اللبنانيون سجناء في بلادهم.. إلى متى تستمر أزمة جوازات السفر؟

يعد اللبنانيون سجناء في بلادهم

اللبنانيون سجناء في بلادهم.. إلى متى تستمر أزمة جوازات السفر؟
صورة أرشيفية

لم تكن تعرف المواطنة اللبنانية آية علوة، أن زيارتها لوالدتها المريضة في لبنان، المخطط لها أن تكون فقط 15 يوماً، ستطول لتصبح ثمانية شهور بسبب أزمة جوازات السفر في لبنان، آية هي أم لثلاث أبناء من زوج مصري تعيش معه في مصر، سافرت إلى لبنان بصورة سريعة بعد معرفتها بمرض والدتها في الأول من مارس الماضي، ولم تخطط أن تطول الرحلة عن 15 يومًا فقط، حيث تركت طفليها الذكور في مصر، وحملت معها طفلة تبلغ من العمر عامًا ونصفًا، ولم تكن تعرف بأزمة جوازات السفر الأخيرة، حيث اعتقدت أن بإمكانها تجديد جواز سفرها الذي قارب على الانتهاء من مديرية الأمن العام كما هو متبع، لتكتشف أن الموعد المتاح لها عبر منصة الجوازات لاستخراج جواز سفر جديد هو شهر نوفمبر القادم أي بعد 8 شهور من دخولها لبنان، وذلك بحسب مقطع فيديو بثته عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك".

الحكومة عاجزة

يعاني اللبنانيون من أزمة في استخراج جوازات السفر منذ مطلع العام الحالي، حيث عانت مراكز استخراج جوازات السفر من ازدحام شديد، الأمر الذي دفع مديرية الأمن العام إلى تدشين منصة لتقديم طلبات استخراج الجوازات، حيث تقوم المنصة بعد كتابة طالب الجواز لكافة البيانات بتحديد موعد لاستلام الجواز في مركز استخراج الجواز، إلا أن الازدحام في أرض الواقع تمت ترجمته في صورة مواعيد متأخرة، حيث يمكن الحصول على الموعد بعد عدة شهور تصل إلى 4 أو 5 شهور، دون مراعاة لأي ظروف خاصة مثل آية، الأزمة لم تتوقف على المواعيد، ففي أواخر شهر إبريل الماضي، وقبيل عيد الفطر المبارك، أعلنت مديرية الأمن العام بـ لبنان تعليق عمل المنصة حتى إشعار آخر، بسبب اقتراب مخزون الجوازات لديها من الانتهاء وعدم توفر التمويل اللازم لشراء كميات جديدة منها.

وقال البيان الصادر عن المديرية " إنه منذ 2020 شهدت المديرية ضغطا كبيرا على طلبات جوازات السفر، فاقت عشرات أضعاف الأعوام السابقة، مما أثر على مخزون جوازات السفر لديها، مشيرة إلى أنها حاولت منذ مطلع 2021 تأمين الكميات الإضافية اللازمة، وطلبت من الحكومة التعجيل بتأمين التمويل اللازم، حتى يتم إيفاء الشركة المتعاقدة على إنتاج الجوازات قيمة العقد الموقع، وفي منتصف شهر يونيو الحالي، استأنفت مديرية الأمن العام تلقي طلبات استخراج الجوازات الجديدة، إلا أن المواعيد ما زالت بعيدة، مما يؤثر على اللبنانيين بصورة كبيرة خاصة المغتربين منهم.

 ضياع الفرص

منذ عام 2012، سافر على عجمي وهو شاب لبناني يعمل في مجال الطهي، إلى دولة الغابون، واستقر بعمله هناك، إلا أنه قبل عدة أشهر أتيحت له فرصة عمل براتب أكبر في إحدى دول الخليج، الأمر الذي دفعه للعودة إلى بيروت لتجديد جواز سفره.

