إقالة ومظاهرات و"كورونا".. إيران على صفيح ساخن؟

إقالة ومظاهرات و
صورة أرشيفية

تطور سريع شهدته إيران خلال الساعات القليلة الماضية، حيث تعتبر الدولة الأعلى في الإصابات بفيروس كورونا المستجد "كوفيد 19" بالشرق الأوسط، وبؤرة للمرض، لتشهد أزمات طاحنة، ارتفعت على إثرها الأزمات في البلاد للغاية مؤخرا.
 
"كورونا" يفتك بإيران والنظام لا يبالي


أعلنت وزارة الصحة الإيرانية اليوم تسجيل 48 حالة وفاة جديدة بفيروس "كورونا" ليرتفع إجمالي الوفيات 6733 كما ارتفع عدد الإصابات إلى 110767.


يهاجم فيروس "كورونا" إيران بدرجة عالية ومتسارعة، لدرجة أنه يصيب أكثر من 50 شخصا كل ساعة، بينما يقتل إيرانيا واحدا كل 10 دقائق، وفقا للبيانات الرسمية، وأكدت مراكز أبحاث إيرانية أن الأعداد الحقيقية للفيروس تفوق تلك المعلنة رسميا، حيث تضمن أحدثهم اليوم أن التقديرات تشير إلى أن عدد الوفيات التي لم تسجل يزيد 0.8 مرة عن الرقم الرسمي، وعدد حالات الإصابة الفعلي ربما يزيد من ثماني إلى عشر مرات عن العدد المعلن من وزارة الصحة.

 
وبينما لم تتمكن السلطات على احتواء الفيروس حاليا أو احتواء الجهاز الصحي له، ظهرت توقعات بموجة ثانية من كورونا في طهران، حيث رجح رئيس منظمة الأغذية والأدوية في إيران محمد رضا شانه ساز، حدوث موجتين جديدتين لفيروس كورونا في إيران.


وقال "شانه ساز" إنه: "لا شك في حدوث الموجتين الثانية والثالثة من تفشي فيروس كورونا خلال فصل الخريف القادم... ستحدث بالتأكيد"، مشيرا إلى أن الهواجس بشأن استمرار المرض تراجعت خلال الشهرين الجاري والمقبل، لكن توجد مخاوف حقيقية تجاه حدوث موجة جديدة في الخريف المقبل.


ورغم ذلك إلا أنه يبدو أن الحكومة الإيرانية ماضية في طريقها لتدمير مزيد من المواطنين، حيث قال الرئيس حسن روحاني إن المدارس ستفتح أبوابها الأسبوع المقبل، وتفتح المساجد اليوم، كما رفع الحظر عن التنقل بين المدن وسمح بفتح المراكز التجارية.
 
مظاهرات حاشدة


وفي ظل تفشي كورونا، يواصل عمال مناجم الفحم الحجري في كرمان، جنوب شرقي إيران، لليوم الثامن على التوالي إضرابهم عن العمل احتجاجا على الخصخصة، ولتدهور أمنهم الوظيفي وظروفهم المعيشية، حيث قررت الحكومة قبل أسبوع بيع أسهم شركة كرمان للفحم الحجري إلى القطاع الخاص.


ويبلغ عدد المحتجين حوالي 3000 عامل في 3 مدن عن العمل، في وقت واحد، الذين توقفوا عن العمل منذ 20 إبريل في 3 مدن، وهم "راور، وكوهبنان، وزرند"، واحتجوا أمام مكاتب أئمة الجمعة، ممثلي المرشد الإيراني، علي خامنئي، ومبنى القائمقامية، إلا أنهم لم يبالوا حتى بلقاء العمال المساكين أو يهتموا بمساعدتهم.
 
 وبسبب التدهور الصحي وكشف الفساد بالقطاع الطبي وعدم القدرة على السيطرة على المرض، انعكس سلبا على الشعب الذي بات ينفث عن غضبه الضخم بين صفحات مواقع التواصل الاجتماعي المتاحة بالبلاد، حيث ندد معارضون إيرانيون بارتفاع أعداد الوفيات وضعف النظام الصحي بها، فضلا عن توجيههم اتهامات للنظام بإخفاء أعداد ضحايا كورونا، وسوء الإدارة، وعدم تنفيذ المعايير والنماذج المختبرة في العالم لمواجهة جائحة كورونا.


ولد ذلك الغضب الشعبي والمعارضة القوية، مخاوف بالغة لدى النظام، الذي نشر أفراد ميليشيات أجنبية مسلحة في شوارع طهران، لحمايته خوفا من اندلاع احتجاجات شعبية إثر فشله في احتواء كورونا، ليكرر الأسلوب نفسه الذي اتبعته السلطات الإيرانية مع كارثة الفيضانات التي اجتاحت 25 محافظة في 2019.
 
