مقتل طيار أميركي ونقل واشنطن لقواعدها من الدوحة.. ما الذي ينتظر قطر؟

أعلنت أميركا نقل قواتها من قاعدة العديد في الدوحة

مقتل طيار أميركي ونقل واشنطن لقواعدها من الدوحة.. ما الذي ينتظر قطر؟
صورة أرشيفية

تزايدت التقارير مؤخرًا حول قيام الولايات المتحدة بسحب قواتها من قاعدة العديد القطرية إلى دول خليجية مجاورة، بعدما استخدمت أميركا تلك القاعدة على مدار ١٣ عاما كانت قطر تحتمي فيهم بالقاعدة العسكرية الأكبر للأميركيين في المنطقة.

وحسبما أكدت مواقع وتقارير أميركية،فقد قرر الجيش الأمريكي إغلاق ثلاث قواعد مترامية الأطراف في قطر، تستخدم كمستودعات للذخيرة والأسلحة.

وكانت الولايات المتحدة تستخدم قاعدة “العديد” الجوية في قطر لإدارة قواتها الجوية في منطقة شاسعة للغاية، تمتد من شمال شرق إفريقيا حتى جنوب آسيا مرورًا بالشرق الأوسط؛ حيث تقوم بإدارة المقاتلات النفاثة والطائرات من دون طيار والطائرات الحاملة للمتفجرات وكل الأسلحة الجوية الأخرى، كل ذلك من خلال مبنى إداري واحد في ذلك البلد الخليجي الصغير.

تحركات منذ ٢٠١٩

إلا أنه منذ عام ٢٠١٩، بدأت الولايات المتحدة بسحب 300 طائرة من مركز قيادة العمليات الجوية والفضائية بـ”العديد”؛ حيث كان يتم استخدام تلك الطائرات في مناطق شديدة الأهمية، مثل سوريا وأفغانستان والخليج العربي، ومن ثَمَّ قامت الولايات المتحدة بتحويل زمام الأمور إلى قاعدة “شاو” الجوية بولاية ساوث كارولينا الأميركية، تلك التي تبعد بنحو 7000 ميل من قاعدة العديد. 

وعلى الرغم من إعادة تشغيل قاعدة العديد الجوية بعد ذلك، إلا أن القرار الأميركي كان بمثابة تحول تكتيكي بالغ الأثر، ولم يكن مجرد حدث عابر، وهو ما أثبتته التحركات الأميركية الأخيرة بشأن نقل معدات القاعدة ومقوماتها إلى دول خليجية أخرى، الأمر الذي جاء تزامنا مع تصعيد الأمور بين أميركا وإيران.

واشنطن بوست تحذر من أنشطة إيرانية

في ذلك الوقت، قبل عامين، تابعت صحيفة “الواشنطن بوست” تلك العملية العسكرية غير المعلنة؛ وهي المرة الأولى التي يتم فيها نقل مركز قيادة العمليات خارج حدود المنطقة المشار إليها منذ أن تم إنشاء مركز للقيادة بالمملكة العربية السعودية؛ أي منذ اندلاع حرب الخليج عام 1991.

وبحسب الصحيفة، كان بعض المسؤولين بالقوات الجوية الأميركية قد أرجعوا ما حدث إلى ما تسببت فيه النشاطات العسكرية الإيرانية الأخيرة؛ حيث قامت باستهداف طائرة تجسُّس أميركية من دون طيار في يونيو الماضي، فضلًا عن ضرب البنية التحتية للنفط السعودي في عملية تدميرية واسعة النطاق؛ تلك العملية التي تم تنفيذها على الأغلب باستخدام أسلحة إيرانية. 

بينما أشار قائد مركز قيادة العمليات الجوية والفضائية “609 كول”، فريدريك كولمان، إلى ما دعاه بالنيَّات المبيتة لدى إيران لضرب القوات الأميركية، وهو ما تؤكده المعلومات الواردة من أكثر من مصدر.

ويؤكد المحللون المهتمون بالشأن الإيراني أن مقتل ضابط أميركي في قاعدة العديد يفقد الثقة في قطر، ويزيد من احتمالات “اندلاع مواجهة عسكرية مع إيران قد ينتج عنه استهداف مركز قيادة العمليات في قاعدة العديد، وهو أمر يدعو إلى القلق".


وفاة ضابط أميركي بظروف غامضة 

وكان ضابط أميركي، برتبة مقدم في سلاح الجو الأميركي، توفي في قطر مؤخرًا بظروف غامضة.

وكان الكولونيل “جيمس ويليس” ، 55 عامًا، قائد سرب 210 ريد هورس، نيو مكسيكو الجوية الحرس الوطني، توفي في قطر بقاعدة العديد الجوية. 

عملية انتقامية

وفي إشارة ضمنية إلى عملية انتقام نفذتها طهران، ذكرت مواقع إخبارية إيرانية، أن الضابط المتوفى المدعو جيمس ويليس، كان له دور في عملية اغتيال قائد "فيلق القدس" قاسم سليماني.