ويقول عجمي لـ «عرب مباشر»: لا توجد فرص عمل في لبنان حتى قبل الأزمة الاقتصادية الأخيرة، والدولة تعرف ذلك جيداً، لذلك ليس أمام أي شاب لبناني سوى الاغتراب، وهذه هي الحقيقة التي علمتها بصورة جيدة منذ 2012، فحصلت على فرصة عمل كـ "شيف" في دولة الغابون، ويضيف عجمي الذي اضطر لنشر استغاثة على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" قبل عدة أشهر قررت أن أعود لـ لبنان لتجديد جواز سفري، خاصة مع حصولي على عرض للعمل في الخليج بمرتب أكبر، وعند وصولي فوجئت بتغيير نظام الحصول على جوازات السفر، حيث أصبح لا بد التسجيل عبر المنصة التي أعطت لي موعدًا في شهر أكتوبر مما يعني ضياع فرصة العمل.

عالقون في سجن

ورغم انتشار استغاثة "علي" في كل صفحات ومجموعات المغتربين من لبنان، إلا أن مديرية الأمن لم تتواصل معه حتى الآن، مشيراً إلى ضرورة أن يكون هناك نظام خاص للحالات الخاصة من اللبنانيين.

من جانبه يقول المحامي الحقوقي فاروق المغربي، إن المنصة عطلت حق التنقل للبنانيين، وأثر ذلك على كثيرين من اللبنانيين سواء المسافرين للعمل أو للتعليم، أو حتى لحضور فاعليات والعودة خلال أسبوع، مضيفًا أن المنصة أعطت مواعيد لبعض راغبي استخراج جوازات السفر في أواخر عام 2023، أي بعد أكثر من عام، وهو ما يجعل اللبنانيين عالقين في سجن لا يستطيعون الخروج منه سواء للعمل أو التعلم أو حتى الهجرة.

ويرى المغربي أن بعد إعلان مديرية الأمن العام عن انتهاء أزمة الجوازات، وتوفر مخزون للجوازات فإن الحل الوحيد هو عودة مراكز الجوازات مرة أخرى للعمل، حيث كان الجواز ينتهي في أسبوع واحد.

ويتفهم المغربي وجود ضغط كبير على المراكز قد يؤخر عملية استخراج الجواز إلا أن هذا الضغط يمكن أن يؤخر استخراج الجواز أسبوعين أو حتى شهر وليس عامًا ونصفًا.

شراء هوية

تصاعد أزمة الجوازات في لبنان كان له صداه على "غادي حرب"  في بريطانيا، حيث قرر عدم العودة إلى لبنان لتجديد جواز سفر الذي سينتهي خلال 6 أشهر من الآن، واستبدل هذا الإجراء بشراء جنسية من مجموعة جزر الكاريبي.

ويقول غادي لـ «عرب مباشر»، الأزمة في لبنان لن تنتهي قريباً، وهو ما يفهمه اللبنانيون، فالأزمة قائمة منذ وضع نظام المحاصصة عقب الحرب الأهلية، وطالما الوضع السياسي قائم لن تتغير الأحوال لذلك فإن العودة إلى لبنان قريباً أمر غير متوقع، مضيفًا أن المغتربين اللبنانيين الجميع يدرك أزمتهم مما يدفع الشركات التي توفر فرص الحصول على جوازات سفر لجنسيات أخرى يمكن شراؤها دون الحاجة إلى زيارتها أو العمل فيها، وتتيح لي جواز سفر أستطيع السفر وممارسة حياتي الطبيعية به بدلاً من السجن الإجباري الذي يقبع فيه اللبنانيون.

وأوضح غادي أنه نادم على عدم استغلاله الفرصة للحصول على الجواز في فترة الإغلاق الكلي بسبب فيروس كوفيد 19،  حيث كان يمكنه الحصول عليه بتخفيض كبير، بدلاً من حصوله عليه مقابل 100 ألف دولار هي كل مدخراته طوال العقد الماضي، وينتظر وصول جواز السفر له خلال شهرين وفقاً لاتفاقه مع شركة استشارات معنية بالاستثمار في جوازات السفر والإقامات.

وزادت رغبة اللبنانيون في السفر من لبنان عقب انفجار مرفأ بيروت في 2020، وحسب شبكة "الباروميتر العربي" البحثية، فإن 48% من اللبنانيين يرغبون في الهجرة بحسب دراسة نشرتها الشبكة في إبريل الماضي، موضحة أن هناك أسبابًا متعددة لرغبة اللبنانيين في الهجرة على رأسها الفساد، مشيرة إلى أن اللبنانيين هم الأكثر تشاؤمًا إزاء مستقبل بلادهم الاقتصادي.