أردوغان وإسرائيل.. تقارب يكشف القناع المزيف مع فلسطين

أردوغان وإسرائيل.. تقارب يكشف القناع المزيف مع فلسطين
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان

تحاول تركيا المحاصرة إعادة إحياء العلاقات مع إسرائيل لكسر عزلتها الدولية، فأردوغان حريص على طي صفحة الخلافات مع تل أبيب، حيث يتولى الخصم القديم لأردوغان وهو جو بايدن منصبه رئيسا للولايات المتحدة؛ ما دفع أردوغان لمحاولة إصلاح العلاقات مع إسرائيل ولو على حساب القضية الفلسطينية التي يتشدق بها الرئيس التركي في أي مناسبة. 

عزلة تركيا

لأكثر من عقد من الزمان، كانت تركيا واحدة من أكثر منتقدي إسرائيل على المسرح الدولي، ووصل الخطاب المناهض لإسرائيل من كبار المسؤولين، بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، إلى حد الانهيار، كما اتخذت أنقرة إجراءات أغضبت المسؤولين في إسرائيل، وأبرزها تقديم الدعم لحركة حماس الإرهابية، وفقا لما ذكرته صحيفة "تايمز أوف إسرائيل".

لكن في الأسابيع الأخيرة، استخدم أردوغان نبرة مختلفة بشكل ملحوظ تجاه إسرائيل، معربًا عن اهتمامه بتحسين العلاقات مع حليف تركيا السابق، وقال في شهر ديسمبر الماضي: "نرغب في أن نتمكن من نقل علاقاتنا معهم إلى نقطة أفضل".

ويأتي هذا التغيير في الموقف التركي مدفوعًا بالتحولات العالمية والإقليمية التي دفعت أنقرة للخلف في مواجهة الجدار وأصبحت معزولة عن أوروبا والعديد من الدول العربية، كما أنها تواجه بيتًا أبيض يحتمل أن يكون غير ودي، بينما يستمر اقتصادها في التضرر من فيروس كورونا.

وقد يساعد فتح فصل جديد مع إسرائيل في إعادتها إلى الغرب واستعادة علاقة عسكرية مثمرة.

عودة العلاقات

وقال سيلين ناجي، الباحث التركي في العلاقات الدولية، والمقيم حاليًا في لندن: "ما لم تكتشفه تركيا بعد هو أنها لم تعد شريكًا لا غنى عنه لإسرائيل".

وبحسب الصحيفة الإسرائيلية، فإن المخاوف بشأن النفوذ الإيراني في سوريا والاهتمام التركي بالغاز الطبيعي الإسرائيلي، حلت أنقرة وتل أبيب خلافاتهما رسميًا في يونيو 2016. 

وتمت استعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة، من بين مبادرات إيجابية أخرى مثل المساعدة التركية أثناء حرائق الغابات في إسرائيل في ذلك العام.

لكن المصالحة لم تدم. استدعت تركيا سفيرها وطلبت من المبعوث الإسرائيلي المغادرة في مايو 2018.

وخلال فترات الصعود والهبوط، لم يقطع الجانبان العلاقات تمامًا، وبينما عانت السياحة، حافظت البلدان على التجارة والنشاط الدبلوماسي الهادئ.

ومنذ مايو، بدأت عملية تقارب جديدة. في ذلك الشهر، هبطت طائرة تابعة لشركة "إل عال" في تركيا لأول مرة منذ عقد، وظهرت تقارير تفيد بأن تركيا ستعيد سفيرها إلى تل أبيب.

وأكد أردوغان في تصريحاته خلال ديسمبر على أمل تحسين العلاقات أن العلاقة الاستخباراتية بين الجانبين لم تتوقف أبدًا، وعلى عكس خطاباته الأخرى حول إسرائيل، والتي يُنظر إلى الكثير منها على أنها شعبوية ومخصصة للاستهلاك المحلي فقط، فإن تعليقاته الآن تؤخذ على محمل الجد.

وقالت الدكتورة جاليا ليندنشتراوس، باحثة بارزة في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب: إن "بيان أردوغان له مغزى، فهو مشابه لتصريحه قبل اتفاقية التطبيع لعام 2016؛ لذا فهي بالتأكيد شهادة على النوايا الجادة من الجانب التركي". 

ما وراء عودة العلاقات

ولكن هناك عدة أسباب ملحة لتركيا لإصلاح علاقاتها مع إسرائيل، وعلى رأسها تاريخ الخصومة الشخصية بين أردوغان والرئيس الأميركي جو بايدن، والذي يعني زيادة عزلة تركيا الدولية في ظل رفض العرب التصالح مع أردوغان.

وكان أردوغان من آخر قادة العالم الذين هنؤوا بايدن بفوزه، ووفقًا للتقارير الأميركية لم يقبل بايدن بعد عرض أردوغان التحدث معه عبر الهاتف.

وقال كوهين: "ينبع التحول الحالي في السياسة الخارجية التركية من حقيقة وجود قيادة جديدة في واشنطن".

يحاول أردوغان إصلاح العلاقات مع جو بايدن، من أجل القيام بذلك، وأطلق تقاربًا جديدًا ليس فقط مع الولايات المتحدة، ولكن أيضًا مع حلفاء الولايات المتحدة، أي إسرائيل والاتحاد الأوروبي.

وخارج الولايات المتحدة، تجد تركيا نفسها معزولة بشكل متزايد، ويمكن أن تواجه تنافسًا إقليميًا مواليًا للغرب يتحول إلى كتلة معادية لتركيا، في ظل التنقيب التركي العدواني عن الغاز في شرق البحر المتوسط والهجمات العسكرية.