كورونا يفتك بالإيرانيين.. وسط تجاهُل وفشل الملالي

كورونا يفتك بالإيرانيين.. وسط تجاهُل وفشل الملالي
صورة أرشيفية

من بين البلدان العديدة في الشرق الأوسط، سقطت إيران صريعة فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19"، الذي يتفشى بضراوة بين المواطنين ليسقط الآلاف ضحايا له ويحقق أعلى إصابات ووفيات بالمنطقة، وتحولت طهران إلى منطقة موبوءة، حتى وصل الأمر لمسؤولين كبار بالدولة، ما كشف حقيقة فشل السلطات وتردي الجهاز الصحي لديهم.

ضحايا الفيروس


يهاجم فيروس "كورونا" إيران بدرجة عالية ومتسارعة، لدرجة أنه يصيب أكثر من 50 شخصا كل ساعة، بينما يقتل إيرانيا واحدا كل 10 دقائق، وفقا للبيانات الرسمية، ليصل عدد الوفيات اليوم إلى 6156 شخصا بعد تسجيل 65 وفاة خلال الـ 24 ساعة الماضية، بينما بلغت الإصابات 96 ألفا عقب تسجيل 448 شخصا.


بينما أكدت مراكز أبحاث إيرانية أن الأعداد الحقيقية للفيروس تفوق تلك المعلنة رسمياً، حيث تضمن أحدثهم اليوم أن التقديرات تشير إلى أن عدد الوفيات التي لم تسجل يزيد 0.8 مرة عن الرقم الرسمي، وعدد حالات الإصابة الفعلي ربما يزيد من ثماني إلى عشر مرات عن العدد المعلن من وزارة الصحة.

موجة ثانية


ورغم عدم تمكن السلطات من احتواء الفيروس حاليا أو احتواء الجهاز الصحي له، ظهرت توقعات بموجة ثانية من كورونا في طهران، حيث رجح رئيس منظمة الأغذية والأدوية في إيران محمد رضا شانه ساز، حدوث موجتين جديدتين لفيروس كورونا فى إيران.
وقال شانه ساز إنه: "لا شك في حدوث الموجتين الثانية والثالثة من تفشي فيروس كورونا خلال فصل الخريف القادم... ستحدث بالتأكيد"، مشيرا إلى أن الهواجس بشأن استمرار المرض تراجعت خلال الشهرين الجارى والمقبل، لكن توجد مخاوف حقيقية تجاه حدوث موجة جديدة فى الخريف المقبل.


وطالب بأهمية استمرار اتباع الإجراءات الاحترازية والوقاية الشخصية والتباعد الاجتماعى، حيث إن صنع لقاح الفيروس ليس متاحا بسهولة.

 استكمال العمل


وفي قرار مثير للجدل، ورغم تلك الزيادة الكبيرة في أعداد المصابيين، إلا أن الحكومة الإيرانية اتخذت قرارا غريبا من نوعه، وهو الاتجاه لفتح الأماكن الدينية في 116 مدينة تمر بالمرحلة البيضاء من انتشار كورونا والتي تعني أنها تجاوزت مرحلة الخطر.


ومن المنتظر أن تجتمع الحكومة غدا الأحد، للبت في قرار فتح الأماكن الدينية والمرافق الرياضية والثقافية في هذه المدن، حيث سيعتمد القرار على وضع المدن وليس المحافظات.


وفي 11 إبريل الماضي، سمحت إيران بإعادة فتح الأعمال التجارية الصغيرة خارج العاصمة، نظرا لشدة صعوبة أوضاعها الاقتصادية في ظل العقوبات الأميركية المفروضة عليها.

بينما تتمدد العدوى في بعض المحافظات، منهم مازاندران التي تعد وجهة سياحية، وتقع عند ضفاف بحر قزوين شمالي البلاد، حيث تضاعفت أعداد الإصابات مجددا فيها بعد أسبوعين من الانخفاض.

البرنامج النووي


ورغم ذلك التدهور الشديد، إلا أن نظام الملالي يبدو أنه لا يبالي ويتبع سياسة مناعة القطيع بعم الاكتراث لضحايا كورونا، وأن همه الأول هو البرنامج النووي والأسلحة فقط، حيث كشفت أميركا أن طهران تجري تجارب على برنامج سري مضاد للصواريخ وهو ما رجح إطلاقها للقمر الاصطناعي المفاجئ.

