إمبراطورية الكبتاغون تنهار.. معركة دمشق مستمرة ضد إرث الأسد

إمبراطورية الكبتاغون تنهار.. معركة دمشق مستمرة ضد إرث الأسد

إمبراطورية الكبتاغون تنهار.. معركة دمشق مستمرة ضد إرث الأسد
الكبتاجون

وسط التحولات العميقة التي تشهدها سوريا في مرحلة ما بعد الإطاحة بنظام الأسد، تتكشف طبقات جديدة من الأزمات التي راكمها حكم امتد لعقود، في قلب هذه المعركة الجديدة، لا تواجه دمشق فقط تبعات الفوضى السياسية والأمنية، بل تحارب أيضًا إرثًا خفيًا وخطيرًا يتمثل في شبكة صناعة وتجارة المخدرات، وعلى رأسها الكبتاغون، التي ازدهرت في الظل وتحولت إلى شريان اقتصادي موازٍ للنظام السابق، الإعلان الأخير عن ضبط أكثر من مليون و700 ألف قرص كبتاغون في درعا، وما سبقه من عمليات نوعية على الحدود مع لبنان، ليس مجرد نجاح أمني بل جزء من معركة استراتيجية تخوضها السلطات الانتقالية بقيادة أحمد الشرع، فمع كل شحنة يتم ضبطها، تنكشف خيوط شبكة إجرامية عبرت حدود الجغرافيا والسياسة، وامتدت إلى أسواق الخليج وأوروبا والعالم. 

*عمليات أمنية نوعية*


في أحدث فصول الحرب التي تخوضها دمشق ضد المخدرات، أعلنت وزارة الداخلية السورية، يوم الجمعة، ضبط كمية ضخمة من أقراص الكبتاغون بلغت نحو 1.7 مليون قرص في محافظة درعا جنوبي البلاد، في عملية أمنية وصفتها بـ"النوعية".

العملية جاءت بعد سلسلة مداهمات استهدفت مستودعات شرق المحافظة، حيث جرى الكشف عن مخدرات مخزنة ومعدة للتهريب خارج البلاد، وفق وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا".

العملية لم تكن معزولة، بل جاءت امتدادًا لتحركات أمنية متسارعة شهدتها مناطق متفرقة من سوريا، أبرزها كمين نُفّذ عند أحد المعابر غير الشرعية في منطقة الجراجير الحدودية مع لبنان، وأسفر عن اشتباك مباشر مع إحدى خلايا التهريب التي لاذت بالفرار، فيما تم ضبط نحو ثلاثة ملايين قرص كبتاغون و50 كيلوغرامًا من الحشيش المخدّر داخل سيارة التهريب.

*مكافحة المخدرات*


هذه التطورات تأتي في سياق حملة أمنية موسعة بدأت منذ سقوط النظام السابق في ديسمبر 2024، حيث وضعت الحكومة الجديدة برئاسة أحمد الشرع ملف "مكافحة المخدرات" على رأس أولوياتها، واعتبرته تهديدًا وجوديًا يمس أمن المجتمع السوري واستقرار علاقاته الإقليمية.

ويؤكد مدير مكافحة المخدرات العميد خالد عيد، أن "النظام البائد حول البلاد إلى بؤرة لتصنيع وتصدير السموم المخدرة"، مشيرًا أن الحملة منذ انطلاقها أسفرت عن ضبط 13 مستودعًا، و121 طنًا من المواد الأولية، وأكثر من 320 مليون قرص كبتاغون، إلى جانب أنواع أخرى مثل الكوكايين والماريجوانا والهيروين.

في سياق متصل، أعلنت السلطات الأمنية السورية، أن مصانع الكبتاغون التي كانت نشطة في مناطق حدودية مثل القصير وريف دمشق، تم إغلاقها بالكامل، وأن عددًا من المتورطين البارزين باتوا قيد الملاحقة أو الاعتقال.

وقالت وزارة الداخلية: إن الجهود لن تتوقف حتى "تتحول سوريا من دولة مصدره للمخدرات إلى دولة مقاومة لهذه الآفة.

*كولومبيا الجديدة*


وبحسب تقديرات من وزارة الخارجية البريطانية، فإن النظام السابق كان مسؤولًا عن نحو 80٪ من الإنتاج العالمي للكبتاغون، مما جعل سوريا توصف - في تقارير دولية-، بأنها "كولومبيا الجديدة" في تجارة المخدرات.

كما قدّر مركز التحليلات الاقتصادية في لندن أن العائد السنوي لتجارة الكبتاغون في عهد الأسد بلغ نحو 10 مليارات دولار، حصدت عائلة الأسد منها وحدها قرابة 2.4 مليار دولار سنويًا، وفقًا لبيانات مشروع نيو لاينز لتجارة الكبتاجون، وهي مبادرة تابعة لمعهد نيو لاينز للأبحاث.

ومع هذه المكاسب الضخمة، تحولت تجارة المخدرات إلى أداة تمويل بديلة لاقتصاد الدولة في ظل العقوبات، وكانت بمثابة "الاقتصاد الأسود" الذي غذّى الحروب بالمال والسلاح، وفق تقارير لوكالات استخبارات أوروبية.

ورغم نجاحات دمشق في تفكيك العديد من الشبكات الداخلية، ما تزال التحديات قائمة، إذ تتكرر أخبار ضبط شحنات كبتاغون في الأردن والسعودية ولبنان، وهو ما يعكس استمرار محاولات التهريب عبر الحدود، ويطرح تساؤلات حول حجم الشبكات النائمة، والدعم اللوجستي الذي تلقاه هذه التجارة.

ويقول مراقبون: إن الحرب على الكبتاغون تحتاج إلى تنسيق إقليمي أوسع، خصوصًا أن عمليات التهريب تتم عبر طرق معقدة وتستعين أحيانًا بغطاء منظمات شبه عسكرية أو تهريب إنساني.