مخاوف من مجاعة تهدد إفريقيا.. كيف أثرت الحرب "الروسية – الأوكرانية" على القارة السمراء؟

أثرت الحرب الروسية - الأوكرانية على القارة السمراء

مخاوف من مجاعة تهدد إفريقيا.. كيف أثرت الحرب
صورة أرشيفية

منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا ويشهد الاقتصاد العالمي اهتزازًا وتوترات غير مسبوقة ألقت بظلالها على مختلف دول العالم بنسب متفاوتة، وكان أكثر المتضررين بالطبع هي الاقتصادات النامية والدول الأكثر فقرًا والأقل إنتاجًا، ومعظمها يتمركز في القارة السمراء - إفريقيا - بعض الحكومات عملت بجد لتقليل الآثار المترتبة على الصراع الروسي الأوكراني والبعض الآخر واجه أزمات غير مسبوقة.

أزمة وقود

شكلت أسعار الطاقة أزمة حقيقية منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وشهدت أسعار الوقت ارتفاعًا هائلًا عانت منه دول غرب إفريقيا وعلى رأسها النيجر والسينغال ومالي وبعض دول وسط القارة مثل كينيا وأوغندا وجمهورية إفريقيا الوسطى، وفي موريتانيا زادت أسعار الوقود بنسبة 30% وكذلك في بوركينا فاسو، أما في مالي فتعيش البلاد حالة شح شديدة في المحروقات مما تسبب في أزمات وإضراب للمزارعين وانقطاعات متواصلة للكهرباء في العاصمة باماكو، وفي توجو والسنغال تضاعف سعر الوقود وأصبحت الطوابير على محطات الوقود مشهدًا يكرر يوميًا وعانى مطار داكار الدولي - السنغال - من صعوبات في توفير وقود الطائرات لمدة أسبوعين، وحتى نيجريا إحدى أكبر الدول الإفريقية إنتاجًا للنفط وعضو أوبك أعلنت شركات الطيران الداخلية تعليق رحلاتها بسبب نقص الوقود.

أزمة طعام

في السياق ذاته، كشفت تصريحات مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة أهونا إيزي كونوا أن "بعض البلدان الإفريقية يستورد ما يصل إلى 80% من القمح من روسيا وأوكرانيا، ومع الاضطرابات التي تحدث الآن، هناك حالة طوارئ تعيشها معظم الدول الإفريقية، لافتة إلى ارتفاع معدلات الاقتراض في معظم الدول إفريقية، وتوقّفت أوكرانيا، التي تُعَد أحد أكبر مصدري الحبوب في العالم، عن التصدير وإنتاج الحبوب بسبب الهجوم العسكري الروسي عليها، ولا يزال نحو 20 مليون طن من الحبوب من محصول العام الماضي عالقة في الموانئ الأوكرانية على البحر الأسود.

وبالنظر إلى أن روسيا تحتل المرتبة الثالثة في إنتاج القمح العالمي وأوكرانيا في المرتبة الثامنة، وأن 30٪ من واردات القمح للبلدان الإفريقية تلبيها هاتان الدولتان بالإضافة إلى واردات القمح العالمية، فمن الواضح أن الغزو الروسي قد أثر بشكل مباشر على البلدان الإفريقية في هذا الصدد، ويمكن القول إن روسيا تحتل المرتبة الأولى وأوكرانيا في المرتبة الثالثة بين الدول التي لديها أكبر واردات القمح في إفريقيا، وبالطبع يمكن أن يتسبب هذا الوضع في حدوث أزمات خطيرة على صعيد الأمن الغذائي في إفريقيا.

كما تسبب الجفاف في المواسم الثلاثة الماضية في شرق إفريقيا، في انخفاض المحصول بنسبة 87 في المائة، وفي هذا السياق، لا يستطيع أكثر من 14 مليون شخص، 50 في المائة منهم من الأطفال، الحصول على ما يكفي من الغذاء، ومع حظر تصدير منتجات القمح بسبب الأزمة الأوكرانية، يمكن توقُّع أن تصل أزمة الغذاء إلى أبعاد خطيرة في المستقبل القريب مع الجفاف في شرق إفريقيا والمجاعة التي ستُحدثها.

ومنذ بَدْء الأزمة "الروسية-الأوكرانية"، ارتفعت أسعار القمح بنسبة 80 في المائة، وأصبحت منتجات القمح أكثر تكلفة، لكن ليس من المتوقع أن يتحسَّن هذا الوضع على المدى القصير، وبينما تمت السيطرة على المجاعة في إفريقيا بمساعدة منظمات الإغاثة الإنسانية في السنوات الأخيرة، يبدو من الصعب للغاية منع هذا الوضع بسبب نقص القمح وحظر التصدير بسبب الحرب الحالية.

استغاثة إفريقية

وطلب رئيس الاتحاد الإفريقي الرئيس السنغالي ماكي سال، مؤخراً، من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن "يدرك" بأن الدول الإفريقية "ضحية" للنزاع في أوكرانيا على خلفية المخاوف من أزمة غذائية عالمية، وقال "سال" خلال اللقاء الذي جمعه بالرئيس الروسي ورئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فقي في سوتشي في جنوب روسيا "لقد جئت للقائك لكي أطلب منك أن تدرك بأن بلداننا هي ضحية لهذه الأزمة على الصعيد الاقتصادي".

وأكد الرئيس السنغالي أن الدول الإفريقية تعاني تداعيات الهجوم الروسي على أوكرانيا في حين أن "غالبية الدول الإفريقية تجنبت إدانة روسيا" خلال عمليتي التصويت في الأمم المتحدة، وأنه مع "آسيا والشرق الأوسط وكذلك أميركا اللاتينية، فضل قسم كبير من البشرية البقاء بمنأى عن النزاع"، لكنه أوضح أيضاً أن التوترات في القطاع الغذائي الناجمة عن النزاع تفاقمت بسبب العقوبات الغربية التي تؤثر على الشبكة اللوجيستية والتجارية والمالية لروسيا، داعياً إلى إبقاء القطاع الغذائي "خارج العقوبات" الغربية.