هل الحرس الثوري وراء الحادث؟ 

بينما كشفت عدة روايات عن تفاصيل الحادث، مشيرة إلى أن أحد رجال الحرس الثوري الإيراني بالدوحة خطط لقتل الضابط الأميركي برفقة 2 من مساعديه .

وبحسب وكالة "سبوتنيك" الروسية، نوهت مصادر مطلعة أكدت أن “جيمس ويليس” كان شارك في مقتل قادة إيرانيين وقادة الفصائل الإيرانية في العراق.

وأوضحت المصادر أنه تم رصده واستهدافه عدة مرات لاغتياله داخل الدوحة لكنه نجا من الموت.

صمت قطري

على الجانب الآخر لم تعلن قطر حتى الآن تفاصيل الحادث، وما أسفرت عنه نتائج التحقيق التي صرحت به الولايات المتحدة عند إعلان وفاة الطيار الأميركي بالدوحة، وإن كانت فتحت السلطات القطرية تحقيقا بالفعل أم لم يحدث ذلك .
 
كان ويليس لديه سبع مهام وفقًا لسيرته في سلاح الجو. كانت أطول مهمة له من 2004 إلى 2014 كضابط علمي في فريق الدعم المدني لأسلحة الدمار الشامل- وعمل ضمن فريق متخصص للحوادث الكيميائية أو البيولوجية أو الإشعاعية أو النووية.
 
نقل القواعد الأميركية من قطر 

وحسبما نقل موقع “ستارز أند سترايبس” العسكري الذي يشرف عليه الجيش الأميركي، قال محللون إن “هذه الخطوة تجعل واشنطن في وضع أفضل للتعامل مع تهديدات طهران، وتعكس الأولويات المتغيرة للجيش الأميركي بالمنطقة”.

كما أكدوا أن الولايات المتحدة بدأت في نقل قواتها ومعداتها إلى الأردن .

ونوه الموقع القريب من البنتاغون، إلى بيان أصدره الجيش الأميركي، الأسبوع الماضي، والذي جاء فيه أنه “تم إغلاق معسكر السيلية الرئيسي في قطر، الشهر الماضي، إلى جانب معسكر السيلية الجنوبي، ونقطة إمداد بالذخيرة تسمى فالكون”.

خفة التعامل مع تهديدات إيران 

ووصف خبراء أمنيون قرار الولايات المتحدة بنقل القواعد في قطر إلى الأردن بأنه قرار جيد سيفيد أميركا بالنزاعات مع إيران، لافتين إلى خفة التعامل معها بشكل أفضل.

وأضاف، أن نقل القوات الأميركية إلى الأردن يقلص تهديد الهجمات الصاروخية في منطقة الخليج من الميليشيات المدعومة إيرانيا، لافتًا إلى أن تهديد الضربات الصاروخية ضد القوات الأميركية، مثل هجوم العام الماضي الذي استهدف قاعدة الأسد الجوية، وأسفر عن أكثر من مائة إصابة، هو أداة مهمة في إستراتيجية طهران التفاوضية.

ووفقا للخبراء، فإن التهديد الإيراني جزء هام من إستراتيجية طهران التفاوضية وهذا ما يتم حرمان إيران منه بعد نقل القواعد من قطر.

ولفتوا إلى أن الهجوم على قاعدة الأسد الجوية بالعراق بالعام الماضي، والذي خلف أكثر من 100 جريح كان ضِمن أدوات إيران .

ما الذي ينتظر قطر؟

حسبما ذكرت تقارير عديدة في الصحف الأميركية، لطالما احتمى أمير قطر، تميم بن حمد، في تصريحاته التي هاجم فيها دول الخليج، وامتدح خلالها إيران و«حزب الله»، بقاعدة «العديد» العسكرية، واعتبرها تمثل حصانة لقطر من جيرانه! على حد زعمه.

 ويأتي انسحاب الولايات المتحدة من قطر ليؤكد أن الدوحة فقدت الحماية العسكرية الأميركية، وهو ما يؤكده تقرير "ستارز آند سترايبس"، ضمنيًا.

 وكانت قاعدة «العديد» الجوية، جنوب الدوحة، تضمن لقطر حمايتها من تحمل تكاليف الأطماع الإيرانية التي لا تتوقف، ومع تواجد الأعداد الضخمة للحرس الثوري الإيراني في الدوحة، يمكن أن تنقض إيران على قطر بين ليلة وضحاها، لتضمها إلى المحيط الفارسي عمليا.

 كما كانت القاعدة تضمن حصول الدوحة على الأسلحة المتطورة، والتي بموجبها اشترت قطر من الولايات المتحدة 104 صواريخ «باتريوت» الدفاعية مقابل 12 مليار دولار، وهو ما سيتم حرمان قطر منه بالانسحاب الأميركي من العديد.

عِلاوة على ذلك، فإن الانسحاب الأميركي من قطر يخلي الساحة أمام قرارات أميركية جادة في مواجهة الدوحة، أكبر مستضيف للعناصر الإرهابية في الشرق الأوسط.