أفغانستان: طالبان تطرد الهزارة بعمليات إجلاء قسري وتوزع أراضيهم على أنصارها

تواصل حركة طالبان ارتكاب جرائمها ضد الشعب الأفغاني

أفغانستان: طالبان تطرد الهزارة بعمليات إجلاء قسري وتوزع أراضيهم على أنصارها
صورة أرشيفية

قالت منظمة "هيومان رايتس ووتش": إن مسؤولي طالبان أجبروا السكان في عدة أقاليم بأفغانستان، على النزوح جزئياً، وقاموا بتوزيع الأراضي على أنصارهم بعد ذلك، في عمليات إجلاء واسعة استهدفت مجتمعات الهزارة الشيعية، وكذلك الأشخاص المرتبطين بالحكومة السابقة، كشكل من أشكال العقاب الجماعي.

إجلاء عائلات الهزارة

وقال تقرير المنظمة: إنه في أوائل أكتوبر/ تشرين الأول 2021 ، قامت حركة طالبان والميليشيات المرتبطة بها بإجلاء المئات من عائلات الهزارة من ولاية هلمند الجنوبية ومقاطعة بلخ الشمالية، حيث جاء ذلك في أعقاب عمليات إخلاء سابقة من مقاطعات دايكوندي وأوروزغان وقندهار. 

وأوضح التقرير أنه منذ وصول طالبان إلى السلطة في أغسطس الماضي، طلبت طالبان من العديد من الهزارة وغيرهم من السكان في هذه المقاطعات الخمس مغادرة منازلهم ومزارعهم، وفي كثير من الحالات تم إبلاغ المواطنين قبل أيام قليلة فقط من إجلائهم، ودون أي فرصة لتقديم أوراقهم القانونية الخاصة بملكية الأرض. 

وبحسب التقرير الحقوقي، قال محلل سياسي سابق في الأمم المتحدة: إنه رأى إشعارات إخلاء تخبر السكان أنه إذا لم يمتثلوا، "فليس لهم الحق في الشكوى من العواقب".

عقاب جماعي

وقالت باتريشيا جوسمان، المديرة المساعدة لقسم آسيا في هيومان رايتس ووتش: "تقوم طالبان بإجلاء الهزارة وغيرهم بالقوة على أساس العرق أو الرأي السياسي لمكافأة أنصار طالبان"، مؤكدة أن "عمليات الإخلاء هذه تعد انتهاكات خطيرة ترقى إلى مستوى العقاب الجماعي"، ولفتت إلى أن تنفيذ عمليات الإجلاء كان تحت تهديد القوة ودون أي إجراءات قانونية.

وحسبما نقلت وسائل الإعلام، قال أهالي الهزارة في منطقة قبة الإسلام في مزار الشريف، التابعة لمحافظة بلخ: إن مسلحين من مجتمع كوشاني المحلي يعملون مع قوات الأمن المحلية لطالبان، لإجبار العائلات على المغادرة، ومنحهم ثلاثة أيام فقط للقيام بذلك.

ويزعم مسؤولو طالبان أن عمليات الإخلاء تمت بناءً على أمر من المحكمة، لكن السكان الذين تم إجلاؤهم يؤكدون أنهم يمتلكون الأرض منذ السبعينيات. ونشأت الخلافات حول الادعاءات المتضاربة بسبب الصراع على السلطة في التسعينيات.

ضيق الوقت

وفى رسائل نقلتها المنظمة الحقوقية، قال سكان منطقة ناو ميش في ولاية هلمند: إن طالبان أصدرت إشعارًا إلى 400 أسرة على الأقل في أواخر سبتمبر/ أيلول الماضي، تأمرهم بالمغادرة. ونظرا لضيق الوقت، لم تتمكن العائلات من أخذ ممتلكاتهم أو حصاد محاصيلهم بالكامل. وقال أحد السكان إن طالبان اعتقلت 6 رجال حاولوا الطعن في الأمر الذي أصدره مسؤولو الحركة؛ ولا يزال أربعة في الحجز.

توزيع الأراضي على أنصار الحركة

وقال ساكن آخر: إنه في أوائل التسعينيات وزع المسؤولون المحليون مساحات كبيرة من الأراضي على أقاربهم وأنصارهم، مما أدى إلى تفاقم التوترات بين المجتمعات العرقية والقبلية. وكان تأمين المطالبة بالأرض يعتمد على من كان في السلطة، وقد قام أولئك الذين خسروا في قرارات سابقة بتقديم التماس إلى طالبان لدعم مطالبهم. وقال ناشط من هلمند إنه يجري إعادة توزيع الممتلكات على أعضاء طالبان الذين يشغلون مناصب رسمية. وقال إنهم "يقومون بتفكيك الأراضي والممتلكات العامة الأخرى" وإعادة توزيعها على قواتهم الخاصة.

ووقعت أكبر عمليات النزوح في 15 قرية في مقاطعتي دايكوندي وأوروزغان، حيث طردت طالبان ما لا يقل عن 2800 من سكان الهزارة في سبتمبر/ أيلول. وانتقلت العائلات إلى مناطق أخرى، تاركين وراءهم ممتلكاتهم ومحاصيلهم.

اعتقال المطالبين بالتحقيق

وقال أحد السكان السابقين إنه "بعد استيلاء طالبان على السلطة، تلقينا رسالة من طالبان تبلغنا بضرورة مغادرة منازلنا لأن الأراضي محل نزاع. وذهب عدد قليل ممثلين عن المواطنين إلى مسؤولي المنطقة للمطالبة بإجراء تحقيق، لكن تم اعتقال حوالي خمسة منهم ".


 
وقالت منظمة "هيومان رايتس ووتش": إنها لم تتمكن من تحديد ما إذا كان قد تم الإفراج عن هؤلاء المعتقلين أو لا.

وأضاف المواطن الأفغاني، أن طالبان أقامت نقاط تفتيش على طرق الخروج من القرى و"لم تدع أحدًا يأخذ معهم حتى محاصيلهم". وبعد التغطية الإعلامية لعمليات الإخلاء، تراجع مسؤولو طالبان في كابول عن أوامر الإخلاء لبعض قرى دايكوندي، ولكن حتى 20 أكتوبر/ تشرين الأول ، لم يعد أي من المواطنين المعتقلين.

وأضاف التقرير أنه في ولاية قندهار في منتصف سبتمبر، أعطت طالبان مهلة لسكان مجمع سكني مملوك للحكومة ثلاثة أيام للمغادرة، وتم توزيع الممتلكات من قِبل الحكومة السابقة على موظفي الخدمة المدنية.

إخلاء قسري

ويحظر القانون الدولي عمليات الإخلاء القسري، التي تُعرّف بأنها الإبعاد الدائم أو المؤقت للأفراد أو العائلات أو المجتمعات رغماً عنهم من منازلهم أو أراضيهم، دون الوصول إلى أشكال مناسبة من الحماية القانونية أو غيرها.

يذكر أن الهزارة هم مجموعة عرقية يغلب عليها الشيعة، وكانت هدفا لعمليات القتل الجماعي وغيرها من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من قبل قوات طالبان في التسعينيات، حيث واجهوا التمييز وسوء المعاملة من قبل الحكومات الأفغانية المتعاقبة منذ أكثر من 100 عام.

وتجري عمليات الإخلاء القسري في أفغانستان في وقت سجل فيه نزوح داخلي قياسي بسبب الجفاف والصعوبات الاقتصادية.