وفاة زياد الرحباني.. رحيل نجل فيروز الموسيقي والمسرحي العربي

وفاة زياد الرحباني.. رحيل نجل فيروز الموسيقي والمسرحي العربي

وفاة زياد الرحباني.. رحيل نجل فيروز الموسيقي والمسرحي العربي
وفاة زياد الرحباني

رحل عن عالمنا صباح السبت الموسيقار اللبناني زياد الرحباني عن عمر يناهز 69 عامًا، بعد مسيرة فنية وإنسانية استثنائية امتدت لأكثر من خمسة عقود، قدم خلالها أعمالًا شكلت ملامح وجدان أجيال كاملة من عشاق الموسيقى والمسرح في العالم العربي.
برحيله، يغيب أحد آخر أعمدة المدرسة الرحبانية، ويخسر الفن العربي صوتًا صادقًا وحادًا كان حاضرًا في وجدان الشعب العربي.

ابن فيروز.. بداية بميراث ثم مسار مستقل

وقد ولد زياد الرحباني عام 1956، في بيتٍ لم يكن عاديًا، فهو نجل السيدة فيروز وعملاق الموسيقى عاصي الرحباني، وشكّلت نشأته في هذه البيئة الفنية الفريدة حاضنة مبكرة لموهبته المتعددة الأوجه.


ورغم أن ولادته الفنية الحقيقية جاءت من رحم المدرسة الرحبانية، فإن زياد سرعان ما اختار لنفسه مسارًا خاصًا، جمع فيه بين التأليف الموسيقي، والعزف، والكتابة المسرحية، والتمثيل، وحتى الصحافة السياسية.

موسيقى تخاطب القلب والعقل

وقد استطاع زياد أن يطوّع الموسيقى كما لم يفعل غيره في العالم العربي، فمزج ببراعة بين الكلاسيكيات الشرقية والجاز والموسيقى الغربية، وألحانه التي قدمها لوالدته فيروز شكلت رصيدًا ذهبيًا في الموسيقى العربية الحديثة، من "سألوني الناس" و"كيفك إنت" إلى "عندي ثقة فيك" و"نطرونا كتير"، ترك زياد بصمة يصعب محوها من الذاكرة الجماعية.

تعاون الرحباني مع كبار الفنانين، لكن فيروز بقيت بوصلته الفنية الأولى، واستطاع عبرها أن ينقل الصوت الرحباني إلى مرحلة جديدة، أكثر حداثة وجرأة.

مسرح سياسي ساخر.. مرآة لواقع ممزق

ولم يكن المسرح عند زياد مجرد خشبة، بل ساحة مواجهة، وسلاح مقاومة، ومنبر للتأمل، وقدم أعمالًا نقدية جريئة مثل "بالنسبة لبكرا شو؟" و"فيلم أمريكي طويل" و"بخصوص الكرامة والشعب العنيد"، وضع فيها المجتمع اللبناني والعربي تحت المجهر، وسلط الضوء على التناقضات الطبقية، والفساد السياسي، وعبثية الحرب.
امتازت مسرحياته بالواقعية الصادمة والمزج بين النكتة والفجيعة، حيث كان يتقن اللعب على وتر الألم دون أن يفقد جمهوره القدرة على الضحك وسط المأساة.

كان زياد صريحًا في انتمائه الأيديولوجي، معلنًا تأييده للفكر الشيوعي، ومناصرًا للقضايا العربية الكبرى، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.


ولم يكتفِ بالتحليل السياسي، بل دمج مواقفه في موسيقاه ونصوصه ومقابلاته، وجعل من فنه مرآة للأزمات العربية المعاصرة، حتى حين كلفه ذلك هجمات إعلامية أو مقاطعة من بعض الجهات.