خبراء : التصعيد بين إيران وإسرائيل لعبة توازنات خطرة قد تنفجر في أي لحظة

خبراء : التصعيد بين إيران وإسرائيل لعبة توازنات خطرة قد تنفجر في أي لحظة

خبراء : التصعيد بين إيران وإسرائيل لعبة توازنات خطرة قد تنفجر في أي لحظة
نتنياهو

في مشهد يعيد إلى الأذهان أجواء الحرب الإقليمية، يشهد الشرق الأوسط تصعيدًا خطيرًا بين إيران وإسرائيل، وسط ضربات عسكرية متبادلة، وتصريحات نارية من الجانبين، وتحركات ميدانية تفتح الباب على احتمالات وسيناريوهات متعددة، قد تصل إلى مواجهة شاملة تشمل أطرافًا إقليمية أخرى.

ضربات مباشرة.. وردود "محسوبة"

بدأ التصعيد الأخير بهجوم يُعتقد أنه إسرائيلي استهدف مواقع تابعة للحرس الثوري الإيراني في دمشق، أودى بحياة قيادات عسكرية بارزة، من بينهم جنرال بارز في "فيلق القدس".

 وردّت إيران عبر إطلاق طائرات مسيّرة وصواريخ بالستية باتجاه أهداف إسرائيلية، تم اعتراض معظمها، لكنها مثّلت أول عملية هجومية مباشرة من الأراضي الإيرانية نحو إسرائيل.

ورغم أن الضربات جاءت "محسوبة"، دون رغبة واضحة في توسيع رقعة الاشتباك، فإن استمرارها يحمل في طياته مخاطر كبيرة، في ظل تمركز قوات أمريكية في المنطقة، وتحركات لوكلاء إيران من اليمن ولبنان وسوريا.

توازن ردع أم تمهيد لحرب؟

يذهب بعض المحللين إلى أن الطرفين يسعيان لتثبيت "توازن ردع جديد"، يتيح لكل طرف فرض قواعد اشتباك جديدة دون الذهاب إلى حرب شاملة. إلا أن التصعيد الميداني قد يؤدي إلى انزلاق غير مقصود نحو مواجهة مفتوحة، خاصة في حال وقوع خسائر بشرية كبيرة أو استهداف منشآت استراتيجية حساسة.

السيناريوهات المتوقعة..

استمرار الضربات المحدودة:


السيناريو الأقرب حاليًا هو بقاء الضربات في إطار "الحرب الرمادية"، أي عمليات محدودة لا تصل إلى درجة إعلان حرب، مع احتفاظ كل طرف بحق الرد، وربما عبر وسطاء أو وكلاء في ساحات ثالثة.

تصعيد إقليمي واسع:


في حال تكرار الضربات وسقوط ضحايا من الطرفين، أو استهداف منشآت نووية أو عسكرية حساسة، قد تتطور الأمور إلى تصعيد يشمل حزب الله في لبنان، وميليشيات في سوريا والعراق، ويصل إلى البحر الأحمر حيث ينشط الحوثيون.

تدخل أمريكي مباشر:


أي هجوم إيراني مباشر على إسرائيل قد يستجلب ردًا أمريكيًا، خاصة إذا استهدفت طهران مصالح أمريكية في الخليج أو العراق. وقد يتحول حينها الصراع من مواجهة إيرانية- إسرائيلية إلى صراع أوسع بين إيران والغرب.

العودة إلى التهدئة عبر وسطاء:


دول كسلطنة عمان وقطر وأطراف أوروبية قد تلعب دور الوسيط لتخفيف التوتر، خاصة إذا أحست واشنطن وتل أبيب أن التصعيد يضر بالاستقرار الإقليمي ويهدد الملاحة والطاقة.

المشهد الحالي ينذر بخطر حقيقي، والمواجهة لم تعد احتمالًا نظريًا.

 ومع غياب أفق سياسي واضح، واستمرار تبادل الرسائل العسكرية، تبقى المنطقة مفتوحة على جميع السيناريوهات، من الردع المدروس إلى الانفجار الكبير.

