صرخات من رفح.. فلسطينيون يروون حكايات هروبهم من جحيم الشمال إلى لهيب رفح

صرخات من رفح.. فلسطينيون يروون حكايات هروبهم من جحيم الشمال إلى لهيب رفح

صرخات من رفح.. فلسطينيون يروون حكايات هروبهم من جحيم الشمال إلى لهيب رفح
صورة أرشيفية

لم يجد النازحون من رفح ملاذًا آمنًا في المدينة التي استقبلتهم بعد أن هجروا منازلهم في شمال ووسط القطاع جراء القصف الإسرائيلي. فبعد أن أعلن نتنياهو عزمه تدمير أربع كتائب لحماس في رفح، بدأ النازحون يعودون إلى أماكنهم السابقة أو يبحثون عن مكان آخر للإيواء، وقد أجرت "العرب مباشر" مقابلات مع بعض النازحين الذين عبروا عن مشاعرهم المتناقضة بين الخوف والأمل والاستسلام. 

في الوقت نفسه، تواجه مصر تحديًا صعبًا في مساعيها لإنقاذ قطاع غزة من حرب جديدة، خاصة في ظل تصاعد التوتر بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، ويسعى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من خلال استضافته كل من مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية "سي أي إيه" وليام بيرنز، ورئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، إلى الضغط على الجانبين للوصول إلى اتفاق هدنة يضمن وقف إطلاق النار بشكل دائم، في الوقت الذي تحذر فيه الأمم المتحدة من أن أي هجوم عسكري على غزة سيكون له عواقب كارثية على المدنيين الفلسطينيين. 
 
*لا يوجد مكانًا آمنًا* 

بعد أن ذاقوا مرارة النزوح الأول من شمال ووسط القطاع يروي فلسطينيون معاناتهم مع استمرار الحرب، ويقول خالد أبو خليل أحد النازحين من شمال القطاع، إنه لا يزال يقيم في خيمة في رفح رغم التهديدات الإسرائيلية. 

وأضاف أبو خليل لـ"العرب مباشر"، لقد هربنا من الشمال إلى الحدود مع مصر، والآن يريدون منا أن نرحل مرة أخرى، ولكن إلى أين نذهب؟ لا يوجد مكان آمن في القطاع، مضيفًا، تعرضت للتعذيب على يد الجنود الإسرائيليين عندما اقتحموا منزلي في الشمال اقتادوني إلى مكان مجهول، وسألوني عن حماس وعن أسلحتها وعن أماكنها، لم أجب سوى بأنني مجرد مدني لا أعرف شيئًا عن هذه الأمور. 

وتابع أبو خليل، تركوني في الشارع بعد أن أخذوا كل ما لدي، بعد أن تحول منزلي إلى ركامًا، لقد جئت إلى رفح مع زوجتي وابنتي الوحيدة، ولكننا لم نجد سوى الفقر والمرض والخوف. 

تقول النازحة منى محاجنة، من خان يونس، فقدت ابني الأصغر في قصف إسرائيلي وتضيف: القصف كان يهوي على رؤوسنا بشكل جنوني، سمعت دوي انفجار قريب ورأيت حالة الفزع ويهتف عدد من المواطنين أن هناك 7 أطفال قتلوا ركضت إلى هناك، ولكنني لم أجد سوى الدماء والأشلاء والصراخ.  

وتابعت محاجنة في حديثها لـ"العرب مباشر"، بحثت عن ابني بين الضحايا بجنون ولم أجده، وبالبحث عنه قالوا لي أنه توفي على الفور مع أطفال آخرين، لذلك فررت إلى رفح مع أبنائي الآخرين، ولكنني لا أشعر بالحياة بعد فقدان ابني، والآن يتعرض أبنائي الآخرين للخطر نفسه، وأنا مطالبة بأن أذهب بهم من جحيم رفح المفترض إلى جحيم الشمال الواقع. 
 
*لعلنا نرتاح من هذا الجحيم* 

تُمسك غدير بيد ابنتها الصغيرة ريم، بينما تسير بخطوات ثقيلة في أحد شوارع رفح المزدحمة، دموعها تنهمر على وجنتها دون توقف، حاملة معها حكاية نزوح قاسية من شمال غزة، وفي حديثها لـ"العرب مباشر"، تروي غدير كيف هربت من منزلها في بيت حانون مع عائلتها بعد قصفه من قبل طائرات الاحتلال الإسرائيلي، تركت خلفها كل ذكرياتها، ورحلت بحثًا عن الأمان في رفح. 

لم تجد غدير مكانًا لائقًا للإقامة في رفح، فاتجهت إلى أحد المخيمات التي تعج بالنازحين من مختلف مناطق القطاع. تعيش غدير مع عائلتها في خيمة صغيرة، تعاني من نقص الطعام والماء والاحتياجات الأساسية. 

وتُكافح يوميًا من أجل توفير لقمة العيش لأطفالها، بعد أن فقدت أبيهم في الشمال وحتى الآن لا تدرك هل مات أم لا يزال حيًا، ولكنه أصبح واحدًا من آلاف المفقودين، تُحاول غدير رسم ابتسامة على وجوههم وسط الظروف الصعبة، تنتظر غدير بفارغ الصبر انتهاء هذه الحرب، وتُمني النفس بالعودة إلى أنقاض بيتها في بيت حانون. 

تقول غدير لـ"العرب مباشر" بالطبع اتمنى العودة إلى بيت حانون، ولكن الخطر لم ينته هناك فكيف أغامر بأبنائي بعد أن وصلت إلى رفح بمعاناة شديدة، مضيفة، أناشد المجتمع الدولي بوقف القصف والحرب لم نعد نستطيع الاحتمال وإذا أرادت إسرائيل اجتياح رفح وقتلنا، فلتفعل ذلك لعلنا نرتاح من هذا الجحيم.