محلل في شؤون الجماعات الإرهابية: تحركات واشنطن لتصنيف الإخوان تأخرت كثيرًا
محلل في شؤون الجماعات الإرهابية: تحركات واشنطن لتصنيف الإخوان تأخرت كثيرًا

تشهد الساحة السياسية في الولايات المتحدة تحركات متجددة داخل الكونغرس لإعادة طرح مشروع قانون يصنف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية أجنبية، في خطوة تعكس تصاعد القلق الأمريكي من أنشطة الجماعة العابرة للحدود، وعلاقتها بشبكات التطرف في المنطقة والعالم.
ويأتي هذا التوجه بعد سلسلة من جلسات الاستماع والوثائق التي استعرضتها لجان مختصة في الكونغرس، استنادًا إلى ما وصفته بممارسات الإخوان في التحريض على العنف، ودعم جماعات متطرفة، واستغلال مؤسسات دينية وخيرية كواجهات لتوسيع نفوذها الأيديولوجي داخل المجتمعات الغربية.
ويرى مراقبون أن التحركات الجديدة مدفوعة بعدة عوامل، أبرزها تزايد الدور السياسي للجماعة في عدد من مناطق التوتر، إلى جانب تزايد الضغط من دول حليفة للولايات المتحدة، وعلى رأسها مصر والإمارات والسعودية، والتي صنّفت الإخوان بالفعل كمنظمة إرهابية منذ سنوات.
في المقابل، تُواجه هذه التحركات تحديات داخل المؤسسات الأمريكية، خاصة من بعض الدوائر التي تميّز بين جناحي الجماعة "الدعوي والسياسي"، وتخشى من تبعات هذا التصنيف على علاقات واشنطن ببعض الأطراف في الشرق الأوسط.
قال الدكتور أحمد كمال الخبير في شؤون الجماعات الإرهابية إن التحركات الجديدة داخل الكونغرس الأمريكي لإعادة طرح مشروع قانون يصنف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية تعكس تحولًا واضحًا في الرؤية الأمريكية تجاه خطورة الجماعة، مشيرًا إلى أن هذا التصنيف "تأخر كثيرًا رغم توافر الأدلة الكافية على ضلوع الجماعة في دعم العنف والتطرف".
وأوضح كمال - في تصريحات خاصة لـ"العرب مباشر" - أن جماعة الإخوان نجحت لفترات طويلة في تقديم نفسها للغرب كتنظيم "دعوي" معتدل، بينما كانت في الواقع "المرجعية الفكرية والتنظيمية للعديد من الجماعات الإرهابية المسلحة في المنطقة"، لافتًا إلى أن كثيرًا من قادة التنظيمات المتطرفة خرجوا من عباءة الإخوان فكريًا وتنظيميًا.
وأضاف أن الدعم المالي والإعلامي الذي تلقته الجماعة عبر واجهات مختلفة في الولايات المتحدة وأوروبا ساهم في تعزيز نفوذها داخل الجاليات الإسلامية، ما دفع دولًا عربية عدة، مثل مصر والسعودية والإمارات، إلى إدراجها ضمن قوائم الإرهاب الوطنية.
وأشار الخبير في شؤون الجماعات الإرهابية إلى أن تصنيف الجماعة من قبل واشنطن "سيكون خطوة محورية في تجفيف منابع تمويل التطرف دوليًا، خاصة أن شبكات الإخوان تستخدم الجمعيات الخيرية والمنظمات المجتمعية كغطاء لتحركاتها السياسية والمالية".
واختتم كمال تصريحه بالقول: "إذا تم اعتماد القرار، فسيمثل ذلك تحولًا استراتيجيًا في التعامل الغربي مع التنظيم، وقد يُعيد رسم خريطة الجماعات المتطرفة عالميًا، خصوصًا تلك التي تتخذ من الإخوان مرجعية لها".
وكانت محاولات سابقة لتصنيف الجماعة قد أُجهضت في مراحل مختلفة بسبب تعقيدات قانونية ودبلوماسية، إلا أن عودة هذا الملف للواجهة تعكس إدراكًا أمريكيًا متناميًا بضرورة إعادة النظر في التعامل مع التنظيمات ذات الأجندات العابرة للحدود.
جدير بالذكر أن تصنيف جماعة الإخوان كمنظمة إرهابية سيترتب عليه تجميد أصولها المحتملة داخل الولايات المتحدة، ومنع التعامل معها أو دعمها، وإغلاق أي قنوات تمويلية أو إعلامية مرتبطة بها، وهو ما قد يشكل ضربة كبيرة لشبكاتها الدولية، خاصة في أوروبا وأمريكا الشمالية.