العراق.. هل فشل الصدر في أن يكون ظهيرًا قوميًا للبلاد؟.. خبراء يجيبون

تعيش العراق حالة من الغليان

العراق.. هل فشل الصدر في أن يكون ظهيرًا قوميًا للبلاد؟.. خبراء يجيبون
صورة أرشيفية

يخوض رجل الدين الشيعي وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر صراعًا شديدًا مع القيادات الشيعية الأخرى في البلاد والمتحالفة تحت اسم "الإطار التنسيقي" - مدعومة من إيران - على تشكيل الحكومة، حيث فاز مقتدى الصدر بأغلب مقاعد البرلمان وكان متأهبًا لتشكيل حكومة توافقية تضم كل الأطراف الوطنية من شيعة وسُنة وكرد، لكن اصطدم بقوى مضادة تشرح بشكل واضح النفوذ الإيراني في العراق من خلال بوابة القضاء، إذ صدر أمر قضائي بأن تشكيل الحكومة يتطلب تصويت ثلثي البرلمان، مما جعل من المستحيل على الصدر تشكيل الحكومة.

رفض التدخل الإيراني

يمثل التيار الصدري قوة سياسية كبيرة في الساحة، وحقق التيار حتى الآن اختراقاً واضحاً للهيمنة الإيرانية لأول مرة منذ الغزو الأميركي وسقوط نظام صدام حسين في عام 2003، كانوا الجبهة الشيعية الوحيدة التي وقفت ضد الوجود الأميركي في وقت كانت فيه معظم القوى الشيعية قد داهنت الأميركيين للوصول إلى السلطة، وتحقيق نفوذ واضح على حساب الكتلة السنية التي تراجعت عمداً عن المنافسة وظهرت كأقلية ضعيفة، وعلى مدار سنوات طويلة كانت إيران مسيطرة على العراق من خلال أحزاب سياسية تمتلك ميليشيا مسلحة، حتى ظهر الصدر منذ حوالي ثلاثة أعوام بموقف رافض للتدخل الإيراني ضمنياً أو صراحة، من خلال مواقفه التي كان آخرها رفضه لقاء رئيس «فيلق القدس» قبل شهر، وإغلاقه مدرسته الدينية في مدينة قم الإيرانية، الصدر رفض الحوار مع القوى السياسية الأخرى، الإطار التنسيقي، وهو الحوار الذي ترأسه رئيس حكومة تصريف الأعمال مصطفى الكاظمي، إضافة لاجتماع الأمس الخاص بالرئاسات الثلاث، الواقع أن إعلان مقتدى الصدر الانسحاب من العمل السياسي الذي فاجأ الجميع، يوضح تعقيد المشهد في العراق، والصعوبة التي يواجهها الصدر في معركته ضد أنصار إيران في العراق، على رأسهم نوري المالكي. 
 
إعلان الطوارئ

من جانبه، أكد د. مصلح السعدون، المحلل السياسي العراقي، أن جميع مقترحات الحلول للأزمة العراقية تم استنزافها، مؤكدًا أن مقتدى الصدر أصبح مضطرًا لأن يعلن رفع يده عن المتظاهرين وتركه لهم باختيار الطريق إما الانسحاب وترك السياسة بالاستمرار بتدمير البلاد ونهب ثرواتها أو المواجهة وكانت النتيجة المواجهة.

وأضاف السعدون في تصريحات لـ"العرب مباشر"، يتضح من خلال ما يحدث أن الشعب العراقي لن يتراجع عن مطالبه بالتغيير ولكن هذه المرة لن يكون التغيير سهلا كما يتوقع البعض بل ستسيل دماء كثيرة وسوف يأخذ وقتًا أطول مقارنة  بحجم الفساد وتغوّل الفصائل المسلحة وعمالة الساسة للخارج وحجم الجرائم التي ارتكبت طوال السنوات العشرين الماضية في العراق، ودخول العشائر بأسلحتها على خط الأزمة والتحاق منتسبي القوات الأمنية المرتبطين بالفصائل المسلحة إلى فصائلهم واستخدام الأسلحة الثقيلة والصواريخ يعزز هذا التوقع، من المحتمل أن تصدر المحكمة الاتحادية رأيًا وليس قرارًا بمقترح حل البرلمان كونها ستنعقد على شكل جلسة تشاورية وليست مرافعة.

وتابع السعدون، أن وصول قاآني وقيادات من الحرس الثوري للعراق قد يكون له تأثير كذلك كبير في ازدياد عدد الخسائر في صفوف المتظاهرين لاسيما أن الآلاف من الحرس الثوري دخل الحدود العراقية قبل يومين بحجة الزيارة الأربعينية، بعد اقتحام ثلاثة ملايين زائر للحدود بين البلدين والدخول عنوة بدون جوازات أو تأشيرات دخول من منافذ الشلامچة وزرباطية والمنافذ الأخرى بين البلدين، المنطقة الخضراء بأكملها الآن تحت سيطرة المتظاهرين وهناك قناصة ومواجهات بين مسلحين من جهة والمتظاهرين تساندهم مجاميع مسلحة تابعة لسرايا السلام محافظات البصرة وذي قار وواسط والقادسية وديالى سقطت هي الأخرى بيد المتظاهرين الاغتيالات بين صفوف قادة الفصائل من جهة وسرايا السلام التابعة لمقتدى الصدر بلغت أكثر من ١٥ قياديا، مؤكدًا أن تأخر رئيس الجمهورية في إعلان حالة الطوارئ للسيطرة على الوضع سيدفع الأجهزة الأمنية التي تقوم بحماية العاصمة بغداد والمحافظات الوسطى والجنوبية إلى انهيار طويل.


 
إنذار وتحذير

في السياق ذاته، أكد د. عبدالكريم الوزان، أن الأوضاع في العراق لم تكن مفاجئة بل بالعكس كانت متوقعة، فهي رسالة تعمد مقتدى الصدر تقديمها إلى الأحزاب السياسية، بعدما طلب منهم عدم المشاركة في الحكومة القادمة، مضيفًا، لذلك تلقى الصدر ردود فعل سلبية، ولذلك أراد أن يرد على ذلك من خلال التصعيدات الجارية، وبالفعل أسقط الحكومة عندما اقتحم أنصاره القصر الجمهوري ومجلس الوزراء والبرلمان.

وأضاف المحلل السياسي العراقي، في تصريحات لـ"العرب مباشر"، أن هذه العملية أمام الطرف المقابل يعتبرونها تحديًا للدستور والأعراف والقوانين في حين يرى مقتدى الصدر أن العملية عبارة عن إنذار وتحذير.
 
وتوقع الوزان، أن الزعيم الشيعي مقتدى الصدر يناور ويبعث برسائل ويتحدى وينسحب بإشارة، ولذلك أدت التصعيدات إلى قتلى بالعشرات وجرحى، متوقعا استمرار التصعيدات حتى يحصل السيد مقتدى الصدر على ضمانات، مضيفًا، ليس ببعيد أن يتدخل المجتمع الدولي بشكل حاسم إذا ما تفاقم الوضع أكثر في البلاد.