محلل سياسي سوداني: البلاد على شفا كارثة إنسانية.. والخرطوم لم تعد تصلح للحياة
محلل سياسي سوداني: البلاد على شفا كارثة إنسانية.. والخرطوم لم تعد تصلح للحياة

تتفاقم الأزمة الإنسانية في السودان بشكل غير مسبوق، مع دخول الحرب بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع عامها الثالث، وسط تصاعد التحذيرات من مجاعة واسعة النطاق وانهيار شامل في النظام الصحي والخدمات الأساسية.
ووفق تقارير منظمات إنسانية، يعاني نحو 25 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي، في وقت يواجه فيه أكثر من نصف السكان خطر الجوع الحاد، بينهم ملايين الأطفال الذين باتوا مهددين بسوء التغذية الحاد أو الموت.
في العاصمة الخرطوم ومناطق النزاع، دُمرت شبكات الكهرباء والمياه، وتعرضت المستشفيات للنهب أو الإغلاق، ما تسبب في تفشي الأوبئة، خصوصًا الكوليرا التي حصدت أرواح مئات وأصابت الآلاف خلال الأشهر الأخيرة، وسط عجز كامل عن الاستجابة الطبية الفاعلة.
في دارفور وسينار والنيل الأزرق، تتواصل التقارير عن انتهاكات مروعة لحقوق الإنسان، خاصة ضد النساء، حيث سُجلت مئات حالات العنف الجنسي في مخيمات النزوح، وسط غياب أي حماية قانونية أو تدخل فاعل من المؤسسات.
ورغم إطلاق الأمم المتحدة لخطة استجابة إنسانية تتطلب أكثر من 4 مليارات دولار لمساعدة 21 مليون شخص، فإن التمويل الدولي ما يزال محدودًا للغاية، ولم يصل حتى منتصف العام إلى 15% من المطلوب، ما ينذر بكارثة تتجاوز إمكانيات المنظمات الإنسانية.
وفي ظل هذه الظروف، تؤكد منظمات الإغاثة أن الأوضاع في السودان باتت من بين الأسوأ عالميًا، وتدعو المجتمع الدولي إلى تحرك عاجل ليس فقط عبر الإغاثة، بل أيضًا بالضغط لوقف القتال وإيجاد حل سياسي شامل يعيد الأمل لملايين المدنيين العالقين في دوامة الحرب والجوع.
حذر المحلل السياسي السوداني الدكتور محمد عبد الله من التدهور غير المسبوق في الأوضاع الإنسانية بالسودان، مؤكدًا أن استمرار الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع قد أدخل البلاد في حالة من الانهيار الشامل، سياسيًا وإنسانيًا، وأصبحت بعض المناطق، وعلى رأسها الخرطوم، "غير صالحة للحياة".
وقال الدكتور عبد الله - للعرب مباشر-: إن الحرب المدمرة أدت إلى نزوح الملايين، وتسببت في شلل تام للمرافق الصحية والتعليمية، وأدت إلى تفشي المجاعة وسوء التغذية، في ظل غياب شبه كامل للسلطة المركزية وفشل المساعي الإقليمية والدولية لوقف إطلاق النار.
وأشار، أن تفشي الأمراض مثل الكوليرا، والانقطاع التام للكهرباء والمياه في العديد من المناطق، يعكس حجم الانهيار، مضيفًا أن السودان يواجه "أزمة معيشية هي الأقسى في تاريخه الحديث"، وأن استمرار القتال سيدفع بمزيد من السكان إلى الهروب أو الموت البطيء.
وأوضح عبد الله، أن الخطر لا يهدد الوضع الإنساني فحسب، بل يهدد كيان الدولة السودانية نفسه، حيث بدأت بعض الأطراف المسلحة في ترسيخ سلطات موازية على الأرض، بما ينذر بتفكك فعلي إذا استمرت الأزمة دون حلول.
وختم بالقول: إن المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية كبرى في الضغط لوقف الحرب ودعم خطة إنقاذ إنسانية شاملة، داعيًا جميع الأطراف السودانية إلى إدراك حجم الكارثة وتقديم تنازلات من أجل وقف النزيف وإنقاذ ما تبقى من الوطن.