وأكد الدكتور إسماعيل تركي، أستاذ العلوم السياسية، أن التصعيد العسكري المتبادل بين إيران وإسرائيل يعكس حالة من "لعبة التوازنات الخطرة"، التي تسعى فيها كل دولة إلى فرض قواعد اشتباك جديدة دون الدخول في حرب شاملة، لكن الخطر الحقيقي يكمن في احتمالية فقدان السيطرة أو ارتكاب أحد الطرفين خطأ استراتيجيًا يُشعل المنطقة بأكملها.

وأوضح تركي، في تصريحات خاصة للعرب مباشر، أن الضربات المتبادلة بين الجانبين لم تعد تقتصر على الساحات غير المباشرة كسوريا والعراق، بل امتدت لتشمل الأراضي الإيرانية والإسرائيلية، وهو ما يمثل تصعيدًا غير مسبوق، يُنذر بتجاوز الخطوط الحمراء التقليدية.

وأضاف: "إيران تحاول الرد على الاستهدافات المتكررة لقادتها في سوريا وداخل إيران، من خلال رسائل مباشرة وغير مباشرة، لكن إسرائيل أيضًا تسعى لمنع تموضع الحرس الثوري على حدودها، وتعتبر أي تمدد إيراني في سوريا أو لبنان تهديدًا وجوديًا".

وأشار أن الخطر الأكبر يتمثل في دخول أطراف أخرى على خط المواجهة، مثل: حزب الله أو الحوثيين أو حتى الميليشيات الشيعية في العراق؛ ما سيحوّل التصعيد إلى صراع إقليمي مفتوح.

وختم الدكتور إسماعيل تركي تصريحاته قائلًا: "المنطقة الآن على حافة الهاوية.. وأي انفجار عسكري كبير لن يقتصر على تل أبيب وطهران فقط، بل ستمتد تداعياته إلى العواصم العربية والخليجية أيضًا، في ظل غياب أي مبادرة تهدئة جدية من المجتمع الدولي".

قال الدكتور محمد أبو النور ، الباحث المتخصص في الشؤون الإيرانية: إن التصعيد العسكري المتبادل بين إيران وإسرائيل يحمل أبعادًا تتجاوز الرد العسكري المباشر، مشيرًا أن طهران تستغل هذه اللحظة لإعادة ترتيب أوراقها على المستويين الداخلي والإقليمي، خاصة بعد تراجع هيبتها إثر سلسلة من الضربات التي طالت قادة بالحرس الثوري.

وأوضح ، في تصريحات للعرب مباشر، أن إيران "تحاول توجيه رسائل متعددة الأطراف"، مفادها أنها ما تزال لاعبًا قويًا ومؤثرًا في المنطقة، وأنها تمتلك أدوات الرد سواء عبر أراضيها مباشرة أو عبر وكلائها المنتشرين في اليمن ولبنان والعراق وسوريا.

وأضاف، أن "الضربة الإيرانية المباشرة على إسرائيل، رغم أنها كانت رمزية ومحسوبة، تمثل تحوّلًا كبيرًا في قواعد الاشتباك، وتهدف إلى استعادة الردع وتصدير صورة القوة للداخل الإيراني الذي يعاني من أزمات اقتصادية واجتماعية متراكمة".

وأشار زهران، أن ردّ إسرائيل جاء أيضًا تحت سقف السيطرة؛ مما يدل على رغبة الطرفين في تجنب الحرب الشاملة، لكن الخطر الأكبر يتمثل في احتمالية اتساع رقعة التصعيد بفعل تدخل أطراف غير منضبطة أو حدوث خطأ ميداني يؤدي إلى انفجار الوضع.

واختتم زهران تصريحه قائلاً: "الشرق الأوسط يعيش مرحلة من التوتر الهش.. والحسابات الدقيقة قد تسقط بلحظة، ما لم يتم التدخل لاحتواء الأزمة دبلوماسيًا عبر وسطاء فاعلين".