من أميركا لأستراليا.. كيف ينتقم أردوغان من معارضيه؟

من أميركا لأستراليا.. كيف ينتقم أردوغان من معارضيه؟
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان

رغم فضح سياسته الانتقامية في أكثر من موقف وبمختلف الدول للنيل من خصومه ومعارضيه، إلا أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ما زال يضرب بردود الفعل والتنديدات عرض الحائط، واستمر في عمله لتكوين شبكات عالمية إرهابية وتجسسية.

وبين مختلف البلدان بل والقارات، صنع أردوغان شبكات ضخمة للانتقام من معارضيه وتشويههم وصناعة المكائد والقضايا لهم، حيث كشفت وثائق سرية أن جهاز الاستخبارات التركي تجسس ضد معارضي نظام الرئيس في أستراليا، وجمع معلومات عن أنشطتهم، وفقاً لموقع "نورديك مونيتور" السويدي.


أستراليا


وأظهرت تلك الوثائق أول عملية تجسس تركية مؤكدة في أستراليا، لشخصية بارزة تابعة لجماعة معارضة في سيدني، حيث أرسل مسؤول مكافحة الإرهاب بشرطة أنقرة تقريراً من 17 صفحة إلى مكتب النائب العام في العاصمة يوم 16 مارس الماضي لفتح قضية جنائية ضد منتقدي ومعارضي نظام أردوغان، تستهدف تحديد أنشطة أعضاء حركة عبدالله جولن التي يزعم أردوغان وقوفها خلف الانقلاب المزعوم في 2016.

وكانت المؤسسة التابعة التي يشار إليها في خطاب المقدمة بحرفي (آي في/IV) تم تحديدها بالتقرير المرفق بأنها جهاز الاستخبارات الوطنية، حيث أظهرت الوثائق أنه في 20 نوفمبر 2019، تم نقل جهاز الاستخبارات التركي المعلومات من أستراليا إلى إدارة مكافحة الإرهاب بمديرية الأمن العام في أنقرة، وبعد ذلك حققت شرطة العاصمة في الأسماء المرسلة من جهاز الاستخبارات، ثم قدمت تقريراً إلى مكتب النائب العام لاتخاذ الإجراءات القانونية.

ويظهر بالتقرير كم كبير من المعلومات التي أظهرتها أنشطة تجسس جهاز الاستخبارات بالخارج واختراق أتباع أردوغان لمجتمع أعضاء حركة جولن في أستراليا، منهم محمد وهبي يافوزلار، الذي كان مسؤولاً تنفيذياً بجمعية خيرية ثقافية تتولى الترويج للتعليم والتنوع والتعددية الثقافية، حيث استغلت الاستخبارات التركية عملاء لمراقبة الاجتماع ومبلغين لجمع المعلومات بشكل غير قانوني، ثم نقلت المعلومات إلى مقر وكالة التجسس في أنقرة مع الأجهزة الأمنية التابعة لأردوغان، ما يثبت خرقاً بيناً لقوانين التدخل الأجنبي في البلاد ومكافحة التجسس، التي تم تشديدها عام 2018.


ألمانيا 


لم تكن تلك العملية هي الأولى، حيث سبقها عدة عمليات أخرى، منها تأسيس تركيا شبكة تجسس بألمانيا ضد خصوم أردوغان ونقل أخبارهم إلى أنقرة ثم فتح قضايا باتهامات مزعومة، حيث كشفت وثائق أن أحد الموالين للنظام التركي في ألمانيا بعث برسالة سرية إلى خط بلاغات خصصته مديرية الأمن العام لنقل المعلومات التي تم جمعها عن المعارضين المرتبطين بحركة فتح الله جولن.

وعقب ذلك، تم نقل الرسالة إلى وحدة الجرائم الإلكترونية، ومشاركتها مع إدارات مكافحة الإرهاب والإنتربول لاتخاذ إجراءات جنائية ضد الأشخاص الواردة أسماؤهم، ثم إبلاغ مكتب النائب العام واستغلالها كدليل في المحاكمات الصورية التي تستهدف المنتقدين والمعارضين والخصوم.

وأظهرت الوثائق تغلغل شبكة المبلغين التركية في أوروبا، والتي توسعت بشدة منذ عام 2014، عقب تورط أردوغان في تحقيقات فساد كبرى التي تم فضحها في ديسمبر 2013، بالحصول على ثروة ضخمة من خلال الرشاوى وسوء استغلال السلطة ومخططات غسيل الأموال لصالح النظام الإيراني، بينما اتهم الرئيس التركي حركة جولن، بالوقوف وراء ذلك.


