كيف أثرت أزمات رأس المال في اقتصاد جماعة الإخوان؟ .. التفاصيل

تؤثر أزمات رأس المال في اقتصاد جماعة الإخوان

كيف أثرت أزمات رأس المال  في اقتصاد جماعة الإخوان؟ .. التفاصيل
صورة أرشيفية

لأنّهم لا يمتلكون أيّ مشروعات صناعية وإنتاجية، ولأنّ الطابع الطفيلي الريعي غلب على ممارستهم للأنشطة الاقتصادية، فضلاً عن تركيزهم على التربح على حساب الإنتاج، مُني الاقتصاد الإخواني بخسائر مالية بسبب تأثره بأزمات عولمة رأس المال، واتضح ذلك من خلال تسجيل المؤسسات المالية للإخوان خسائر مالية، ومنها خسائر بنك التقوى أثناء الأزمة المالية لدول جنوب شرق آسيا عام 1997، إضافة إلى خسائر المصارف الإسلامية وشركات توظيف الأموال أثناء الأزمة المالية العالمية عام 2008.

الخسائر وأسبابها وتداعياتها كانت موضوع دراسة للباحث المتخصص في اقتصاد الأزمات والتنمية الاقتصادية حسن الرضيع، نُشرت على موقع (تريندز للبحوث والدراسات)، تحت عنوان "اقتصاد جماعة الإخوان ومدى تأثره بأزمات رأس المال المُعولم".

ملامح الاقتصاد الإخواني 

الدراسة التي بحثت في تأثر اقتصاد الإخوان بالنظام الاقتصادي والمالي العالمي، أكدت على أنّ اقتصاد الإخوان المسلمين اقتصاد مُعولم، حيث إنّه منذ تأسيس حسن البنا لشركة المعاملات المالية ركز الإخوان على التجارة والتداول على حساب الإنتاج، وجنوح الإخوان للعمل في التجارة والمضاربات والابتعاد عن المشاريع الإنتاجية بجعلها جزءاً من النظام الاقتصادي العالمي.

ولفتت الدراسة إلى أنّ الاقتصاد الإخواني يعتمد في الوقت الراهن على عدة مصادر؛ أهمها تركيز الأنشطة الاقتصادية في مجالات خفية، كتجارة العملة والمضاربة عليها والتهريب، وقد قام بعض تجار الإخوان المسلمين في مصر في كانون الأول (ديسمبر) 2015 بإخراج الدولار إلى قطر مقابل ما يعادله من الجنيه المصري مقابل معدل ربح يبلغ 5%، حيث لجأ التجار للعمل في أنشطة متنوعة كتجارة السيارات والأراضي والذهب بهدف تجميع الدولار وتخزينه.

وتُعتبر تجارة العملة مصدراً أساسيّاً لتمويل أنشطة الإخوان، وخصوصاً بعد نجاحهم في خلق مناخ آمن لتداول أموالهم داخلياً وخارجياً بعيداً عن رقابة البنوك والحكومات، كما أنّ عدداً من المنتمين للإخوان المسلمين قاموا بشراء الدولار من المصريين العاملين في الخارج مقابل تسليمهم الثمن بالجنيه في مصر بأسعار مبالغ فيها، وساهم ذلك بتهديد الاقتصاد المصري.

وفي السودان، سيطر الإخوان على بعض المناجم، وقاموا بتهريب كنوزها ساحلياً، وحققوا بفعل ذلك ثروات طائلة تمركزت في النخب الاقتصادية للإخوان، وفي مصر، عمل الإخوان في تجميع البضائع المهربة وبيعها من خلال عرضها من قبلهم في الأسواق التي تُقام أسبوعياً.

ويعتمد الاقتصاد الإخواني في الوقت الراهن على عدة مصادر؛ أهمها تركيز الأنشطة الاقتصادية في مجالات خفية كتجارة العملة والمضاربة عليها والتهريب.

ولم يقتصر الأمر على تهريب البضائع، فقد شمل أيضاً تهريب المتطرفين نظير مقابل مادي يصل إلى (60) ألف جنيه، إذ يقوم الإخوان بعملية غسل الدماغ والإعداد النفسي والتربوي والعسكري للمجموعات التي يتم شحنها إلى مناطق الصراع.

وبحسب الدراسة، ساهم إخوان تركيا برواج هذه الأنشطة، وتُعتبر تركيا داعماً أساسياً في تسهيل سفر المتطرفين، كما أنّ حرية حركة الأموال بداخلها أدت إلى رواج تجارة التهريب واستمرارها.

وخُصص ما حققه الاقتصاد الإخواني في ضوء التهريب من مكاسب مالية أغلبه للنخب الاقتصادية الإخوانية، وساهم ذلك في بروز إسلامية سلطوية نيوليبرالية، وقد حمت الجماعة استثماراتها من خلال شراكة رجال أعمال من غير المنتمين للجماعة، وذلك حتى لا تتعرض أموالها وممتلكاتها للمصادرة.

