دبلوماسية ناجحة في عصر الفوضى والحرب.. كيف عزّزت الإمارات من مكانتها العالمية والإقليمية؟

عزّزت الإمارات من مكانتها العالمية والإقليمية

دبلوماسية ناجحة في عصر الفوضى والحرب.. كيف عزّزت الإمارات من مكانتها العالمية والإقليمية؟
رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان

في عالم مليء بالانقسامات والنزاعات، يعتبر بناء الجسور سمة متميزة، حيث قدمت دولة الإمارات درسًا مُتقنًا في كيفية قيام دولة مؤثرة بالمناورة ببراعة وسط الفوضى، وقد عزز نهجها في الدبلوماسية الخارجية من مكانتها الدولية، ومنحها القدرة على التحدث إلى أطراف مختلفة حول العديد من القضايا، فهذا النهج يقدم دراسة حالة مثيرة للاهتمام حول الممارسة الدبلوماسية في وقت يتسم بعدم الاستقرار العالمي، حسبما نشرت مجلة "مودرن دبلوماسي" الأمريكية. 
 
دبلوماسية ناجحة 

وبحسب المجلة، فإنه بالرغم من التعداد السكاني الصغير للإمارات، فقد نجحت في استغلال مواردها وثرواتها لتعزيز دبلوماسيتها وبناء الجسور مع العالم الخارجي، وممارسة نفوذها بفن وحكمة. 

وتابعت، أن هذه الدبلوماسية كانت ظاهرة في ظل مأساة الحرب في غزة التي بدأت في 7 أكتوبر، وكانت الإمارات قد وقّعت اتفاقيات إبراهيم مع إسرائيل قبل ثلاث سنوات لتطبيع العلاقات الدبلوماسية، وعلى هذا النحو، كان على أبو ظبي أن تسير على حبل مشدود دقيق، حتى لا تجد نفسها على خلاف مع شركائها الإقليميين، ومع ذلك، فإن علاقاتها مع واشنطن وتل أبيب - إلى جانب صوتها في العالم العربي - جعلها في وضع يمكنها من مغازلة اللاعبين العالميين الرئيسيين وإجراء حوار إيجابي. 

وشمل ذلك دعوات دولية رائدة لتقديم المساعدات للفلسطينيين المحاصرين في غزة، وفي 22 ديسمبر اعتمد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القرار رقم 2720، الذي اقترحته الإمارات، والذي دعا إلى زيادة تدفق المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة إلى الفلسطينيين في غزة، وقد تمت الموافقة عليه من قبل 13 من أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة البالغ عددهم 15 عضوًا، وهو ما يشير إلى نفوذ الإمارات حول هذه الطاولة باعتبارها أحد أعضائها غير الدائمين. 

وبحسب المجلة، فقد شغلت أبو ظبي مقعدها في مجلس الأمن بين عامي 2022 و2023، وأثبتت أنها صوت ليس فقط للعالم العربي، بل جنوب العالم خلال اللحظات الكبرى. فهي لم تتصدر الدعوات لوقف إطلاق النار في غزة فحسب، بل قامت أيضًا بتنظيم زيارة لمبعوثي الأمم المتحدة إلى رفح قبل التصويت؛ حتى يتمكن الدبلوماسيون من رؤية الدمار والمعاناة الإنسانية المستمرة بأنفسهم. 
 
دور رائد في الحرب 

وأوضحت المجلة، أنه على الأرض في غزة، عززت الإمارات أيضًا علاقاتها مع الأطراف المختلفة في الحرب لفتح مستشفى ميداني في غزة، والذي زارته "شبكة سي إن إن"، ولم يكن ذلك ممكنًا لولا علاقاتها مع إسرائيل. 

وتابعت أن الإمارات أعدت نفسها للعب دور في استقرار الوضع في قطاع غزة خلال مرحلة ما بعد الحرب، من خلال التحدث مرة أخرى مع جميع الأطراف. 

وقالت المجلة: إن الدافع لاختيار دعم جانب واحد قوي في هذه القضايا ليس بالأمر الجيد حيث يتعلق الأمر بفن الحكم الفعّال، بدلًا من مجرد التباهي، فقد يكون من الأذكى والأفضل العمل بفعالية بين الأطراف المختلفة. 
 
قمة المناخ 

وأفادت المجلة بأن الإمارات قدمت قيادة بارعة في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28) في دبي، ولم يكن دورها كمضيف لمؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28) خاليًا من الجدل نظرًا لأن دولة الإمارات العربية المتحدة تعد من بين أكبر عشر دول مصدرة للنفط في العالم، بناءً على احتياطياتها من الوقود الأحفوري، ولكن زعماء القمة في مؤتمرات الأطراف يعلقون أهمية كبيرة على التحدث إلى أطراف مختلفة، وعلى إطلاق العنان للتمويل للدول الأكثر فقرًا؛ من أجل التحول في مجال الطاقة. 

وقالت: إن كل قمة لمؤتمر الأطراف هي بمثابة تدريب على دفع هذه القضايا المعقدة إلى الأمام، والحفاظ على الزخم وإضافة أفكار جديدة، ولم يكن مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28) استثناءً، فقد أظهر قدرة دولة الإمارات على مغازلة جميع اللاعبين الرئيسيين خلال فترة عدم الاستقرار والحرب العالمية. كانت دولة الإمارات رائدة في العمل قبل وأثناء COP28، فعلى سبيل المثال، تم الإعلان عن استثمارها بقيمة 4.5 مليار دولار في مشاريع الطاقة المتجددة في جميع أنحاء إفريقيا في قمة المناخ الإفريقية الافتتاحية التي عقدت في "نيروبي" خلال سبتمبر، كما تتطلع أبو ظبي أيضًا إلى الشرق، وتحديدًا آسيا من خلال خططها لزيادة الاستثمارات الآسيوية، في الوقت الذي تتطلع فيه إلى بناء "ممر من الفرص"، من خلال الصفقات التجارية لرابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان). 

أصبحت الإمارات أيضًا أحد الوافدين الجدد إلى نادي البريكس + مع شريكتها العربية الإقليمية "المملكة العربية السعودية"، وبالنسبة لدولة الإمارات العربية المتحدة - تمامًا كما هو الحال بالنسبة للأعضاء الحاليين - فإن الانضمام إلى مجموعة البريكس هو وسيلة لتعظيم وصولها إلى أجزاء مختلفة من العالم.