هل يلقي عناد «ترامب» وغضب المتظاهرين.. بأميركا في دوامة «الحرب الأهلية»

هل يلقي عناد «ترامب» وغضب المتظاهرين.. بأميركا في دوامة «الحرب الأهلية»
الرئيس الأمريكي ترامب

سيناريوهات عديدة تطرح نفسها أمام المهتمين بتطور الأحداث في الولايات المتحدة الأميركية والتي بدأت مع وفاة الشاب الأميركي "جورج فلويد" من أصول إفريقية على يد ضابط تعمد قتل فلويد أمام كاميرات الهواتف التي رصدت تلك اللحظات لتنفجر بعدها احتجاجات وتظاهرات ضد عنصرية الدولة الأميركية في مدينة مينيابوليس وتتحول التظاهرات لأعمال تدمير وسلب ونهب في عدة ولايات أميركية ليتدخل الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعدة تصريحات وصفها البعض بالاستفزازية، حيث تسببت في أن يتخطى الأمر مسألة العنصرية وأصبح المحتجون يستهدفون الآن الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

التظاهرات تتحدى كورونا.. والغضب الشعبي يفوق الخوف من الفيروس

لا تزال التظاهرات والحركات الاحتجاجية مستمرة رغم التهديدات بفيروس كورونا ومخاوف البعض من تسبب التظاهرات في إصابة مئات الملايين من الشعب الأميركي، الاحتجاجات تطورت بسرعة شديدة تؤكد أن نار الغضب لا تزال مشتعلة وزادت حدة الاشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن في عدد كبير من المدن الأميركية بما في ذلك العاصمة "واشنطن" وعلى بعد عدة أمتار من البيت الأبيض.

العنف المتزايد دفع الحكومة الأميركية لنشر الحرس الوطني في خمس عشرة ولاية، بينما فرضت السلطات المحلية حظر التجوال في عشرات المدن وهو الأمر الذي لم يحدث من عشرات السنين في الدولة الأقوى في العالم، وبالتحديد منذ اندلاع أعمال الشغب التي أعقبت اغتيال مارتن لوثر كينج أحد أبرز المناضلين ضد التمييز العنصري ضد السّود عام 1968.

رومان هوريت القاضي والمؤرخ الأميركي أكد أن هناك شيئاً استثنائياً يحدث في الولايات المتحدة في الوقت الحالي، نحن نتعامل هنا مع انفجار برميل من البارود، مضيفًا أن ما يحدث يشبه أعمال الشغب التي أعقبت تبرئة أفراد الشرطة الذين اعتدوا بالضرب بوحشية على رودني كينغ في لوس أنجلوس، أو بالمظاهرات، في الماضي القريب، التي تلت وفاة مايكل براون عام 2014 في فيرجسون.

ولكن، كما يشير رومان هوريت، فإن ما يسجله التاريخ الآن في الولايات المتحدة غير مسبوق بالمرة من جهة "سرعة الانتشار والحجم، والجمع بين المظاهرات السلمية والعنيفة في العديد من المدن وبهذه الطريقة القوية".

مراقبون: استمرار عناد "ترامب" وغضب الجماهير.. ينذران بحرب أهلية وشيكة

من جانبهم أكد مراقبون، أن التحليلات السياسية أكدت احتمالية وقوع حرب أهلية أميركية بسبب إصرار الرئيس الأميركي على التصعيد ضد المتظاهرين ووصفهم بالإرهابيين.

وألقوا باللوم على الرئيس ترامب في ما تشهده أميركا من انقسام مجتمعي يكاد يصل إلى حافة الحرب الأهلية، وفي التعامل العنيف للشرطة مع المتظاهرين، وكذلك الفشل في إدارة أزمة كورونا.

خاصة بعد أن أعلن وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر، معارضته اللجوء إلى قانون يسمح بنشر قوات الجيش للسيطرة على الاحتجاجات ضد استخدام الشرطة القوة بحق الأميركيين من أصول إفريقية، موضحًا أنه لا يؤيد اللجوء إلى قانون الانتفاضة، وذلك بعد يومين على قول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنه قد يلجأ لتفعيله بهدف استدعاء الجيش للسيطرة على الاحتجاجات، وأكد وزير الدفاع الأميركي، أن الهدف الرئيسي في الوقت الراهن هو إبعاد الجيش عن استخدامه في السجال السياسي.

وعلّق الكاتب الأميركي الشهير توماس فريدمان قائلًا: إن مخاوفه أصبحت حقيقة وأسوأ، فهو ليس متأكداً من عقد انتخابات حرة ونزيهة في نوفمبر المقبل أو نقل السلطة بطريقة سلمية في يناير"، مضيفاً: "نقترب من حرب أهلية".

وتابع: "كان لينكولن في أحلك ساعة من ساعات الانقسام قادراً على الغوص عميقاً في روحه والعثور على كلمات من دون حقد على أحد وإحسان للجميع"، ومضى قائلاً: "اليوم لدينا دونالد ترامب، الرجل الذي كان حدسه الأول عندما تمزق البلد هو إطلاق الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين السلميين وتفريقهم حتى يتمكن من السير إلى كنيسة قريبة لكي يلتقط صورة أمامها وهو يحمل نسخة من الإنجيل.

إقالة أو استقالة "وزير الدفاع الأميركي" ستزيد المشهد ارتباكًا

من جانبه، يقول الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، المشهد الأميركي ينفتح على سيناريوهات متعددة خصوصًا بعد التجاذب الشديد الذي وقع في وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" صباح اليوم واستقالة عدد من مستشاري وزارة الدفاع الأميركية.

وأضاف: أتصور إقالة أو استقالة مارك إسبر وزير الدفاع الأميركي، أمر وارد للغاية في هذا السيناريو إذا ما استمرت حالة التجاذب والخلاف الواضع مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وتابع: نحن أمام مشهد يشير إلى بعض الوقائع أهمها أن الرئيس ليس عسكريًا ليستطيع إدارة الأزمة، وبالتالي الحديث هنا عن إمكانية استدعاء الحرس الوطني أو الجيش أمر يحسمه العسكريون وليس رئيساً مدنياً ليس لديه خلفية عسكرية كافية لاتخاذ مثل تلك القرارات بما تحمله من تبعات.

وأشار فهمي، إلى وجود حالة من التذمر غير المعلن والمكبوت في وزارة الدفاع وهيئة الأركان ومجمع الاستخبارات العام على التصريحات السياسية التي يطلقها الرئيس ترامب بهذه الصورة، مضيفًا، لذلك نتوقع أن كل السيناريوهات مفتوحة.

وأكد أن في النهاية فنحن نتحدث عن الولايات المتحدة الأميركية كدولة أم كبيرة، وليس جمهورية موز كما نسمع في التحليلات السياسية العبثية، موضحًا أنه لن يكون هناك تغييرات دراماتيكية ولكن ربما سيكون تداعيات مؤثرة وخطيرة للأزمة، أبرزها احتمالات تأجيل الانتخابات الأميركية التي مقرر لها أن تجرى في الأسبوع الأول من نوفمبر المقبل.

وأضاف أستاذ العلوم السياسية، أنه من الوارد الدخول في متاهة سياسية وعسكرية في حال إقالة أو استقالة عدد من مسؤولي وزارة الدفاع الأميركية، موضحًا أن استمرار التظاهرات في أميركا سيعكس بصورة أو بأخرى حالة عدم الاستقرار في أميركا وآلية تعامل الرئيس الأميركي ترامب مع تبعاتها.