الباحث المتخصص في اقتصاد الأزمات والتنمية الاقتصادية حسن الرضيع لفت في الدراسة إلى أنّ جماعة الإخوان المسلمين استفادت من رأس المال المُعولم من خلال تعزيز قدراتها المالية عبر المضاربة في البورصات الأجنبية في نيويورك ولندن وطوكيو.

وتابع أنه هذا بالإضافة إلى إنشاء المشاريع الكبرى في الخارج، ومن أبرز رجال أعمال الإخوان في منظومة رأس المال المعولم يوسف ندا مؤسس بنك التقوى للمعاملات المالية، وقد صنفته الولايات المتحدة الأمريكية بأنّه مؤسسة مالية تدعم الإرهاب.

وأكد أنه اعتمد التنظيم على النظم المالية المرنة في الولايات المتحدة الأمريكية لإدارة التدفقات المالية وتنميتها من خلال الاستثمارات في مختلف الأنشطة التجارية والعقارية، وضخ الأموال لفروع التنظيم على امتداد دول العالم، ولم تعد الجماعة مجرد منظمة، بل أصبحت مرتبطة بشبكات معقدة من المصالح والجماعات المتطرفة التي مكنتها من تأسيس شبكات لنقل وتهريب الأموال.

وتشير الدراسة إلى أنّ اقتصاد الإخوان ارتبط برأس المال المُعولم مع وجود حدود لهذا الارتباط يُمكن إبرازها في اقتصاد الحلال، ولا تقتصر تجارة الحلال على المأكولات، بل ضمت قطاعات أخرى؛ مثل: أدوات التجميل والأدوات المنزلية والطبية، والسياحة والقطاع المصرفي، وبُحكم سيطرة الإخوان على مؤسسات منح ترخيص اللحوم الحلال في أوروبا فإنّها مقابل ذلك تَجني ملايين الدولارات التي تُستخدم في تمويل التنظيم الدولي للإخوان.

رأس المال المُعولم 

تشير الدراسة إلى أنّ الاقتصاد الإخواني جزء من الاقتصاد المُعولم، ولم يكن بمأمن من أزمات رأس المال المُعولم، وهذا ما يمكن تتبعه من خلال تسجيل المؤسسات الاقتصادية والمالية للإخوان لخسائر مالية عشية اندلاع الأزمات المالية والاقتصادية العالمية، وأهمها الأزمة المالية لدول جنوب شرق آسيا عام 1997، والأزمة المالية العالمية عام 2008.

ومن أسباب تأثر الاقتصاد الإخواني بأزمات رأس المال المُعولم، الارتباط العضوي لاحتياطي المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية بالعملات المتعولمة كالدولار واليورو، إضافة إلى تركز الإيداع بتلك العملات، وتركز أنشطتها في الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي، وهي الدول الأكثر عرضة للأزمات بفعل العولمة.

وقد لفت الباحث في اقتصاد الأزمات إلى تركيز المؤسسات المالية الإخوانية، وتحديداً المصارف الإسلامية، على نشاط صرافة العملات الأجنبية، ولأنّ أغلب الأزمات سببها نقدي ومالي، فقد تعرّضت تلك المصارف للأزمة، وذلك لتراجع صرف العملات بسبب الابتعاد عن الإنتاج.

ومن الأسباب أيضاً أنّ أغلب الاستثمارات موجهة نحو البورصة العالمية مقارنة بجزء هامشي موجّه لقطاعات الإنتاج الحقيقي، كما أنّ العولمة المالية وما نجم عنها من انفتاح مالي عالمي شكلت تهديداً للمصارف الإسلامية في الدول العربية والإسلامية، وذلك من خلال انتقال رؤوس الأموال من داخل الدول إلى الخارج.

هذا إلى جانب عدم قدرة المصارف الإسلامية على تجاوز التداعيات الاقتصادية السلبية للعولمة، ومنها كبح جماح تنافسية تلك المصارف مقارنة بالبنوك التقليدية، ونجم عن ذلك تسرّب الودائع وانتقالها بسهولة إلى كلٍّ من الأسواق المالية العالمية والبنوك التقليدية الدولية.

مستقبل اقتصاد الجماعة 

الدراسة خلصت إلى أنّ الاقتصاد الإخواني لا يمكن أن ينهار بشكل كامل، برغم ما يمرّ به الاقتصاد العالمي من أزمات وتحديات، بسبب ما يمتلكه من مكامن قوة من حيث البناء الاقتصادي وتعدد مصادر التمويل والاستثمارات المتعددة، ووفقاً للخبراء فإنّ ما يظهر من ثروات وأموال للإخوان المسلمين لا يزيد على كونه الجزء الظاهر من جبل الثلج يختفي معظمه تحت الماء.

ورجحت الدراسة استمرار الاقتصاد الإخواني برغم تأثره بأزمات الاقتصاد العالمي، لكنّه سيتعرّض للمزيد من الأزمات وبشكل دوري، شأنه في ذلك شأن النظام الاقتصادي العالمي، الذي يحمل في ثناياه ديناميات الأزمة، وذلك بفعل الطابع الطفيلي لاقتصاد الإخوان.