الأربعاء الماضي، أمر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، البحرية الأميركية بإطلاق النار على أي سفن إيرانية تتعرض لها في البحر، بعد اقتراب 11 زورقا تابعا للحرس الثوري الإيراني بشكل خطير من سفن تابعة للبحرية الأميركية وحرس السواحل الأميركي في الخليج ووصف الواقعة بأنها "خطيرة واستفزازية".
فيما أكد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، إن البرنامج النووي الإيراني ليس سلميا، وطالب مجلس الأمن الدولي بتمديد قرار حظر توريد الأسلحة لإيران قبل "تصاعد العنف الإيراني"، وبدء سباق تسلح جديد في الشرق الأوسط.

وأضاف بومبيو، في تغريداته عبر "تويتر"، أن "عقارب الساعة تدق.. في العام الماضي، أطلقت إيران صواريخ بالستية على جيرانها، زرعت ألغاما في ناقلات النفط واستولت عليها، وهربت الأسلحة إلى مناطق النزاع، وأسقطت طائرة ركاب مدنية لا يمكننا المخاطرة بإيران بشراء أسلحة أكثر تقدما ونقل ترسانتها إلى جهات غير مسؤولة".

إجراءات ضعيفة


ورغم ذلك التفشي إلا أن إيران لم تفرض حتى الآن إجراءات الحظر الكامل أو تسير على النهج الصحيح المتبع داخل غيرها من البلدان، بينما مازال المحال والأضرحة متاحة للمواطنين، ما سمح لفيروس "كورونا" بحصد الكثير من أرواح المواطنين في البلاد، ولم يسلم منها أيضا المسؤولون رفيعو المستوى بمن فيهم المسؤول عن مواجهة الفيروس بالحكومة، وهو ما يثبت عدم وجود خبرة كافية بالدولة.


وأصيب عدد من المسؤولين رفيعي المستوى بالفيروس منهم رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني مجتبى ذو النور بفيروس كورونا المستجد "كوفيد 19"، بالإضافة إلى إيرج حريرجي، نائب وزير الصحة ورئيس لجنة مكافحة كورونا، ومعصومة ابتكار، نائبة الرئيس الإيراني لشؤون المرأة.
بينما توفي الدبلوماسي والسياسي الإيراني ورجل الدين، ورئيس مكتب رعاية المصالح الإيرانية بالقاهرة السابق، سيد هادي خسروشاهي، بعد إصابته بفيروس كورونا القاتل في مدينة قم، وخضوعه للعلاج منذ أيام في أحد مستشفيات طهران، بالإضافة لوفاة هاشم بطحائي، العضو بمجلس خبراء القيادة.

كما أكدت وسائل إعلام إيرانية أن نائبا في البرلمان فاز في الانتخابات التي أجريت يوم 21 فبراير بسبب كورونا، بالإضافة لإعلان إصابة حفيد مرشد إيران على خامئنى بالفيروس القاتل، ونجل صهر ومستشار المرشد الإيراني، ومحمد مير محمدي العضو في المجلس بفيروس كورونا، الذي توفيت والدته بالأمس في مدينة قم نتيجة إصابتها بالفيروس، وهي شقيقة المرجع الديني موسى شبيري زنجاني الذي يخضع للحجر الصحي بعد وفاة المسؤول التنفيذي والمالي في مكتبه جراء الإصابة بالفيروس، فضلا عن إعلان وزير الخارجية الإيراني السابق علي أكبر ولايتي إصابته بالفيروس.

احتقان شعبي 


ذلك التدهور الصحي وكشف الفساد بالقطاع الطبي وعدم القدرة على السيطرة على المرض، انعكس سلباً على الشعب الذي بات ينفث عن غضبه الضخم بين صفحات مواقع التواصل الاجتماعي المتاحة بالبلاد، حيث ندد معارضون إيرانيون بارتفاع أعداد الوفيات وضعف النظام الصحي بها، فضلا عن توجيههم اتهامات للنظام بإخفاء أعداد ضحايا كورونا، وسوء الإدارة، وعدم تنفيذ المعايير والنماذج المختبرة في العالم لمواجهة جائحة كورونا.


ولد ذلك الغضب الشعبي والمعارضة القوية، مخاوفَ بالغةً لدى النظام، الذي نشر أفراد ميليشيات أجنبية مسلحة في شوارع طهران، لحمايته خوفا من اندلاع احتجاجات شعبية إثر فشله في احتواء كورونا، ليكرر الأسلوب نفسه الذي اتبعته السلطات الإيرانية مع كارثة الفيضانات التي اجتاحت 25 محافظة في 2019