أحمد زكي يماني.. رحيل مؤثر لعراب الذهب الأسود السعودي

أحمد زكي يماني.. رحيل مؤثر لعراب الذهب الأسود السعودي
أحمد زكي يماني

في مشهد مؤثر حزين، ودعت السعودية اليوم، وسط الإجراءات الاحترازية في مقبرة المعلاة، الراحل أحمد زكي يماني، وزير البترول السابق بعد الصلاة عليه في المسجد الحرام.

وتوفي وزير النفط السعودي السابق، أحمد زكي يماني، في العاصمة البريطانية لندن، منذ يومين، عن عمر ناهز 90 عاما.

البداية والنشأة


ولد أحمد زكي يماني في مدينة مكة عام 1930، ودرس بها حتى الثانوية، ثم سافر إلى مصر وحصد البكالوريوس من كلية الحقوق من جامعة القاهرة عام 1952.

وبعد 3 أعوام حصل على منحة لدراسة القانون في الولايات المتحدة بمعهد نيويورك للقانون، ثم حصل على الماجستير في الحقوق من جامعة هارفارد، ودرجة الدكتوراه من جامعة إكزيتر البريطانية.

عراب الذهب الأسود


وبعد تلك المسيرة العلمية المزهرة، تولى اليماني عدة مناصب حكومية بارزة بالحكومة السعودية، حيث عين المستشار القانوني لمجلس الوزراء عام 1958، ثم تولى منصب وزير البترول والثروة المعدنية في 1962 والذي استمر فيه لربع قرن من الزمن، أي حتى عام 1986.

وخلال تلك فترة توليه الوزارة حقق مكاسب ضخمة للمملكة، لذلك لُقب بـ"عراب الذهب الأسود" لدوره المعروف في تطوير الصناعة النفطية في السعودية، كما كان أول أمين عام على رأس منظمة الأوبك، وساهم في تطوير كثير من قوانينها، وكان من أقوى المؤثرين في مسيرة منظمة أوبك.

دعم الثروات العربية


اشتهر أيضا خلال السبعينيات بأنه كان مهندس حملة العالم العربي للكشف عن موارد الطاقة الموجودة في المنطقة العربية، وتولى تمثيل البلدان العربية المنتجة للنفط، على المسرح العالمي. 

كما ساهم في نجاح الصناعة النفطية من الأحداث العديدة التي شهدتها المنطقة مثل الحروب العربية الإسرائيلية، والثورة الإسلامية في إيران وغيرها، بما حقق للمملكة عوائد ضخمة.

عمل أيضا على الترويج للنفط السعودي والعربي بين قارات العالم من أوروبا وآسيا وأميركا، حيث التقى بقادة الحكومات، واصطف بمواقف بارزة مع الدول العربية، منها إعلان دول الخليج ومنظمة "أوبك" حظر النفط على الولايات المتحدة والبلدان الأخرى التي كانت تدعم إسرائيل خلال حرب أكتوبر عام 1973، حيث وصل الأمر به إلى التهديد بتفجير آبار النفط السعودية حال إقدام واشنطن على غزو بلاده للسيطرة على آباره النفطية.

وقال عنه المؤلف دانيال يرغين، في كتابه المؤثر عن صناعة النفط "الجائزة": إنه "أصبح يماني بالنسبة لصناعة النفط العالمية وللسياسيين وكبار الموظفين وللصحفيين وللعالم بأسره ممثلا لعصر النفط الجديد، بل رمزا له.. وبات وجهه، بعينيه البنيتين الكبيرتين اللطيفتين، ولحية فان دايك المشذبة والمنحنية قليلا، مألوفا لكوكب الأرض".

رهينة الثعلب


من بين المواقف الشهيرة والبارزة في حياة الوزير السعودي السابق، أنه تم احتجازه كرهينة، عام 1975، في العاصمة النمساوية، فيينا، حيث يقع مقر منظمة الأوبك، من قبل إليش راميريز سانشيز، الفنزويلي المعروف باسم كارلوس الثعلب.

واحتجز وقتها الثعلب 60 رهينة من بينهم 13 من وزراء أوبك، لمدة يومين، وقسمهم إلى ثلاثة أقسام، هم "دول صديقة، وأخرى عدوة، وثالثة محايدة"، وبث عبر الإذاعات النمساوية بيانا أعلن فيه عن دعمها للقضية الفلسطينية، وطالب بتوفير طائرة وحافلات نقل الرهائن إلى المطار.

وعقب يومين، نقل الوزراء وعددا آخر من وفود الدول عبر حافلة إلى مطار مهجور، ومنه إلى الجزائر، وأجرى المفاوضات مع المسؤولين الجزائريين الذين نجحوا في إقناع الخاطفين بالإفراج عن جميع الرهائن مقابل مساعدات مشروطة.

العمل بعد الوزارة


بعد تركه العمل لوزارة النفط السعودية عقب مسيرة حافلة، في عام 1988، دشن اليماني مركز "مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي" كفرع جديد لمؤسسته يماني الخيرية، بهدف المحافظة على الأعمال الإسلامية التاريخية وتعريفها للعالم.

وبعد عامين، أنشأ "مركز دراسات الطاقة العالمي" في لندن، المتخصص بتحليل الأسواق لتوفير معطيات ومعلومات موضوعية حول القضايا المتعلقة بالطاقة.