في مذكرة قانونية.. إيران تتهم الوكالة الذرية بالتشهير وتلوّح بالخروج من معاهدة حظر الانتشار
في مذكرة قانونية.. إيران تتهم الوكالة الذرية بالتشهير وتلوّح بالخروج من معاهدة حظر الانتشار

كشفت مذكرة قانونية إيرانية تم توزيعها بين دبلوماسيين قبل أيام من انعقاد اجتماع حاسم للوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا، أن طهران رفعت من مستوى المواجهة مع الوكالة التابعة للأمم المتحدة، واتهمت مفتشيها باستخدام لغة تشهيرية وتقديم معلومات غير دقيقة وأدلة قديمة، وذلك في إطار خلاف متفاقم حول أنشطة إيران النووية، وذلك وفقًا لما نشرته وكالة "بلومبرج" الأمريكية.
ومن المقرر أن يُعقد اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية في 9 يونيو، حيث تلوّح الدول الغربية بإمكانية إحالة الملف الإيراني إلى مجلس الأمن الدولي بسبب ما تعتبره فشلًا مستمرًا من طهران في الالتزام بالتزاماتها الدولية في إطار اتفاقات الضمانات النووية.
خلافات حادة بشأن تخصيب اليورانيوم
يأتي هذا التصعيد في وقت تعثرت فيه المحادثات غير المباشرة بين طهران وواشنطن بشأن البرنامج النووي الإيراني، بعد خلاف كبير حول ما تعتبره الجمهورية الإسلامية حقًا لها في تخصيب اليورانيوم.
ويُنظر إلى هذا الخلاف بوصفه نقطة انفجار جديدة في العلاقات بين الطرفين، تعيد الأزمة إلى مربع الجمود.
اتهامات إيرانية غير مسبوقة ضد الوكالة
وتضمن التقرير الإيراني، المؤرخ في 3 يونيو والمكوّن من 19 صفحة وأعدّه دبلوماسيون إيرانيون، أول رد تحليلي مفصل على تقرير المفتشين الذي صدر في 31 مايو.
وهاجم التقرير المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل ماريانو غروسي، متهمًا إياه بتشويه الأنشطة الإيرانية من خلال معلومات كاذبة ومعادة التدوير.
واتهمت طهران المفتشين باستخدام لغة وصفها التقرير بـ"التشهيرية"، لا سيما عند الإشارة إلى مزاعم مفادها أن إيران استولت على وثائق سرية للغاية تعود للمفتشين الدوليين.
وكانت الوكالة قد أثارت غضب طهران من خلال فقرة وردت في تقريرها السري واطلعت عليه وكالة بلومبيرغ، نقل فيها غروسي: أن هناك "أدلة حاسمة" على أن إيران جمعت وحللت وثائق شديدة السرية تخص الوكالة، وهو ما اعتبرته الوكالة أمرًا يثير قلقًا بالغًا بشأن نوايا إيران ويقوض فاعلية نظام الضمانات المفروض عليها.
وامتنعت المتحدثة باسم الوكالة عن الإدلاء بمزيد من التفاصيل حول طبيعة الوثائق المفقودة أو المعلومات التي تتضمنها.
إيران ترفض الاتهامات وتحذر من تجاوز الصلاحيات
ورغم أن برنامج إيران النووي طالما وُجّهت إليه اتهامات بتورطه في عمليات تجسس مضادة أو اختراقات استخباراتية، إلا أن اعتراف الوكالة الدولية صراحة في تقريرها بأنها فقدت السيطرة على بعض المعلومات يُعد سابقة.
وفي هذا السياق، قال طارق رؤوف، الرئيس السابق لسياسة التحقق النووي في الوكالة: إن "الوكالة لم يسبق لها أن أقرت في تقرير رسمي بأنها فقدت السيطرة على معلومات حساسة".
وأضاف: أن "إيران تبدو الآن كمن يرفع السقف، عبر اتهام المدير العام بتجاوز صلاحياته".
مناخ سلبي يعقّد فرص الحل الدبلوماسي
يتزامن هذا التصعيد مع حالة من التدهور في العلاقة بين الوكالة وإيران؛ مما يقلل من احتمالات التوصل إلى تسوية دبلوماسية شاملة.
وما تزال فرق التفتيش التابعة للوكالة الدولية تقوم بزيارات مراقبة يومية إلى المواقع النووية الإيرانية المعلنة، وهي زيارات يُفترض أن تلعب دورًا حاسمًا في التحقق من أي اتفاق يتم التوصل إليه بين الولايات المتحدة وإيران في المستقبل.
لكن المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، آية الله علي خامنئي، أعلن الأربعاء رفضه لما وصفه بـ"العرض المتغطرس" الأخير الذي قدمته إدارة ترامب، مشيرًا أن المقترح الأمريكي يتضمن استمرار المطالبة بوقف إيران لتخصيب اليورانيوم، وهو ما ترفضه طهران بشكل قاطع.
العودة إلى مجلس الأمن
وفي ظل غياب أي تقدم في التحقيقات التي تجريها الوكالة، قالت دول أوروبية، إنها مستعدة لإعادة الملف الإيراني إلى مجلس الأمن الدولي، وهو ما قد يؤدي إلى إعادة فرض العقوبات الدولية الواسعة على طهران، والتي من المفترض أن تنتهي صلاحيتها في أكتوبر المقبل.
وقد لوّحت إيران في المقابل برد صارم، حيث جاء في المذكرة القانونية التي وزّعتها على الدول الأعضاء في الوكالة: أنه "في حال قررت هذه الدول استغلال صبر إيران والمضي في مسارها الخاطئ، فإن إيران ستجد نفسها مضطرة، بما يتناسب مع تطور الظروف وسلوك الأطراف الأخرى، لاتخاذ وتنفيذ قرارات مناسبة".
ويشمل ذلك، بحسب التلميحات الإيرانية، إمكانية الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، التي تُعد الركيزة الأساسية لمنع انتشار الأسلحة النووية منذ أكثر من خمسين عامًا، وهو ما من شأنه أن يفتح مرحلة جديدة وخطيرة من التصعيد الدولي مع إيران.