الدواء رهينة الجباية.. انتهاكات إخوانية تُهدد مرضى تعز
الدواء رهينة الجباية.. انتهاكات إخوانية تُهدد مرضى تعز

في حادثة فجرت موجة من الغضب الشعبي والحقوقي، أقدم محصلون يتبعون صندوق النظافة والتحسين بمدينة التربة، مديرية الشمايتين بمحافظة تعز، على احتجاز شاحنة أدوية إنسانية تابعة لمنظمة "اليونيسف"، كانت مخصصة لمرضى الفشل الكلوي في مشفي الجمهوري والثورة بمدينة تعز.
الواقعة، التي حدثت في نقطة تفتيش بمنطقة الأصابح، الخاضعة لنفوذ شخصيات محسوبة على حزب الإصلاح، الذراع السياسي لجماعة الإخوان الإرهابية في اليمن، كشفت عن ممارسات جبائية تستهدف حتى المساعدات الطبية التي ترسل لإنقاذ أرواح المرضى.
جباية غير قانونية وتهديد للسلامة الدوائية
وبحسب مصادر إعلامية يمنية، حاول المحصلون فرض رسوم مالية قدرها 500 ريال يمني على كل صندوق دوائي، رغم حمل الشحنة لتصاريح رسمية من الجهات المختصة، ووفقًا للمصادر ذاتها، أقدم المحصلون على إنزال الصناديق من الشاحنة لعدها يدويًا، في إجراء لا يراعي شروط النقل والسلامة الدوائية، مما يهدد بفقدان فعالية الأدوية نتيجة تعريضها لأشعة الشمس ودرجات الحرارة المرتفعة.
سائق الشاحنة رفض دفع المبلغ، ما تسبب في احتجاز الشحنة لليوم الثالث على التوالي، وسط قلق متصاعد من إتلاف المستلزمات العلاجية التي تضم موادًا حساسة مخصصة لغسيل الكلى.
تشابه في الممارسات مع الحوثيين
الواقعة استحضرت في أذهان اليمنيين ممارسات مشابهة تنفذها جماعة الحوثي في مناطق سيطرتها، حيث يتم ابتزاز القوافل الإنسانية وفرض رسوم غير مشروعة عليها، الأمر الذي دفع مراقبين إلى التحذير من انسحاب هذه الممارسات على مناطق خاضعة للحكومة المعترف بها دولياً، مما ينذر بتآكل ثقة المنظمات الأممية وشركاء الدعم الإنساني.
وقد عدد من النشطاء والحقوقيين أدانوا الحادثة، معتبرين أن استغلال المعونات الطبية لأغراض مالية يمثل جريمة أخلاقية وقانونية، خصوصًا إذا ما تعلق الأمر بحياة مرضى يعانون من أمراض مزمنة وخطيرة، وطالبوا السلطات المحلية في تعز، والجهات الأمنية، بفتح تحقيق عاجل وشفاف، ومحاسبة المتورطين في هذه الانتهاكات.
كما وجهوا دعوات إلى المنظمات الدولية بعدم الصمت إزاء ما جرى، واعتبار ما حدث تهديدًا مباشرًا لعمل المنظمات الإنسانية في اليمن، خاصة في ظل بيئة أمنية هشة وغياب المحاسبة في عدد من المناطق.
ويشار إلى أن مرضى الفشل الكلوي في تعز يعانون أوضاعًا مأساوية، في ظل انعدام الدعم الطبي الكافي وغياب الانتظام في توفير المستلزمات العلاجية، وهو ما يجعل أي عرقلة للمساعدات الإنسانية خطرًا مباشرًا على حياتهم.
والحادثة سلطت الضوء مجددًا على الحاجة الماسّة لفصل الخدمات الإنسانية عن الصراعات السياسية، وتوفير حماية حقيقية لعمل المنظمات الدولية، بما يضمن وصول الدعم إلى مستحقيه دون ابتزاز أو تدخلات حزبية.
وقد أكد المحلل السياسي اليمني صهيب ناصر الحميري، إن ما يحدث في تعز ليس مجرد حادثة ابتزاز مالي، بل هو مؤشر خطير على تغول القوى الحزبية في مؤسسات الدولة المحلية، حيث أصبحت بعض النقاط الأمنية أشبه بمراكز جباية خارج القانون، تديرها شخصيات حزبية ترتبط بالإخوان الإهابية.
ويضيف الحميري - في تصريحات خاصة لـ"العرب مباشر" - أن احتجاز مساعدات إنسانية ودواء من قبل جهات محسوبة على حزب الإصلاح يعكس كيف أصبحت بعض القوى تتعامل مع العمل الإغاثي كأداة للضغط السياسي أو مورد تمويلي، هذا السلوك يقوّض صورة الحكومة الشرعية أمام المجتمع الدولي، وهناك تكرار مقلق لنمط تستخدمه أطراف في تعز للهيمنة على القرار الإداري والخدمي، ويتجلى ذلك في فرض رسوم غير قانونية حتى على الشحنات الإنسانية.