدة في كل دول العالم، وكنا نفضل جلبها من تركيا بسبب سهولة الحركة والدخول والخروج إلى الأراضي التركية ولكن الآن تساوى الأمر ولم يعد هناك داعٍ للتنازل أكثر من ذلك.

وتابع السعيد: الجانب التركي سيدرك إذا ما اتخذت الحكومة العراقية قرار مقاطعة المنتجات التركية أنه الخاسر الأكبر، فالطلاب العراقيون في تركيا لا يدرسون مجانًا، بل يدفعون مصاريف باهظة إلى جانب إنعاشهم سوق الإيجارات والعقارات وكذلك الملابس والطعام والشراب، وكذلك المرضى العراقيون فهم يدفعون آلاف الدولارات في تركيا للعلاج ولكن الطب والعلاج موجود في كل دول العالم.

السعيد أكد أن العراقيين لن يصمتوا أمام التجاوزات التركية ولن ينتظروا قرارات الحكومة وبالفعل بدأ منذ أيام قرار المقاطعة التركية مثلما فعلوا من قبل مع المنتجات الإيرانية وكبدوا النظام الإيراني خسائر تجاوزت الـ5 مليارات دولار أميركي خلال عدة شهور، وهو ما سيتم تكراره مع النظام التركي ليعرف جيدًا أن تكلفة اعتدائه على الأراضي العراقية كبيرة وستتسبب في خسائر غير مسبوقة لتركيا بالكامل.
 
على الجيش فرض سيطرته على الحدود وردع المتطاولين على سيادة العراق

في السياق ذاته، يقول هاشم كريم، 38 عامًا، ندعم وزارة الخارجية العراقية وقرارات الحكومة ضد العدوان التركي، العراقيون لا يتنازلون عن كرامتهم مهما كانت التهديدات، التعامل بالمثل مع تركيا وعدم استقبال كافة المسؤولين الأتراك الذين كانوا قادمين إلى العراق أمر ضروري وخطوة هامة ليعرف الأتراك خطورة انتهاكهم لسيادة العراق.

وأضاف: نرى أن على الحكومة العراقية التصعيد ضد الانتهاكات التركية فبعد سلسلة عمليات عسكرية وغارات جوية داخل الأراضي العراقية وتسببهم في سقوط قتلى مدنيين وعسكريين نرى الجانب التركي هو من يشعر بالغضب من رد الفعل العراقي.

وتابع كريم: مذكرات الاحتجاج شديدة اللهجة لا تكفي لوقف الاعتداءات التركية، وجميعنا ننتظر دعمًا عربيًّا ودوليًّا لحق الحكومة العراقية في وقف الانتهاك التركي لسيادة العراق ووحدة أراضيه.

كريم أشار إلى ضرورة قيام السلطات العراقية بإشراك مجلس الأمن الدولي في حل تلك الأزمة، وكذلك العمل على إلغاء الاتفاقية التي تم توقيعها عام 1985 بين الحكومة العراقية والتركية والتي سمحت بدخول القوات التركية لمسافة تتجاوز الـ30 كيلومترًا داخل الأراضي العراقية، ويجب على القوات العراقية حماية حدودها وكذلك فرض سيطرتها على القيادات الكردية التي وضعت العراق بالكامل في هذا المأزق بسبب إصرارهم على احتضان قيادات حزب العمال الكردستاني التركي.