في سعيهم للنجاة.. عائلات غزة تحتمي بـ«الموتى» من صعوبة الحياة

في سعيهم للنجاة.. عائلات غزة تحتمي بـ«الموتى» من صعوبة الحياة
صورة أرشيفية

تعيش غزة ظروفا مأساوية وتزداد صعوبة يومًا بعد يوم، في ظل أزمات اقتصادية متتالية، وتداعيات غير مسبوقة لفيروس كورونا، التي أثرت على جميع الجهات المانحة في العالم، مما دفع مفوضية غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» للتحذير من أسوأ أزمة مالية في تاريخ غزة، الأسر الأكثر فقرًا هي الأكثر تأثرًا فازداد فقرها بشكل كبير مع تقليل المساعدات الإنسانية ووقفها بالنسبة لبعضهم.


الأونروا تحذر من كارثة في قطاع غزة بسبب عجز التمويلات


المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» تحدث للعالم عن الفترة الحالية ووصفها بأنها أسوأ أزمة مالية في تاريخ وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى مؤكدًا أن استمرار الأوضاع على حالها قد يؤدي إلى كارثة في قطاع غزة.


وأضاف فيليب لازاريني، أن نقص التمويل بلغ سبعين مليون دولار، مما تعارض مع قدرة الأونروا على دفع رواتب الموظفين كاملة في شهري نوفمبر وديسمبر للخطر.


وتابع لازاريني، نقص التمويل يؤثر بشكل مباشر على 28 ألف موظف الغالبية العظمى منهم من اللاجئين في الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة.


موضحًا أن الوضع الأكثر خطورة هو في قطاع غزة الذي يعيش فيه 2 مليون شخص وارتفاع معدلات البطالة لتتجاوز الـ 50% وتخفيض رواتب باقي الموظفين الذين لم يفقدوا عملهم.


وأوضح لازاريني «يعتمد هؤلاء السكان بشكل كامل على المساعدات الدولية»، محذراً من أن تعليق برامج الوكالة يمكن أن يعود بالأثر الاقتصادي والأمني «المدمر».


وقال لازاريني إن الوضع «مخيف» في جميع أنحاء البلاد لكنه أسوأ في صفوف اللاجئين الفلسطينيين، خصوصاً أن 80 إلى 90 في المائة منهم يعتمدون على الوكالة في الحصول على المساعدات.


وتفاقمت المشاكل المالية للوكالة بعدما قطع الرئيس الأميركي دونالد ترامب مساهمة الولايات المتحدة لـ الأونروا بالكامل في عام 2018، وكانت واشنطن قبل ذلك، تقدم أكثر من 300 مليون دولار سنوياً، أي تقريباً ثلث الميزانية السنوية الأساسية للوكالة.


انعدام الأمن الغذائي يهدد أهل غزة.. والبطالة والفقر وصلوا لـ75%


وزارة التنمية الاجتماعية بغزة؛ أكدت أنّ نسبة انعدام الأمن الغذائي في صفوف سكان القطاع بلغت 70%، كما أنّ نسبة الفقر والبطالة وصلت، خلال العام 2019، إلى ما يقرب من 75%، في حين أنّ 33,8% يعيشون تحت خطّ الفقر المدقع.


من جانبه، كشف الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني أن 68% من العائلات في قطاع غزة، لا يستطيعون تغطية نفقاتهم الشهرية من مأكل ومشرب ودواء وإيجار منزل وفواتير الكهرباء والماء والغاز بسبب الأزمات المركبة التي تعيشها غزّة.


ووصفت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، عام 2020، بالأسوأ في غزة، بعد أن باتت الأوضاع أشدّ صعوبة، بعد أن شدّدت تل أبيب حصارها على القطاع، وأوقفت الكثير من الدول المانحة دعمها لسكان غزّة، وقلّصت المؤسسات الدولية من مشاريعها التشغيلية، وجاء الإغلاق الشامل في القطاع بعد تفشّي كورونا ليزيد الحياة صعوبة بشكل غير مسبوق.


انتقلنا للعيش وسط القبور بعد عجزنا عن دفع إيجار منزلنا


يقول عبد العزيز محمد، 41 عامًا، الحياة في غزة أصبحت مستحيلة أنا وأسرتي لم نتناول اللحوم منذ 4 شهور، ونعيش على بعض الخبز والأطعمة الخفيفة كالجبن والزعتر والزيت فالمعونات توقفت والرواتب تضاءلت بشدة ولم يعد لدينا مصدر للرزق.


وأضاف محمد، منذ 3 شهور لم أستطع توفير ثمن الإيجار الشهري وأصبحت مضطرًا لترك منزلي وانتقلت مع أسرتي للعيش في مقبرة عائلتي حيث يوجد بها غرفتان.


وتابع، نعيش وسط شواهد القبور والموتى ولا نختلف عنهم كثيرًا، لم يعتد أبنائي منظر شواهد القبور ويعانون من الكوابيس يوميًا، ولا يختلف الوضع كثيرًا بالنسبة لي ولوالدتهم، الأزمة الحقيقية أننا ندرك أن الوضع ليس مؤقتًا فالجهات الرسمية والمؤسسات الخيرية عاجزة عن تقديم المساعدة لنا.


وأضاف، الأوقات تمر علينا بصعوبة شديدة، فلا طعام ولا أجواء طبيعية، وأطفالي يلعبون بين الموتى في مأوى لا يصلح للحياة الآدمية خاصة أن المقابر غير مجهزة لحياة البشر وتمتلئ بالحشرات العادية والخطيرة كالثعابين والعقارب.

الجميع يحتاج للمال ولا أحد يملكه.. والعالم عاجز عن مساعدتنا


في السياق ذاته، يقول علي خالد، 38 عاما: معظم أهل غزة يعيشون في حالة من الفقر المدقع غير المسبوق، وزاد عدد سكان المقابر بشكل كبير بسبب عجزهم عن سداد قيمة إيجار سكنهم، وكذلك الملاك لا يملكون إلا طرد السكان على أمل أن يجدوا آخرين قادرين على الدفع لاحتياجهم للأموال أيضًا، فالأمر أشبه بالدائرة المحكمة الإغلاق، الجميع يحتاج للمال ولا أحد يملكه.


وأضاف خالد، العالم يقف مشاهدًا ويعجز عن مد يد العون لنا، والحصار الإسرائيلي ازداد شراسة بسبب فرض حصار آخر أكبر بسبب كورونا، انتقلت للمقابر كما فعل الآلاف من أهل غزة، نعيش بلا خدمات وعدنا مئات السنين للخلف ونستخدم الحطب والأخشاب لصنع موقد نستخدمه لإعداد طعامنا وشربنا والتدفئة أيضًا.


وأوضح خالد أنه يحصل على 210 دولارات أميركية كل ثلاثة شهور بواقع 70 دولارا شهريًا، مضيفًا أن أقل من دولارين ونصف الدولار يوميًا لا يكفون للحصول على الطعام فقط ولا ينجحون في تلبية أي متطلبات حياتية، فأحصل على الأموال وأعطيها لزوجتي التي تصنع بها بعض المخبوزات والحلوى لبيعها في المقابر وما حولها وهذه هي مهمتي ومهمة أبنائي.