أميركا


وسبق أن انتشرت وثائق مسربة تعود إلى 5 فبراير 2020، أن المسؤولين الأتراك استغلوا المنشآت الدبلوماسية في جمع معلومات عن المواطنين والمقيمين بالولايات المتحدة، وهو ما يعد انتهاكاً فادحاً لاتفاقية فيينا التي تنظم عمل الدبلوماسيين وموظفي القنصليات.

كما أنها تتضمن إرسال البعثات التركية لتقارير استخباراتية لوزارة الخارجية، بشأن تحديد المرتبطين بجماعة رجل الدين فتح الله جولن المقيم بواشنطن، بالإضافة لمن ينتقد الحكومة التركية في القضايا المختلفة، فضلاً عن تقارير أخرى بشأن العديد من الأجهزة الحكومية بتركيا كالشرطة ومكتب الادعاء العام في أنقرة.

وتكشف إحدى الوثائق أن أحد الأنظمة التي تشرف عليها وحدة شرطية تعمل تحت ستار مديرية مكافحة التهريب والجريمة المنظمة للشرطة الوطنية التركية في أنقرة، وأنه من بين الأسماء المستهدفة بأميركا من تركيا هو بربروس كوجاكورت، في ولاية نيوجيرسي، حيث إنه معارض للحكومة، وكان مديراً سابقاً لكلية يامنلار، وهي واحدة من أفضل المدارس في تركيا قبل أن تغلقها حكومة أردوغان عام 2016.

وتضمنت الوثائق السرية التركية أيضاً، أحمد جان، في بروكلين، كأحد مؤسسي مؤسسة "داملا كولتور سنات دارندي" الفنية الثقافية الموجودة في إسطنبول، والتي أغلقتها تركيا في 2016، بالإضافة إلى عزيز أوزديمير، عضو بجمعية رجال أعمال فلوريا في إسطنبول، والتي أُغلقت بالعام نفسه.

كما أن تلك المستندات التي أرسلتها السفارة التركية والقنصليات بأميركا، استغلتها حكومة أردوغان في رفع دعاوى جنائية فيها ضد المواطنين المقيمين في الولايات المتحدة.

وأوضح أن تلك الجرائم، بدأت منذ محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو 2016، حيث بطش أردوغان بمعارضيه بشتى الطرق، وأصدر حزمة من قوانين مكافحة الإرهاب خصيصاً لأجل خصومه.


سويسرا


تعتبر تلك ليست هي المرة الأولى التي يتم فيها فضح تجسس البعثات الدبلوماسية التركية، حيث سبق وتكرر الأمر في عدة دول أوروبية أيضاً، ما وصل إلى إصدار سويسرا لمذكرة اعتقال ضد اثنين من مسؤولي سفارة أنقرة، عقب محاولتهم خطف رجل أعمال سويسري من أصل تركي، معارض لنظام أردوغان الفاسد.

العام الماضي أيضاً تم الكشف أن وكالة الاستخبارات الوطنية التركية كانت تجمع بيانات عن أعضاء من جماعة فتح الله جولن الذين فروا إلى اليونان هرباً من بطش أردوغان، حيث كشفت الوثيقة عن عمليات مراقبة تركية للاجئين والمهاجرين في اليونان من أجل تحديد أسماء وخطط وأماكن وجود الذين اضطهدهم نظام أردوغان حتى أثناء وجودهم في الخارج.


الدنمارك


وقبل أيام، تم فضح الحكومة التركية بأنها كانت تتبع الصحفي حسن جوجوك، المعارض، وهو مراسل تركي مخضرم كان يعمل صحفياً في الدنمارك منذ التسعينيات، بينما سارعت الاستخبارات الدنماركية بنقله إلى منزل آمن.

كما كشفت وثائق أخرى، تجسس تركيا على البلدان الإفريقية التالية "بوركينافاسو، غينيا الاستوائية، إثيوبيا، المغرب، جابون، غانا، غينيا بيساو، جنوب إفريقيا، الكاميرون، كينيا، جمهورية الكونغو الديمقراطية، ليبيا، مدغشقر، مالي، مصر، موريتانيا، موزمبيق، النيجر، ونيجيريا، وجمهورية إفريقيا الوسطى، والسنغال، والصومال، والسودان، وتنزانيا، وتونس، وأوغندا".

بالإضافة للولايات المتحدة، حيث كانت تتولى مراقبة معارضيها الأتراك في "ألاباما، أريزونا، أركنساس، بوسطن، كاليفورنيا، كولورادو، فلوريدا، جورجيا، هيوستن، إنديانا، لويزيانا، لاس فيجاس، لوس أنجلوس، مينيسوتا، ميسورى، ونيفادا، ونيوجيرسي، ونيو مكسيكو، ونيويورك، وكارولينا الشمالية، وأوهايو، وأوكلاهوما، وبنسلفانيا، وسان أنطونيو، وشيكاغو، وتينيسي، ويوتا، وواشنطن، وسان دييجو.