واشنطن تكسر جمود النووي الإيراني.. عرض مكتوب يشعل جولة جديدة من التفاوض
واشنطن تكسر جمود النووي الإيراني.. عرض مكتوب يشعل جولة جديدة من التفاوض

في خطوة تهدف إلى كسر الجمود الذي يهيمن على مسار المفاوضات النووية بين واشنطن وطهران، كشف البيت الأبيض أن مبعوثه الخاص، ستيف ويتكوف، وجّه إلى إيران اقتراحًا مكتوبًا ومفصلًا وصفته الناطقة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، بأنه "مقبول"، ويتضمن مبادئ أساسية لصيغة جديدة من الاتفاق النووي المحتمل، وفقًا لما نقله موقع "أكسيوس" الأمريكي.
جوهر المقترح
بحسب مصادر أمريكية مطلعة على تفاصيل المقترح، فإن العرض الذي تم تسليمه إلى طهران عبر وساطة سلطنة عمان، يركّز على تجاوز أبرز نقطة خلاف تعيق التقدم في المفاوضات، وهي إصرار إيران على الاستمرار في تخصيب اليورانيوم على أراضيها.
في المقابل، ترفض الولايات المتحدة، على نحو معلن ومتكرر، الاعتراف بحق إيران في التخصيب؛ ما أدّى إلى تعثّر المحادثات خلال الجولات السابقة.
من بين الأفكار المركزية التي تضمنها العرض، اقتراح تقدمت به سلطنة عمان وتبنته الولايات المتحدة، يقضي بإنشاء كونسورتيوم إقليمي يتولى مهمة تخصيب اليورانيوم لأغراض نووية مدنية فقط، على أن يتم تشغيله تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وبمشاركة رقابية من الولايات المتحدة.
غير أن موقع المنشآت النووية لهذا الكونسورتيوم ما يزال مثار نقاش، إذ نقل مصدر مطّلع على التفاصيل أن الولايات المتحدة تصرّ على أن تُقام هذه المنشآت خارج الأراضي الإيرانية، وهو ما قد يُعد نقطة خلاف مستقبلية في حال أصرّت طهران على إبقائها داخل حدودها.
طرح بديل
وإلى جانب خيار الكونسورتيوم، تدرس واشنطن أيضًا خيارًا بديلاً يُعترف بموجبه نظريًا بحق إيران في تخصيب اليورانيوم، شرط أن توقف فورًا، وبشكل كامل، عمليات التخصيب الجارية حاليًا على أراضيها. ويُنظر إلى هذا الطرح كمحاولة مرنة لتقريب وجهات النظر، لكن مصيره يبقى معلقًا على رد طهران النهائي.
تبدو الفجوة بين الجانبين واضحة، إذ تؤكد طهران، في كل المحافل، أنها لن توقّع على أي اتفاق لا ينص صراحة على حقها في تخصيب اليورانيوم.
في المقابل، تُصرّ واشنطن علنًا على منع إيران من امتلاك هذا الحق عمليًا، باعتباره مدخلًا محتملًا نحو تطوير أسلحة نووية. وبحسب مراقبين، فإن الطرفين يدركان أن أي تقدم حقيقي في المفاوضات يتطلب تنازلًا مؤلمًا من أحد الجانبين.
يتزامن العرض الأميركي مع تقريرين صادرين عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوم السبت. التقرير الأول كشف أن إيران تمتلك الآن أكثر من 400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، وهي كمية تُعد كافية لتصنيع عشر قنابل نووية في حال جرى تخصيبها إلى نسبة 90%، وهي النسبة المستخدمة في الأسلحة النووية.
أما التقرير الثاني، فأشار أن إيران لم تقدّم حتى الآن أجوبة مُرضية بشأن مواقع نووية غير معلنة تُحقق فيها الوكالة، وهو ما يزيد من الشكوك الدولية بشأن النوايا الحقيقية للبرنامج النووي الإيراني.
خلف الكواليس
وفقًا لمصادر دبلوماسية مطلعة، فإن المقترح المكتوب الذي تسلمته طهران مؤخرًا، هو ثمرة الجولة الخامسة من المحادثات غير المباشرة بين الجانبين والتي جرت الأسبوع الماضي في العاصمة الإيطالية روما.
وكانت الجولة الرابعة قد شهدت طرحًا شفويًا أوليًا من جانب المبعوث الأميركي ويتكوف، قبل أن يقوم بتفصيله وتوسيعه خلال الجولة الخامسة، بناءً على طلب الجانب الإيراني بالحصول على الموقف الأميركي بشكل مكتوب.
وفي إطار الوساطة العمانية، سلّم وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي المقترح الأميركي إلى نظيره الإيراني عباس عراقجي خلال زيارة رسمية قام بها إلى طهران يوم السبت.
خارطة الطريق
تؤكد الإدارة الأميركية، بحسب مصادر مطلعة، أن هدفها المباشر هو التوصل أولًا إلى "اتفاق أساسي" يتضمن المبادئ العامة للاتفاق النووي المحتمل، قبل أن تنطلق فرق فنية من الجانبين لصياغة التفاصيل التقنية والبنود التنفيذية.
من جانبها، دعت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، إيران إلى قبول العرض، معتبرة أنه "يصب في مصلحتها الوطنية المباشرة".
في المقابل، أعلن كبير المفاوضين الإيرانيين عباس عراقجي، أن إيران سترد على العرض "وفقًا للمبادئ، والمصالح الوطنية، وحقوق الشعب الإيراني"، من دون أن يوضح موقفًا حاسمًا أو جدولًا زمنيًا للرد.