الاستثمارات التركية.. وسيلة «أردوغان» لإحكام قبضته على «فرماجو»

الاستثمارات التركية.. وسيلة «أردوغان» لإحكام قبضته على «فرماجو»
صورة أرشيفية

تتواصل خطط الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للتدخل في شؤون الغير يحركها وهم إعادة الخلافة والسيطرة على الدول العربية، وتحتل الصومال منذ وقت طويل مكانة رئيسية في مخططات أردوغان، لتثبيت أقدام نظامه داخل منطقة القرن الإفريقي مستغلًا حالة الصومال الذي يعاني من الحرب الأهلية وانتشار الإرهاب والتطرف، ليحاول أردوغان الاستحواذ على نصيب واسع من حركة التجارة العالمية بين الشرق والغرب لما للصومال من موقع مهم وثروات مدفونة.

"البيرق" يد أردوغان المسيطرة على مقديشو

مجموعة البيرق التركية حصلت على عقد لتطوير الميناء في العاصمة الصومالية مقديشو لمدة 14 عامًا جديدًا، بعد أن حصلت في عام 2014 على حقوق تشغيل ميناء مقديشو لمدة 20 عامًا قضت منه 6 أعوام حتى الآن.


ومجموعة البيرق التي فازت بالميناء البارز على ساحل القرن الإفريقي، أسست كشركة متخصصة في الأعمال الإنشائية في العام 1952، ثم توسعت ابتداء من الثمانينيات لتضم إلى نشاطاتها مجالات جديدة، أبرزها التصنيع والإعلام. 


وبعد فوز حزب العدالة والتنمية برئاسة أردوغان بالسلطة في تركيا العام 2003، أصبحت البيرق أكبر داعميه وحلفائه الماليين داخل تركيا، كما أصبحت النوافذ الإعلامية التي أنشأتها المجموعة: صحيفة يني شفق اليومية، أو قناتي كانال 7، وأولك تي في، أبواقاً دعائية لنظامه، ومروجاً رئيسياً لسياساته باللغات التركية والعربية والإنجليزية.


وذلك بعد عام واحد فقط من استحواذ الأتراك على مطار مقديشو في سبتمبر 2013، لصالح الشركة التركية فيفوري إل إل سي، والمقربة من أردوغان، والتي حصلت على عقد امتياز، يمنحها الحق في تطوير وإدارة مطار مقديشو. 


وفي وقت لاحق، نشرت تسريبات حول الطريقة التي حصلت بها فيفوري على هذا العقد من قبل مجموعة الأمم المتحدة المعنية بمراقبة الصومال وإريتريا، أشير خلالها إلى أن الشركة التركية قدمت رشوة مقدارها 1.8 مليون دولار إلى أعضاء بارزين في حكومة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، مقابل إطاحة الأخيرين بمجموعة إس كي إيه الجنوب إفريقية التي كانت ترغب في إدارة المطار، وإرساء الاختيار على فيفوري دون منافس.

أردوغان يراهن على إعادة انتخاب فرماجو لضمان نفوذه بالصومال

رغبات أردوغان لم تتوقف عن النفوذ الاقتصادي والعسكري في الصومال فقط، بل تطورت لاستخدام مكتسباتها ليكون لها قرار ونفوذ في الانتخابات الرئاسية التي ستنعقد في البلاد في فبراير القادم.


وكشف موقع "أفريكان إنتليجنس" عن أن تركيا تراهن بقوة على إعادة انتخاب الرئيس الصومالي محمد عبدالله فرماجو خلال الانتخابات المقبلة، بتقديمها دعمًا قويًا له والوقوف وراءه، خوفًا من رجل الأعمال أبشير عدن فيرو الذي ألمح مرارًا مناهضته للتدخل التركي السافر في الشؤون الصومالية.


الدعم التركي غير المسبوق لـ"فرماجو" أجبره على العمل في خدمة المخطط التركي وتقديم تسهيلات للشركات التركية للسيطرة التامة وتوسيع نفوذها حتى يضمن استمراره في منصبه.


صحيفة "التايمز" البريطانية كانت قد حذرت من النفوذ التركي الآخذ في التزايد داخل الصومال منذ عام 2011، إذ أرسلت شحنات معونات ضخمة خلال فترة المجاعة، وفي العام نفسه، زار أردوغان مقديشو.


وأشارت إلى أنه منذ هذا الوقت استثمرت تركيا نحو 100 مليون دولار في مشروعات بنى تحتية وعززت روابط التجارة الثنائية لتصل إلى 206 ملايين دولار في أول 10 أشهر من العام الماضي.


وأوضحت أن تركيا أقامت علاقات مع الحكومة الصومالية، ومولت عدداً من المواقع الإخبارية المحلية لدعم رجالها في كبرى المناصب السياسية والعسكرية، وكذلك افتتاح أكبر مجمع لسفارتها في مقديشو عام 2016.

دعم حركة الشباب ونشر الفساد يضمنان لـ"تركيا" الاستمرار في السيطرة

منذ زيادة نفوذ الشركات التركية في مقديشو أصبح الفساد والاستعانة بعناصر من حركة الشباب داخل مناصب مختلفة في المؤسسات الحيوية للصومال أمرًا طبيعيًا، حيث قدمت الشركات التركية وعلى رأسها مؤسسة البيرق منح مالية ضخمة لحركة الشباب الإرهابية بسبب احتياج النظام التركي لوجود خطر وتهديد دائم للحكومة الصومالية يدفعها للاستعانة الدائمة بأنقرة.


وهو ما أعطى أردوغان القدرة على ممارسة الضغوط على الحكومة الصومالية اقتصاديًا من خلال استثماراته وإجبارها على تبني خططه، فطبقا لتقرير الفساد الصومالي، الذي أصدرته منظمة GAN، وهي منظمة مدعومة دولياً مقرها الدنمارك، هدفها جمع المعلومات عن الفساد الاقتصادي للدول، فإن الرشوة أصبحت شائعة في ميناء مقديشو، منذ أصبحت مجموعة البيرق هي المسؤولة عن مهمة تخليص البضائع جمركياً من الميناء، إضافة إلى شيوع التجارة في البضائع المهربة من خلاله.


كما شهد العام 2018، القبض على الصومالي أحمد علي سامو، رئيس هيئة الضرائب في ميناء مقديشو، ومعه تسعة آخرون بتهمة الاستحواذ على الرسوم التي جمعها من الميناء البحري، لتهاجم الصحافة الحرة في الصومال وقتها ميناء مقديشو وتؤكد أنه أصبح بوابة كبيرة للفساد في البلاد.