المجاعة تزحف وجبهات القتال تشتعل.. السودان بين الجفاف والمعارك

المجاعة تزحف وجبهات القتال تشتعل.. السودان بين الجفاف والمعارك

المجاعة تزحف وجبهات القتال تشتعل.. السودان بين الجفاف والمعارك
الحرب السودانية

بين مطر نادر ودماء لا تتوقف، يدخل السودان عامه الثالث في أتون حرب مدمرة تهدد حياة الملايين، المجاعة التي كانت حتى وقت قريب شبحًا بعيدًا باتت اليوم واقعًا يزحف ببطء نحو دارفور وكردفان، مدفوعة بجفاف قاتل، واقتصاد منهار، وصراع دموي لا يرحم، اللجنة الدولية للصليب الأحمر تطلق ناقوس الخطر محذرة من كارثة إنسانية وشيكة، بينما يتكفل القتال بمنع أي محاولة للإغاثة أو الترميم، على الأرض، تسقط مدن، وتُقتلع عائلات من جذورها، وتُقصف طرق الحياة، في مشهد تتقاطع فيه الأزمة البيئية مع الانهيار الأمني، وبينما تتقاتل قوات الجيش والدعم السريع على جسور استراتيجية، تنهار حياة الملايين المدنيين في صمت، هذه ليست حربًا فقط، بل انهيار شامل لدولة ومجتمع ونظام دعم هش لم يعد يقوى على الصمود.

*تحذيرات دولية*


مع دخول النزاع في السودان عامه الثالث، تأخذ الكارثة الإنسانية أبعادًا أكثر قسوة، خصوصًا مع اقتراب موسم الجفاف في سبتمبر المقبل، اللجنة الدولية للصليب الأحمر حذرت من تصاعد خطير في مستويات الجوع، وسط تدهور الأمن الغذائي، وتآكل شبكات الدعم الإنساني في ولايات دارفور وكردفان، حيث تقبع آلاف العائلات في العراء، بلا غذاء ولا دواء، وتحت قصف لا يتوقف.

وتقول اللجنة: إن أكثر من 10 ملايين سوداني نزحوا عن ديارهم، وهو رقم يُعد من الأعلى عالميًا منذ بداية النزاع في أبريل 2023، مما جعل السودان مسرحًا لأكبر موجة نزوح داخلي في القارة الإفريقية اليوم.

الوضع لا يتوقف عند حدود النزوح، بل يمتد إلى انهيار اقتصادي شامل أجهز على خدمات المياه والصرف الصحي، وعطّل النظام الصحي، ومزّق الأسواق، وهو ما يهدد قدرة الملايين على تأمين الحد الأدنى من الاحتياجات.

*معارك ضارية*


في إقليم دارفور، ما تزال مدينة الفاشر تشهد قتالًا شرسًا، وسط محاولات من الجيش السوداني المدعوم بقوات محلية لاستعادة مواقع استراتيجية من قبضة قوات الدعم السريع، التي تسيطر على أكثر من 90% من مناطق الإقليم.

وتُعد الفاشر آخر معقل رئيسي للجيش في شمال دارفور، وسقوطها يعني ترجيح كفة الدعم السريع في الإقليم بالكامل.

في كردفان، المشهد لا يقل خطورة، المعارك اشتدت قرب مدينة الأبيض، كبرى مدن الإقليم، حيث أعلنت قوات الدعم السريع مقتل 350 جنديًا من الجيش السوداني خلال معركة وصفتها بـ"الضارية".

ووفقًا لبيانها، فإن الدعم السريع تمكنت من السيطرة على منطقة كازقيل جنوب الأبيض، واستحوذت على 45 عربة قتالية وطائرات مسيّرة وكميات كبيرة من الأسلحة والذخائر.

المناطق المعزولة في جبال النوبة والفاشر، إضافة إلى أجزاء من جنوب كردفان، تواجه اليوم خطر المجاعة الفعلية، لا فقط المجاعة المحتملة. 

فبحسب تقديرات الصليب الأحمر، تعاني هذه المناطق من نقص حاد في المواد الغذائية، وغياب شبه تام للخدمات الصحية، ونظام دعم اجتماعي مثقل بالأعباء، لا يقوى على الاستجابة.

ليس القتال وحده هو ما يُغذي المجاعة، بل الحصار المتبادل، وعرقلة دخول المساعدات، والتخريب المتعمد للبنية التحتية، الطرق مقطوعة، والقوافل الإغاثية تتعرض للاستهداف، والمنظمات الدولية تواجه تحديات لوجستية وأمنية في الوصول إلى أكثر المناطق تضررًا.

 وبحسب تقارير ميدانية، فإن سكان بعض القرى في جنوب كردفان يعيشون منذ أشهر على وجبة واحدة كل 48 ساعة.

وتزداد الأزمة تعقيدًا مع استمرار غياب أي أفق سياسي للحل، وانهيار جهود الوساطة التي كانت تأمل وقف إطلاق النار.

الأمم المتحدة، التي تواجه صعوبات في التمويل والاستجابة، باتت تلوّح بإمكانية انهيار جهود الإغاثة بالكامل إذا استمرت المعارك وازداد الوضع المناخي سوءًا، خاصة مع بداية الجفاف الذي قد يمتد حتى نهاية العام.