انهيار الاقتصاد.. وتفشي "كورونا" يحاصران اللبنانيين و"ثورة الجياع" تقترب

انهيار الاقتصاد.. وتفشي
صورة أرشيفية

أزمة تلو الأزمة في لبنان، تراكم الأزمات ينذر بأيام صعبة سيعيشها المواطن اللبناني الذي بدأ الخروج إلى الشارع رغم تفشي وباء كورونا المستجد، للإعلان عن غضبه، وخوفه من بوادر مجاعة قد تكون عواقبها أكثر قسوة على اللبنانيين من "كورونا"، انخفاض سعر صرف الليرة والأزمات الاقتصادية الطاحنة امتزجت بالصعوبات الناشئة عن الإجراءات الاحترازية وتعطل الإنتاج بسبب فيروس كورونا ليضعوا المواطنين في أزمة حقيقية أكد غالبيتهم أنها غير مسبوقة ولم يمر بها الشعب اللبناني في تاريخه.
 

غضب شعبي جارف.. وبوادر لـ "ثورة جياع" تهدد الجميع


مظاهرات في مناطق مختلفة من لبنان احتجاجًا على تردي الأوضاع المعيشية والارتفاع الجنوني في سعر الدولار مقابل الليرة وغلاء وشح المواد الغذائية، البعض وصف خروج المواطنين اللبنانيين إلى الشارع ببوادر ثورة جياع، وصرخة تحذيرية للسياسيين والحكومة من أجل التدخل ووضع خطة حكومية من أجل دعم صرف الليرة وإنقاذ الأوضاع التي زاد تدهورها بشدة منذ فرض الإجراءات الاحترازية لمحاصرة فيروس كورونا.


انهيار سريع لقيمة الليرة اللبنانية دفعها للوصول إلى عتبة الـ 4 آلاف ليرة مقابل الدولار الواحد في السوق السوداء، مقارنة بسعر الصرف الرسمي 1500 ليرة، ونشر محتجون صورًا ومقاطع مصورة لهم وهم يشعلون الإطارات في الشوارع رفضا للغلاء الكبير للسلع الغذائية جراء انخفاض قيمة العملة المحلية والذي رافق أيضا قدوم شهر رمضان المبارك بما يحمله من عادات تزيد من إنفاق الأسر على المواد الغذائية.


الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي والأمن العام حاولت السيطرة على الأوضاع بتسيير دوريات أمنية وتنفيذ انتشار على الطرقات الداخلية في مختلف المناطق اللبنانية، بهدف تطبيق مقررات مجلس الوزراء القاضية بالتزام جميع المواطنين حالة التعبئة العامة، والبقاء في منازلهم وعدم الخروج منها إلا للضرورة القصوى، وتداول اللبنانيون مقاطع فيديو لمتظاهرين غاضبين عبروا عن ألمهم وجوعهم أمام الكاميرا، حيث يصرخ أحد المتظاهرين بالشرطة التي حاولت إبعاده عن مكان التظاهر بأنه جائع ولم يأكل شيئا ليرد عليه الشرطي في مقطع مؤثر بأنه أيضا جائع وقد تكون حاله أصعب من المتظاهر نفسه.
 


الأزمة الأسوأ في تاريخ لبنان.. وعشرات الآلاف يجمعون الأعشاب البرية للغذاء


جائحة "كورونا" دفعت السلطات لإعلان التعبئة العامة وإغلاق المؤسسات والمحلات التجارية، وتعليق معظم الأعمال، ما تسبب في تفاقم أزمة اقتصادية هي الأسوأ بتاريخ لبنان.


ورصدت تقارير حقوقية دولية، انتشار الفقر بنسبة هائلة بين المواطنين وأصبح عشرات الآلاف من الأشخاص يذهبون يوميًا للحقول بحثًا عن الأعشاب البرية وتجميع الأخشاب لاستخدامها في الطبخ حيث عجزوا عن دفع فواتير الغاز مما تسبب في قطعه عنهم، مضيفة أن عددا كبيرا من اللبنانيين باعوا أثاث منازلهم لشراء طعام لأسرهم وانتشرت أعراض سوء التغذية على عدد كبير. 
رئيس البرلمان نبيه بري طالب الحكومة باستخدام سلطاتها القانونية لوقف "الانهيار الدراماتيكي" للعملة اللبنانية قبل فوات الأوان، فيما دعا الرئيس اللبناني العماد ميشال عون اليوم إلى إنشاء محكمة خاصة لمكافحة الفساد، مشددا على "ضرورة استهداف الفساد السياسي بصورة خاصة وعدم التركيز فقط على الفساد الإداري على خطورته".


