ازدواجية أردوغان بين مزاعم دعم فلسطين والتفاني لأجل إسرائيل

ازدواجية أردوغان بين مزاعم دعم فلسطين والتفاني لأجل إسرائيل
صورة أرشيفية

أثار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مجددًا الجدل بشأن علاقته مع إسرائيل، لاسيما بعد ادعاءاته بشأن الاتفاق الثلاثي لصالح القضية الفلسطينية، لتظهر ازدواجيته مرة أخرى، حيث تربطه علاقات قوية مع تل أبيب في مختلف المجالات، بينما يطلق خطابًا يُظهِر بأنه عدائي معها.

المتاجرة بفلسطين


دائمًا ما تطلق تركيا أحاديث واهية بشأن دعمها لفلسطين، كمحاولة لكسب ودّ الشارع، فتارة بزعم تقديم مساعدات، وتارة أخرى ينظم حزب العدالة والتنمية الحاكم بصفة مستمرة تظاهرات في إسطنبول دعمًا للقضية الفلسطينية، ولكن في المقابل يقام احتفال سنوي في السفارة الإسرائيلية بأنقرة بذكرى تأسيس الدولة العبرية، ما يعكس ازدواجية واضحة بتركيا.

ورغم تلك الادعاءات، فلقد كشفت الأمم المتحدة بدورها المزاعم التركية، حيث لم يتضمن تقرير لوكالة "غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين" اسم تركيا من بين الدول الأكثر دعمًا للوكالة، وهو ما كان صفعة على وجه أردوغان وفضحًا لموقفه حينها.

 

التطبيع التركي الإسرائيلي


يتحدث التاريخ فيكشف حقيقة تركيا منذ البداية، فلقد كانت أنقرة أول دولة ذات غالبية مسلمة تعترف بإسرائيل عام 1949، ومع تولي حكومة العدالة والتنمية مقاليد الحكم في تركيا عام 2002، سعي لتعزيز الاتفاقات السابقة مع إسرائيل. 

وفي عام 2005، زار رئيس الوزراء التركي حينها "رجب طيب أردوغان" لإسرائيل، التي شهدت توطيدًا ضخمًا للعلاقات، ومن ثَمَّ بدأ مسلسل الخطابات العدائية الزائفة، حيث ادَّعى أردوغان انسحابه من قمة "دافوس" بزعم خلافات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي حينها "شمعون بيريز"، ثم بعد عام كرر العداء المزعوم لإسرائيل، في حادثة السفينة "مرمرة" التركية.

وفي الحقيقة فإن تركيا تُعَدّ ثاني دولة بعد الولايات المتحدة تحتضن أكبر مصانع أسلحة للجيش الإسرائيلي، حيث إنه في عام 2015 وقعا اتفاقيات عسكرية وصلت لأكثر من ثلاثة مليارات دولار، كما تعتبر شركات الطيران التركية أكبر ناقل جوي من وإلى إسرائيل، وسبق أن روجت أنقرة للسياحة في تل أبيب بطريقة مثيرة للجدل.

فيما تجاوز حجم التبادل التجاري بين أنقرة وتل أبيب عام 2019 حاجز الأربعة مليارات دولار، فضلاً عن إرسال أنقرة أكثر من مليون طن أسمنت لإسرائيل عام 2018 لبناء المستوطنات.

وتشهد العلاقات بين إسرائيل وتركيا انتعاشًا وازدهارًا جديدًا من نوعه، فبالتزامن مع تنصيب "رجب طيب أردوغان" رئيسًا لتركيا، وصل إلى إسرائيل الملحق التجاري التركي الجديد بعد فراغ المنصب لأعوام في سفارة أنقرة في تل أبيب، فضلاً عن تقوية المجال التجاري، بينما تبحث السفارة التركية عن ملحق صحفي، سيتم إعادته إلى السفارة الإسرائيلية أيضًا.

