"بلومبيرغ": أردوغان أطاح بإقبال من البنك المركزي لمخالفته سياساته.. والليرة ستهوى

اقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان محافظ البنك المركزي وعين بديلا له

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان

ما زال قرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بإقالة محافظ البنك المركزي التركي ناجي إقبال، بعد ٥ أشهر من توليه المنصب، يثير الجدل عالميا ومحليا، لتهوى الليرة بشدة أمام الدولار الأميركي.

لم يتحمل الاستقامة


بينما يرى الكاتب المتخصص في الشؤون الاقتصادية الآسيوية بشبكة "بلومبيرغ" الأميركية، دانيال موس، أن قرار أردوغان بإقالة إقبال، يرجع لكون الرئيس التركي لم يستطع تحمل حوالي ٥ أشهر من الاستقامة في السياسة النقدية، التي نفذها محافظ البنك المركزي السابق.

وقال موس: إن أي شخص في منصب محافظ البنك المركزي خلال الأشهر الماضية، كان عليه الاختيار بين خسارة إما الليرة وإما دعم أردوغان، ولذلك رفع إقبال الفائدة لحماية الليرة، بما يخالف رغبات الرئيس التركي.

شهاب كاوجي


واتجه أردوغان لتعيين شهاب كاوجي أوغلو المؤيد للفوائد المنخفضة لمواجهة التضخم، كونه معارضا لمسار إقبال، ومؤيد لفكر الرئيس، حيث يهدفان لتقويض الاستقرار النسبي الذي شهدته الليرة التركية، بسبب رفع إقبال أسعار الفائدة بطريقة متدرجة لكن قوية.

وأكد موس أن التضخم البالغ بتركيا لم يمنح الحاكم السابق الكثير من الخيارات، ولن يتوقف أيضا بسبب وجود حاكم جديد للبنك المركزي.

وشرح المتخصص فى الشؤون الاقتصادية ذلك، عبر مقاله في "بلومبيرغ"، أنه تم تداول أن إقبال رفع أسعار الفائدة بمئتي نقطة أساس الأسبوع الماضي، وهو رقم بلغ ضعفي ما توقعه الاقتصاديون، لكنه خاطر باستفزاز أردوغان الذي يملك نظرة غير مستقيمة إلى أسعار الفائدة المرتفعة، فهو يظن أنها تسبب التضخم عوض لجمه.

وأشار إلى أن عددا صغيرا من القيادات أبدت لارتياحها تجاه رفع أسعار الفائدة بـ875 نقطة أساس منذ نوفمبر الماضي، ويصبح هذا الأمر أكثر واقعية مع أردوغان الذي يتعامل اليوم مع الحاكم الرابع للبنك المركزي التركي في أقل من عامين.

وأوضح أن إقبال كسب تأييد الأسواق دون تجاوز التوقعات في 18 مارس الجاري، حيث تمكن من تحويل الليرة من أسوأ عملة أداء في الأسواق الناشئة خلال الربع الثالث إلى واحدة من أفضلها في الأشهر الثلاثة الماضية.

انهيار الليرة 


وتابع: إن معدل الفائدة الأساسي في تركيا هو 19%، والتي تعد نسبة مرتفعة ليتقبلها أي اقتصاد أو نظام سياسي.

وتوقع أن تكون الزيادة الأخيرة في الفائدة أكبر من مجرد احتواء للارتفاع في الأسعار، حيث كانت تهدف لمواجهة التضخم، الذي وصل إلى 15.6% في فبراير الماضي، حيث إن الزيادة البسيطة في أسعار الفائدة مكنتها من الحفاظ على ثقة المستثمرين من خلال النظر إلى أسعار الفائدة في الاقتصادات المتقدمة وبعض الاقتصادات الناشئة.

إقالة مخزية


فيما ندد موس بطريقة إقالة محافظ البنك المركزي، والتي وصفها بالطريقة المخزية غير المحنكة، بعد فترة وجيزة من توليه المنصب، معتبرا تلك الوظيفة من أكثر الوظائف خطورة في الاقتصادات الدولية.

وتابع: إن "تلك هي الطريقة التي قد تتصرف بها جمهورية موز، لا عضو في مجموعة الاقتصادات العشرين الكبرى، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية".

كما لفت إلى أن توقيت إقالة إقبال يعني أن أردوغان توقع اضطراب السوق بسبب ذلك، لتتراجع الليرة بشكل كبير يوم الاثنين.

وفي محاولة لتقليل مخاوف المستثمرين من احتمال السيطرة على رأس المال أو الليرة، خرج وزير الخزانة لطفي إلفان في تصريحات قال فيها: إن تركيا ستظل ملتزمة بالأسواق الحرة، وبنظام الصرف الأجنبي الليبيرالي.

مأساة اقتصاد تركيا


واعتبر موس أن رحيل إقبال يعد مأساة في آفاق الاقتصاد التركي لم تكن غير مؤاتية بالكامل، حيث ازداد الناتج المحلي الإجمالي 5.9% في الربع الرابع بالمقارنة مع الفترة نفسها من العام السابق، وبشكل أسرع من جميع اقتصادات دول مجموعة العشرين باستثناء الصين.

وتابع: إنه تحت قيادته توقعت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن تكون تركيا واحدة من أكبر الفائزين، حيث سيزداد الناتج القومي التركي إلى 5.9% هذه العام، وهو رقم يقارب ضعفي التقدير السابق، وبذلك، تتقدم تركيا بشكل بارز على دول الأسواق الناشئة مثل إندونيسيا، والمكسيك، والبرازيل، رغم أنهم لا يعانون من التضخم نفسه الذي تشهده تركيا.

مستقل قاتم للمحافظ الجديد


ولذلك يرى موس أن الحاكم الجديد للبنك المركزي التركي سيعكس الاتجاه الحالي بالكامل ويعيد البلاد إلى الخلف، بتدهور أكبر في الاقتصاد، حينما كانت السياسة النقدية حينها في فوضى كاملة. 

ورجح أن يبدأ كاوجي أوغلو  بالعودة عن قرار الأسبوع الماضي الخاص برفع أسعار الفائدة، قبل انعقاد لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي المتوقع في أبريل المقبل، وهو ما سيقابله تكلفة عالية.

ويرى موس بما أن أي شخص في ذلك المنصب يواجه خيارا صعبا، بالخسارة الحتمية سواء إما الليرة وإما دعم أردوغان، ولكن كاوجي أوغلو حسم اختياره لإرضاء أردوغان فقط، دون مصلحة البلاد النقدية.