إقالة وزير الصناعة


وفي خضم ذلك، أقال الرئيس الإيراني، وزير الصناعة والتعدين والتجارة رضا رحماني، وعين بدلا منه حسين مدرس خياباني، وعقب ذلك كشف الوزير المقال رضا رحماني، أنه تلقى تهديدا من محمود واعظي مدير مكتب الرئيس روحاني قبل أسبوع، طالبه فيه بالاستقالة إذا لم يوافق البرلمان على تشكيل وزارة التجارة.


وأكد رحماني في رسالته إلى الرئيس حسن روحاني، أنه لم يكن له علاقة برفض البرلمان الموافقة على تشكيل الوزارة، ولا مسؤولية له عن قرار البرلمان رفض الطلب الذي قدمته الحكومة لتشكيل وزارة منفصلة، مضيفا أنه لا يرى أي حجة شرعية لإقالته.


ويعتبر وزير الصناعة الإيراني المقال، أحد المسؤولين البارزين الذين أصيبوا في أواخر فبراير الماضي بفيروس كورونا.
 

اقتصاد متردٍّ


لم يتمكن الاقتصاد الإيراني المتهاوي من التصدي لتداعيات كورونا، فمنذ ظهور الفيروس وصلت العملة المحلية لأدنى مستوياتها، بعد غلق أغلب حدود البلاد، حيث انخفض الريال حينها حوالي 10% ، ليفقد لاحقا حوالي 40% من قيمته، فضلا عن تقويض الضغط المتزايد الناجم عن العقوبات الأميركية لصناعة النفط في إيران وتقليص صادراتها من الخام، التي تعتبر شريان الحياة للبلاد.


وتسبب تراجع العملة في تفاقم التضخم والإضرار بالاستهلاك المحلي، وارتفاع البطالة، التي يتوقع بعض المحللين تجاوزها الـ20% هذا العام، كما توقع صندوق النقد الدولي أن يستقر نمو إيران هذا العام بعد انكماش 9.5% العام الماضي في أعقاب فرض العقوبات الأميركية التي قلصت مبيعات النفط ودفعت التضخم السنوي لما يقرب من 40%.


وكشفت وزارة الصناعة والتجارة الإيرانية عن خسائر تجارية كبيرة، بسبب تراجع الطلب على الشراء بنسبة تتراوح بين 35 و100%، لتفشي كورونا، ليسود الكساد بشدة على أنشطة مجالات مختلفة، أبرزها الخدمات السياحية والصالات الرياضية.
 
فيما شل الفيروس أنشطة أغلب الأعمال التجارية الصغيرة، وسط غياب للدعم النقدي الحكومي، ما جعلها معرضة أكثر للإفلاس، وهو ما نشر حالة من السخط والغضب بين التجار والمواطنين.


بينما فرضت أميركا عقوبات على 20 من المسؤولين والأفراد والشركات التي مقرها إيران والعراق، واتهمتهم بدعم جماعات إرهابية والتجسس، ونقلوا مساعدات تستخدم في القتل لجماعات مسلحة تدعمها إيران في العراق منها كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق، في محاولة للضغط على طهران الذي تحارب كورونا.


وتسببت تلك الأزمة في تسريح أعداد كبيرة من العمال بإيران، الذين يحلمون حاليا بإجراءات حكومية للحفاظ على أمنهم الوظيفي والمعيشي، حيث إن تعطيل بعض الأنشطة الاقتصادية زاد من مصاعب العمال بالبلاد.
وفي مطلع الشهر الجاري، انخفض إنتاج النفط الخام الإيراني 70 ألف برميل يوميا بسبب فيروس كورونا، حيث إن إجمالي إنتاج إيران من النفط الخام تراجع إلى أقل من مليونَيْ برميل خلال مارس الماضي.


 
وتسبب انخفاض الطلب المحلي على البنزين أيضا في إيران إلى تراجع إنتاج النفط الخام، بينما بلغ الطلب المحلي على النفط الخام في إيران حوالي 1.8 مليون برميل يوميا، حيث تراجع استهلاك البنزين داخليا بنسبة 32% بداية من 20 فبراير حتى 20 مارس الماضيين.


وفقدت إيران ما نسبته 34% أو 1.2 مليون برميل يوميا من إنتاجها النفطي خلال 2019، مقارنة بـ2018، متأثرة بالعقوبات الاقتصادية الأميركية المفروضة على طهران، كما أن 80% من الحقول النفطية لدى إيران في النصف الثاني من عمرها، شهدت تراجعا بالإنتاج يتراوح بين 8 و12% سنويا.


بينما أدى توقف عمل ربع منصات الحفر النفطية الإيرانية إلى تسريح الشركات المحلية لأعداد كبيرة من موظفيها.