وقررت جمعيات وأفراد تقديم مساعدات مالية وغذائية للعائلات الأكثر تضررًا خلال شهر رمضان، وجهزت بالفعل جمعيات خيرية كثيرة في مختلف المناطق اللبنانية لوائح بأسماء العائلات الفقيرة في كل مدينة وبلدة، لتوزيع حصص غذائية ومبالغ مالية عليها، إضافة إلى تقديم رجال أعمال مساعدات عينية ومالية، لاسيما للاجئين السوريين في لبنان.
 
الحكومة تطالبنا بالبقاء والموت بالبطيء.. والقمامة أصبحت فارغة


يقول إبراهيم جسار، 54 عاما، لبناني، ويمتلك محلا للحلاقة، ما نمر به الآن لم أرَ له مثيلا طوال حياتي، فالمجاعات تبدأ تدريجيًا وليس بهذا الشكل المفاجئ، الحكومة تطالبنا بالبقاء في منازلنا والموت بالبطيء.
وأضاف، قرار الدولة بإغلاق مصدر رزقي الوحيد لا يعنيني ولكن حتى المواطنين أصبحوا لا يتحركون من منازلهم إما توفيرًا للنفقات أو لعدم امتلاكهم الأموال أو خوفًا من العدوى بفيروس كورونا، مضيفًا البحث عن الغذاء في القمامة أصبح رفاهية لا يملكها الجميع فالفقر الشديد جعل القمامة في الشوارع لا تحتوي على ما يمكن أكله لن أنتظر الموت وسأبقى بالشوارع حتى تتحرك الدولة لإنقاذنا.


وتابع جسار، احتملنا كثيرًا الفساد دمر قدرتنا على الحياة، وتراخي السلطات زاد الطين بلة، ليأتي وباء كورونا ويجعلنا نعيش حياة لم نتخيلها في أسوأ كوابيسنا، أبنائي جوعى ولا أستطيع إطعامهم والجميع يخشى الأيام القادمة فلا يوجد من يقرضني مالا ولا يوجد عمل ولا يوجد طعام، متسائلًا هل صدر قرار ضد فقراء اللبنانيين بالإعدام، لن نرضى بالوضع الحالي فـ"الجوع كافر" وسأبحث عن الطعام لأبنائي مهما كلفني الأمر.
 
اليأس دفعنا للمشاركة في التظاهرات.. ولا يوجد "صبر" مع الجوع


في السياق نفسه، يقول وسام الكرار، لبناني 33 عاما، شاركت في التظاهرات نتيجة اليأس، فلا أملكه من المال لن يكفيني أسبوعًا واحدا، وبعدها سأبدأ رحلة البحث عن الطعام في القمامة إذا وجدته.


وأضاف، البعض طالب أبناء لبنان بالمهجر بمساعدة وطنهم ونقل استثماراتهم وأموالهم لدعم الاقتصاد الوطني ولكن جميعنا نعلم صعوبة ذلك في ظل تفشي وباء كورونا وتعطل الحياة في كافة أرجاء العالم، موضحًا، الحل يجب أن يأتي من داخل لبنان، الفقراء صبروا كثيرًا ونحن معهم ولن نستطيع الصبر أكثر من ذلك، فمع الجوع لا يوجد صبر.


وتابع الكرار، فصلت من عملي، منذ بدء الإجراءات الاحترازية، لم اعد املك مصدرا للدخل ورغم ذلك مطالب بدفع إيجارات وفواتير كهرباء وغاز فالظروف لا ترحمنا والدولة لا تقدم حلولا جيراني يبحثون عن الأخشاب في الشوارع لطهي الطعام لأبنائهم وإذا استمر الوضع كما هو فسيأتي الشهر القادم ولا يجد أكثر من نصف اللبنانيين ما يطهونه على تلك الأخشاب وإذا قامت ثورة الجياع يسلم أحد منها في لبنان.