كما تداولت بعض وسائل الإعلام التركية وثائق تثبت أن أردوغان أول من اعترف بأن مدينة القدس المحتلة هي عاصمة إسرائيل، وذلك من خلال تسريب نص الاتفاق الموقَّع بين تركيا وإسرائيل لتوطيد العلاقات في إبريل 2016، وتضمنت البنود، اتفاق دفع إسرائيل 20 مليون دولار أميركي لأسر ضحايا سفينة "مافي مرمرة" الذين استشهدوا على يد القوات الإسرائيلية في 31 مايو عام 2010، وهو ما اعتبرته المعارضة التركية بمثابة المتاجرة بدماء الضحايا، بالإضافة إلى عودة التنسيق الاستخباراتي والتعاون الأمني بين أنقرة وتل أبيب ، واستمرار إسرائيل في صيانة الطائرات الحربية التركية والعودة لإبرام عقود أسلحة متطورة، وعودة سفراء البلدين ، وشمل الاتفاق كذلك تعهدًا مشتركًا بعدم إقدام إحداهما على عمل يضر الآخر.

منذ عام 2002 وحتى 2017، رغم تنديد أردوغان بقرار نظيره الأميركي دونالد ترامب، بنقل السفارة الأميركية إلى القدس، إلا أن الأرقام الرسمية عن وزارتي التجارة بالبلدين كشفت أن ارتفاعها بنسبة 2.5 ضعفًا، وزيادة الصادرات بقيمة 3 أضعاف، والواردات بنسبة 1.8 ضعف، وفي الأشهر الأخيرة الماضية، زاد حجم التبادل التجاري بشدة بين تركيا وإسرائيل، فضلاً عن إعادة الملحق التجاري لتل أبيب مرة أخرى، وفقًا لصحيفة "زمان" التركية.

ومع بداية عام ٢٠١٨، زادت الحركة الاقتصادية عن ذلك الوقت مرة أخرى، بارتفاع 3% في الصادرات و1% في الواردات و2% في التبادل التجاري، حيث إنه في إبريل 2018، وصلت إلى إسرائيل أكبر بعثة تجارية عرفتها مؤخرًا، فهذه البعثة التجارية التركية الرسمية هي أكبر بعثة تصل إلى إسرائيل منذ اتفاق المصالحة الإسرائيلية التركية عام 2016، حيث كانت تضم 100 ممثل عن شركات تركية من قطاعات أعمال مختلفة في منتدى المصالح التجارية حول العلاقات التجارية الإسرائيلية التركية، وأجروا لقاءات تجارية مع شركات إسرائيلية، بهدف إنشاء تعاون اقتصادي واسع.

فيما قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية: إن العلاقات التجارية بين إسرائيل وتركيا منتعشة ومزدهرة مؤخرًا للغاية، رغم التوترات الدبلوماسية بين البلدين، مشيرة إلى أن حجم التبادل التجاري في عام 2017، وصل تقريبًا إلى 2856 مليون دولار.

ولم يقتصر الأمر على ذلك الحد، ولكن أطلقت تركيا شعارًا للترويج إلى السياحة بإسرائيل بعنوان "اكتشف إسرائيل"، حيث تعتبر الخطوط الجوية التركية ثاني أكثر الناقلات شعبية من تل أبيب بعد شركة النقل الوطنية الإسرائيلية، ووفقًا لبيانات رسمية يوجد أكثر من 12 رحلة يومية تخرج من تل أبيب إلى إسطنبول، مقسمة بين الخطوط الجوية التركية والطيران التركي المنخفض التكلفة.

وفي نوفمبر 2017، شهدت إسرائيل موجة حرائق ضخمة، بمستوطنات الضفة الغربية المحتلة في "باتح تكفا" و"ريشون لتسيون"، وفي ذلك الوقت سارعت تركيا لمساعدتها لتكون من أوائل الدول، حيث أرسلت 3 طائرات إطفاء كبيرة للمساعدة في إخماد الحرائق، وكانت الحكومة التركية أول المقدمين للمساعدات من أجل إخماد الحرائق، ومن ناحيته أشاد بذلك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، مؤكدًا أنه يثمن هذا العرض والمساعدة التي تقدمها الحكومة التركية.